وقف يرتجف في الممر المظلم، قارعا الجرس الذي يحمل اسم هيرف مرارا وتكرارا. ثم قرع الباب بأقوى ما لديه. جاءت إلين إلى الباب في رداء أخضر. «ما الأمر يا جيمبس؟ أليس معك مفتاح؟» كان وجهها ناعما من أثر النوم؛ وكانت ثمة رائحة لطيفة وباعثة على الراحة والسعادة من أثر النوم حولها. تحدثت بأسنان مطبقة وأنفاس لاهثة. «إيلي، يجب أن أتحدث معك.» «هل أنت مخمور يا جيمبس؟» «حسنا، أنا أعرف جيدا ما أقول.» «أشعر بالنعاس الشديد.»
تبعها إلى غرفة نومها. ركلت عنها شبشبها وعادت إلى السرير، وجلست تنظر إليه بعينين مثقلتين بالنوم. «لا تتحدث بصوت عال من أجل مارتن.» «لا أعرف يا إيلي لماذا يصعب علي دائما التحدث بصراحة عن أي شيء ... يجب دائما أن أكون سكران كي أتمكن من قول ما أريد ... اسمعي، هل لا زلت تحبينني؟» «أنت تعرف أنني مغرمة بك بشدة وسأظل كذلك ...»
قاطعها بحدة: «أعني الحب، أنت تعرفين ما أعنيه، مهما يكن ...» «أظن أنني لا أحب أحدا لفترة طويلة إلا إذا مات ... إنني شخص فظيع. لا فائدة من الحديث عن ذلك.» «كنت أعرف. كنت تعرفين وأنا كنت أعرف. يا إلهي، الأمور سيئة للغاية معي يا إيلي.»
جلست وركبتاها محدبتان وفوقهما يداها القابضتان، وكانت تنظر إليه بعينين واسعتين. «هل أنت مفتون بي حقا يا جيمبس؟» «اسمعي، دعينا نحصل على الطلاق وننته من ذلك.» «لا تكن متعجلا هكذا يا جيمبس ... وهناك مارتن. ماذا عنه؟» «يمكنني أن أجمع له ما يكفي من المال من حين لآخر ، ذلك الطفل الصغير المسكين.» «أنا أكسب أكثر منك يا جيمبس ... يجب ألا تفعل ذلك بعد.» «أعرف. أعرف . ألا أعرف ذلك؟»
أخذا يتبادلان النظرات من دون أن ينبسا. كادت عيونهما تحترق من شدة نظر كل منهما إلى الآخر. باغتت جيمي رغبة ملحة في أن يحل عليه النعاس، ألا يتذكر أي شيء، أن يجعل رأسه يغوص في السواد، كما كان في حضن أمه عندما كان طفلا. «حسنا سأذهب إلى المنزل.» أطلق ضحكة جافة. «لم يكن في ظننا أن كل شيء سيتفجر هكذا، أليس كذلك؟»
أنت وسط تثاؤبها قائلة: «طابت ليلتك يا جيمبس. ولكن الأمر لم ينته ... لولا أنني أشعر بالنعاس الشديد فحسب ... هلا أطفأت الأنوار؟»
تحسس طريقه في الظلام نحو الباب. كان الصباح البارد برودة قطبية تظهر سماؤه رمادية في ضوء الفجر. أسرع عائدا إلى غرفته. أراد أن يدخل إلى السرير ويغفو في النوم قبل ظهور ضوء النهار. •••
كانت الغرفة طويلة منخفضة وبها طاولات طويلة في المنتصف متكومة عليها أقمشة من الحرير والكريب بالألوان البني، والسلمون الوردي، والأخضر الزمردي. وثمة رائحة الخيوط المقصوصة ومواد الملابس. منحنية جميعها على الطاولة كانت رءوس الفتيات الحائكات كستنائية، وشقراء، وسوداء، وبنية. وكانت صبية المهمات يندفعون بحوامل دوارة من الفساتين المعلقة ذهابا وإيابا في الممرات. يرن الجرس وتنتشر في الغرفة الضوضاء والحديث المصرصر كبيت للطيور.
تنهض آنا وتمدد ذراعيها. تقول للفتاة بجوارها: «يا إلهي، رأسي يؤلمني.» «هل ظللت مستيقظة ليلة أمس؟»
تومئ برأسها. «يجب أن تتركي ذلك العمل يا عزيزتي؛ سيفسد مظهرك. لا تستطيع الفتاة أن تحترق كالشمعة من كلا الطرفين كما يستطيع الرجال.» الفتاة الأخرى نحيفة وشقراء وكانت ذات أنف مائل. تضع ذراعها حول خصر آنا. «يا إلهي، أتمنى لو أكتسب بعضا من وزنك.»
Unknown page