رفيعة. إلا أن الملك كان ربما غلب عليه السكر حتى يؤثر فيه، فيأمر الزامر الطبقة الثانية أو الثالثة أن يزمر على المغني من الطبقة الأولى، فيأبى ذلك، حتى إنه ربما ضربه الخدم بالمراوح والمذاب فيكون من اعتذاره أن يقول: إن كان ضربي بأمر الملك وعن رأيه، فإنه سيرضى عني إذا صحا، بلزومي مرتبتي.
وكان أردشير قد وكل غلامين ذكيين، لا يفارقان مجلسه، بحفظ ألفاظه عند الشرب والمنادمة. فأخذهما يمل والآخر يكتب حرفًا حرفًا، وهذا إنما يفعلانه، إذا غلب عليه السكر، فإذا أصبح، ورفع عن وجهه الحجاب، قرأ عليه الكاتب كل ما لفظ به في مجلسه إلى أن نام. فإذا قرأ به الزامر، ومخالفة الزامر أمره، دعا بالزامر، فخلع عليه وجزاه الخير، وقال: أصبت فيما فعلت، وأخطأ الملك فيما أمرك به. فهذا ثواب صوابك، وكذلك العقوبة لمن أخطأ، وعقوبتي أن لا نزمزم اليوم غلا على خبز الشعير والجبن. فلم يطعم في يومه ذلك غيرهما.
وما ذاك إلا حثًا على لزوم سنتهم، وحفظ نواميسهم، وأخذ العامة بالسياسة التامة، والأمر اللازم.
1 / 25