تقبيح الذَّهَب
قَالَ سهل بن هَارُون: اسْم الذَّهَب يتطير مِنْهُ، وَلَا يتفاءل بِهِ. وَهُوَ فتان لمن أَصَابَهُ، رَدِيء لمن رَآهُ، وَهُوَ لئيم، من لؤمه سرعته إِلَى بيُوت اللئام، وإبطاؤه عَن بيُوت الْكِرَام، وشكل الشَّيْء منجذب إِلَيْهِ بالمشاكلة وبالضد. وَهُوَ من مصائد إِبْلِيس، وَلذَلِك قَالُوا: أهلك الرِّجَال الأحمران، أَي الذَّهَب وَالْخمر.
تقبيح الْغنى وَالْمَال
قَالَ الله ﷿: " كلاّ إِن الْإِنْسَان ليطْغى، أَن رَآهُ اسْتغنى ". وَقَالَ تَعَالَى: " إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة ". وَكَانَ يُقَال: الْغنى يُورث البطر، ويقرع بَاب جَهَنَّم. وَيُقَال: المَال ملول ميّال، وطبعه طبع الصَّبِي، لَا يُوقف على وَقت رِضَاهُ أَو سخطه. وَقد يكون مَال الْمَرْء سَبَب حتفه كَمَا يذبح الطاووس لحسن ريشه، ويصاد الثَّعْلَب من أجل وبره. وَمن أحسن مَا قيل فِي هَذَا الْبَاب قَول ابْن الرُّومِي: ألم تَرَ المَال يهْلك ربه ... إِذا جم آتيه، وسد طَرِيقه وَمن جاور المَاء الغزير مجمه ... وسد طَرِيق المَاء، فَهُوَ غريقه
تقبيح المشورة
كَانَ عبد الْملك بن صَالح الْهَاشِمِي يَقُول: مَا استشرت أحدا قطّ إِلَّا تكبر عليّ، وتصاغرت لَهُ، ودخلته الْعِزَّة، ودخلتني الذلة. فإياك والمشورة، وَإِن ضَاقَتْ بك الْمذَاهب، وأداك الاستبداد إِلَى الْخَطَأ وَالْفساد. وَكَانَ عبد الله بن طَاهِر يَقُول: مَا حكّ ظَهْري مثل ظفري، وَلِأَن أخطئ مَعَ الاستبداد ألف خطأ أحب إليّ من أَن أستشير، فألحظ بِعَين النَّقْص وَالْحَاجة.
تقبيح التأني
كَانَ يُقَال: إيَّاكُمْ والتأني فِي الْأُمُور، فَإِن الفرص تمر مرّ السَّحَاب، والآفات فِي التأخيرات. وَكَانَ ابْن عَائِشَة الْقرشِي يَقُول: الْفلك أبعد من
1 / 57