شرع الزوجان هيلدبراند في الصياح ضاحكين. «يحمل جيمب قربة حول خصره أيضا وشراب الشارتروز في قارورة فوق وركه ... سنضطر على الأرجح إلى الذهاب وإخراجه من الحبس بكفالة.»
كانوا لا يزالون يضحكون حتى إن الدموع كانت تنهمر على وجوههم عندما وصلوا عند الفندق. في المصعد بدأ الطفل في العويل.
بمجرد أن أغلقت باب الغرفة المشمسة الكبيرة، أخرجت القربة من تحت فستانها. «اسمع يا بوب، اتصل بهم في الأسفل واطلب منهم ثلجا مكسرا ومياها فوارة ... سنتناول جميعا الكونياك مع الماء الفوار ...» «ألم يكن من الأفضل لو انتظرنا جيمبس؟» «أوه، سيكون هنا على الفور ... ليس معه شيء عليه جمارك ... فهو مفلس للغاية لدرجة أنه لا يمكنه أن يجلب شيئا ... فرانسيس، ماذا عن الحليب في نيويورك؟» «كيف لي أن أعرف يا هيلينا؟» تورد وجه فرانسيس هيلدبراند وسارت إلى النافذة. «أوه حسنا، سنعطيه طعامه مرة أخرى ... لقد أبلى بلاء حسنا معه في الرحلة.» وضعت إلين الطفل على السرير. استلقى يركل وينظر حوله بعينين داكنتين مستديرتين كحجرين ذهبيين. «أليس سمينا؟» «إنه يتمتع بصحة جيدة وأنا متأكدة من أنه أبله قطعا ... أوه بحق السماء يجب أن أتصل بوالدي ... أليست الحياة الأسرية شديدة التعقيد؟»
كانت إلين تعد موقد الكحول الصغير الخاص بها على حوض الغسيل. جاء الفراش ومعه فوق صينية كئوس ووعاء من الجليد المصلصل وزجاجة ماء فوار وايت روك. «أعد لنا مشروبا من القربة. ينبغي أن نشربه وإلا تسبب في تآكل المطاط ... سنشرب نخب مقهى هاركورت.»
قال هيلدبراند: «بالطبع ما لا تدركونه أنتم الصغار أن صعوبة الحظر هي في البقاء بلا ثمالة.»
ضحكت إلين، ووقفت في ضوء المصباح الصغير الذي تفوح منه رائحة منزلية هادئة من النيكل الساخن والكحول المحترق. •••
كان جورج بالدوين يسير في جادة ماديسون ومعطفه الخفيف فوق ذراعه. كانت معنوياته المتعبة تنتعش في شفق الخريف المتلألئ في الشوارع. من مربع سكني إلى آخر عبر ظلمة عوادم البنزين لسيارة الأجرة المطنطنة، يتجادل في أذنه محاميان يرتديان معطفين أسودين من الصوف وياقتين متيبستين ذواتي طرفين. إذا عدت إلى المنزل، فسيكون الوضع مريحا في المكتبة. ستكون الشقة مظلمة وهادئة ويمكنك أن تجلس مرتديا نعليك أسفل التمثال النصفي لشيبيون الأفريقي على الكرسي الجلد وأن تقرأ وتطلب أن يرسل لك طعام العشاء ... ستكون نيفادا مرحة وعلى طبيعتها وتروي لك قصصا مضحكة ... ستكون على علم بكل القيل والقال في دار البلدية ... من الجيد أن تعرف ذلك ... لكنك لن ترى نيفادا بعد الآن ... الأمر خطير جدا؛ إنها تزعجكم جميعا ... وتجلس سيسيلي شاحبة وأنيقة ونحيلة تعض شفتيها، إنها تكرهني، وتكره الحياة ... يا إلهي كيف سأحسن من وجودي؟! توقف أمام محل لبيع الزهور. جاءت من الباب رائحة فخمة ورطبة كالعسل، وخرج بكثافة في الشارع الذي يغلب عليه اللون الأزرق الفولاذي القوي. لو كنت أستطيع على الأقل أن أجعل وضعي المالي حصينا ... في النافذة كانت هناك حديقة يابانية منمنمة بها جسور محدبة وبرك بدت فيها الأسماك الذهبية كبيرة كالحيتان. إنه التناسب، هذا كل ما هنالك. أن تخطط لحياتك كالبستاني الحكيم الذي يحرث ويبذر بذورا في حديقته. لا، لن أذهب لأرى نيفادا الليلة. ولكني قد أرسل لها بعض الزهور. الورود الصفراء، تلك الورود النحاسية اللون ... إن إلين هي من يجب أن تضع هذه الورود. لا أستطيع أن أتخيل أنها تزوجت مرة أخرى ولديها طفل. دخل إلى المتجر. «ما اسم تلك الوردة؟» «إنها وردة ذهب أوفير يا سيدي.» «حسنا، أريد إرسال حزمتين إلى فندق بريفورت على الفور ... الآنسة إلين ... لا، بل السيد والسيدة جيمس هيرف ... سأكتب بطاقة.»
جلس إلى المكتب ومعه قلم في يده. رائحة الورود الذكية، تفوح من نيران شعرها الداكنة ... كلا، هذا بلا معنى بحق السماء ...
عزيزتي إلين،
أرجو أن تسمحي لصديق قديم بزيارتك أنت وزوجك في يوم من الأيام. ورجاء تذكري أنني دائما حريص بصدق - أنت تعرفينني جيدا على نحو لا يجعلك تعدين هذه دعوة فارغة من باب التأدب فحسب - على خدمتك وخدمته بأي طريقة من شأنها أن تسهم في تحقيق سعادتك. سامحيني إن كنت أتعهد أن أكون عبدك ومعجبك مدى الحياة.
Unknown page