وليس بشيء؛ لأن المشهور في البيت (ذو) بالواو، وذلك لا يجوز في التي بمعنى صاحب، لاستلزامه أن يخفض (عند) بالإضافة؛ إذ لا تدخل التي بمعنى صاحب إلا على اسم مخفوض، أو (تسلم) في قولهم: اذهب بذي تسلم، ولم يسمع خفض (عند) بغير من، وهذا البيت لمنظور بن سحيم الفقعسي، وقبله:
(ولست بهاج في القرى أهل منزل ... على زادهم أبكي وأبكّي البواكيا)
(فأما كرام موسدون أتيتهم ... البيت)
وبعده:
(وأما كرام معسرون عذرتهم ... وأما لئام فادّخرت حيائيا)
(وعرضي أبقى ما ادخرت ذخيرة ... وبطني أطويه كطي ردائيا)
ومعنى هذا الشعر التمدح بالقناعة، والكف عن أعراض الناس، يقول: الناس ثلاثة أنواع: موسرون كرام فاكتفي منهم بمقدار كفايتي، /١١/ ومعسرون كرام فاعذرهم، وموسرون لئام فاكف عن ذمهم حياء.
وقوله: في القرى، هو بكسر القاف، طعام الضيف، و(في) للسببية، مثلها في قوله تعالى: ﴿لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، وربما توهم متوهم أنها للظرفية، فضم القاف على أنه جمع لقرية، وقوله: (على زادهم ... إلخ) صورته الإثبات، ومعناه النفي؛ لأنه تفسير لخبر ليس، وإن قدر خبرًا ثانيًا فلا أشكال، وذكر البكاء تمثيل، والمعنى: أنه لا يأسف لما يرى من الحرمان أسف من يبكي ويبكّي غيره.
1 / 55