ويخرج إليه أمري، وعقلي صحيح، وفكري جامع.
فمن سأل، في غير هذا الوقت، حاجةً، ضربت عنقه، وهو أول من فتح هذا. وكان لا يرد سائلًا، ولا يعطي مبتدئًا.
فلم يزل الأمر على ذلك، حتى ملك بهرام جور، فكان يقول للندماء: إذا رأيتموني قد طربت، وخرجت من باب الجد إلى باب الهزل، فسلوا حوائجكم.
وكان يوكل بحوائجهم صاحب الستارة. فكان إذا سكر، مد الناس أيديهم برقاعهم، فأخذها صاحب الستارة، فأنفذها إليه، فأخذها بيده، وضمها عليها، ثم رمى بها من غير أن ينظر في شيء منها، ويقول: أنفذوا كل ما فيها. فكان ذلك ربما بلغ في ليلة واحدة من سؤالٍ في إقطاع أو قضاء دينٍ أو طلب منحة ألف ألفٍ أو أكثر، إلا أن ذلك لم يكن تباعًا.
وكان إذا رفع أحدهم في رقعته ما ليس يجوز لمثله، وهو خارج من حد القصد وادخل في باب الإفراط، لم تقض له حاجة، وسمي جاهلًا، ولم تؤخذ له رقعة بعدها أبدًا.
في عهد الأمويين
ثم لم يكن ذلك، بعد، في أخلاق الملوك من الأعاجم والعرب حتى ملك يزيد بن عبد الملك، فسوى بين الطبقة العليا والسفلى، وأفسد أقسام المراتب، وغلب عليه اللهو، واستخف بآيين المملكة، وأذن للندماء في الكلام والضحك والهزل في مجلسه والرد عليه. وهو أول من شتم في وجهه من الخلفاء، على جهة الهزل والسخف.
1 / 28