184

Takhjil

تخجيل من حرف التوراة والإنجيل

Investigator

محمود عبد الرحمن قدح

Publisher

مكتبة العبيكان،الرياض

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩هـ/١٩٩٨م

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

قلت: الموعظة بليغة ومعناها رائق وقاعدتها مبنية على رأس من الحقائق، غير أن قول خاتم النّبيّين "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا"١. أبلغ من ذلك وأخصر وأضبط لشوارد فرائد الفوائد وأحصر. ٢٤- قال المؤلِّف - عفا الله عنه -: قد شهد يوحنا الإنجيلي أن المسيح ليس إلهًا، ولكنه نبيّ بار ذو شفاعة مقبولة عند الله، فقال في الفصل الأوّل من رسالته الأولى: "أيها الأبناء لا تخطؤوا، فإن أخطأ أحدكم فلنا شفيع عند الأب يسوع المسيح البار"٢. فهذا - رحمكم الله - يوحنا الحواري مفارق لمقالة النصارى في المسيح موافق لاعتقاد الملة الحنيفية في بنوته ﵇. ٢٥- دليل صحيح على نبوة المسيح، قال لوقا: "قال الفريسون ليسوع: أخرج من هاهنا فإن هيرودس يريد قتلك، فقال امضوا وقولوا لهذا الثعلب أني

١ أخرجه الحافظ ابن أبي الدنيا في كتابه: (محاسبة النفس) بتحقيق المستعصم بالله مصطفى بن عليّ ص ٢٢، وعنه ابن كثير في تفسيره ٤/٤٤٢، قال: ثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج قال: قال عمر بن الخطاب ﵁: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ... ". قلت: وهذه الرواية موقوفة على عمر بن الخطاب ﵁ وكل رواتها ثقات. والخبر قد رواه الترمذي ٤/٥٥٠ مختصرًا بلفظ: يروى عن عمر. ٢ ورد النص في رسالة يوحنا الأولى ٢/١، كالآتي: "يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تخطؤوا وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الأب يسوع المسيح البار، وهو كفارة لخطايانا، ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كلّ العالم أيضًا". قلت: إن استدلال المؤلِّف بهذا النص على نبوة المسيح وعدم ألوهيته صحيح؛ لأن الشفاعة تقتضي خضوع طرف لآخر وتذلله، والمسيح هنا مصرح بأنه يطلب الشفاعة من الله، فهو إذن عبد من عبيد الله أكرمه بالرسالة والنبوة. وأما بقية النص فإنه لا يسلم للنصارى بأن المسيح جاء كفارة لخطايا العالم. فهذه دعوى للنصارى لا دليل صحيح لهم عليها. لاسيما وأن ذلك يتعارض - بجانب العقل - مع ما جاء في كتابهم المقدس مصرحًا بـ: "النفس التي تطخئ هي تموت، الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن، برّ البار عليه يكون، وشرّ الشرير عليه يكون". سفر حزقيال ١٨/٢٠.

1 / 208