ويقال: إنه قال يومًا، وعنده ابن جامع وإبراهيم الموصلي ومعاذ ابن الطبيب، وكان أول من دخل عليه معاذ، وكان حاذقًا بالأغاني، عارفًا بها: من أطربني اليوم منكم، فله حكمه.
فغناه ابن جامع غناءً لم يحركه، وكان إبراهيم قد فهم غرضه، فغناه:
سليمى أجمعت بينا ... فأين تظنها أينا
فطرب، حتى قام عن مجلسه، ورفع صوته، وقال: أعد بالله، وبحياتي!.
فأعاد، فقال: أنت صاحبي، فاحتكم.
فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين، حائط عبد الملك بن مروان وعينه الخرارة بالمدينة قال: فدارت عيناه في رأسه، حتى صارتا كأنهما جمرتان، ثم قال: يا ابن اللخناء! أردت أن تسمع العامة أنك أطربتني، وأني حكمتك فأقطعتك! أما والله، لولا بادرة جهلك التي غلبت على صحيح عقلك وفكرك، لضربت الذي فيه عيناك! ثم سكت هنيهةً.
قال إبراهيم: فرأيت ملك الموت قائمًا بيني وبينه ينتظر أمره. ثم دعا إبراهيم الحراني، فقال: خذ بيد هذا الجاهل، فأدخله بيت المال، فليأخذ منه ما شاء!.
فأخذ الحراني بيدي، حتى دخل بي بيت
1 / 34