187

Taḥrīr al-maqāl fī muwāzanat al-aʿmāl wa-ḥukm ghayr al-mukallafīn fī al-ʿuqbā wa-al-maʾāl

تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل

Editor

مصطفى باحو

Publisher

دار الإمام مالك

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

Publisher Location

أبو ظبي - الإمارات العربية المتحدة

Genres

Law
ولا يخلو على تأويل ابن حزم أن يكون قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ﴾ [الانشقاق: ١٤] إخبارا من الله تعالى عن ظن المذنب في الدنيا، أو عن ظنه عند أخذ الكتاب، فإن كان عند أخذ الكتاب فهو لم يحصل بعد في النار، وإن كان إخبارا عن ظنه في الدنيا فهو أبعد من النار وأبعد.
فإذن: لا يصح أن يطلق على المذنب ما أطلقه ابن حزم من كونه يظن أنه لا يرجع إلى النار وهو لم يدخلها بعد:
الرابع: قوله: (إنما هو ظن أن لن يحور إلى النار، ولم يقل تعالى: أن لن يحور إلينا)، وهذا منتقض، إذ يعكس عليه ويقال له: ولم يقل تعالى: إنه ظن أن لن يحور إلى النار، ثم يطالب بالدليل على قوله: إنما هو ظن أن لن يحور إلى النار، ولن يجد إلى ذلك سبيلا.
وأما الدليل على أن معنى الآية: إنه ظن أن لن يرجع إلى الله فظاهر من الآيات، إذ كل ما قلناه في الوجوه المتقدمة وفي بقية الكلام على المعنى الذي تضمنته حجة على ذلك، من حيث أثبتنا أن الآية إنما هي في الكفار لا غير.
ثم يلزم من قول ابن حزم أن معنى الآية: إنه ظن أن لا (١) يرجع إلى النار، أن يكون هذا الظن الذي قدره مذموما، وما من المؤمنين أحد إلا وهو يظن أن لا يدخل النار، وإن كان فيهم من يقع في المعاصي اتكالا على عفو الله تعالى وطمعا في رحمته.

(١) في (ب): لن.

1 / 187