<I.7> ز في أن الأرض ليس لها حركة الانتقال
لو تحركت عن الوسط لعرضت الأعراض المذكورة التي كانت تعرض لو لم تكن في الوسط 11 ولما تبين أنها في الوسط (¬11) وأن الثقال بطبعها تميل إلى الوسط فالبحث بعد ذلك عن سبب الحركة إلى الوسط فضل والثقال إنما تميل إلى الوسط وتتحرك إليه على سمت مستقيم يقوم عمودا على السطح الذي يماس كرة الأرض على مسقط ذلك العمود فهي تنتهي إلى المركز لو لا ممانعة الأرض إياها لأن الخط المستقيم الخارج من نقطة تماس الكرة والسطح إلى المركز يكون عمودا على السطح أيضا والتعجب من كون الأرض مع فرط ثقلها وكونها غير محمولة على شيء ساكنة ليس بوارد لأنه يحدث بسبب قياس الأرض على أجزائها المنحدرة من العلو إلى السفل أي من جانب الرأس إلى جانب القدم لكن العالم في نفسه لا علو له ولا سفل إنما العلو والسفل لما فيه من الأجرام فالسفل جهة المركز والعلو ما يقابلها والخفيف يميل إلى العلو والثقيل إلى السفل فالأرض بجملتها في موضع المركز وبأجزائها متدافعة من جميع الجوانب إليه ساكنة فيه والأجزاء المباينة لها تهوي إليها وهي تقبلها من جميع نواحيها لثباتها بالسبب المذكور وتكون تلك الأجزاء في غاية الصغر بالقياس إليها ولو كانت الأرض هاوية في السفل دائما لم يمكن أن يلحقها هاو غيرها لأن الأثقل أشد هويا فكان ما عليها الحيوانات وغيرها متخلفا عنها في الهواء ولوصلت بسرعة إلى السماء المحيطة بها وجازتها وهذا التوهم وما يشبهه يستحق لأن نضحك منه وقد ظن قوم أن الأرض متحركة بالاستدارة حول محور الحركة اليومية من المغرب إلى المشرق ونسبوا الحركة اليومية إليها وحدها على تقدير كون السماء (¬12) غير متحركة على هذا المحور أو إليهما معا على تقدير كونها أيضا متحركة عليه وذلك ممكن بالنظر إلى السماويات وليس ممكن بالنظر إلى الهواء والأشخاص الأرضية لأن صاحب هذا القول مع التزامه لأمور مخالفة للطبيعة وهي نفي الحركة المستديرة عن الجرم اللطيف المتشابه الأجزاء وإثباتها للكثيف المختلف الأجزاء وقد نشاهد حركة ما يشبه الأول مما هو أقل لطفا منه كالهواء أسهل وأسرع وحركة ما هو على طبيعة الثاني كالأجسام الأرضية أعسر وأبطأ والقول يتشاركهما فيها مع تضاد طبيعتهما مقر بأن الأرض أسرع حركة مما عداها قيلزم أن لا يدرك للأشخاص السفلية كالسحب والطيور والسهام حركة إلى المشرق إذ الأرض تسبقها إليه بل ترى متحركة إلى المغرب أبدا فإن قيل إن الهواء أيضا يتحرك تلك الحركة معها لزم أن تشاهد الأجرام التي فيها متأخرة عنهما وأن جعلت لاصقة بمواضها كالملتحمة لزم أن لا ينتقل عن مواضعها ولا يتبدل في أوضاعها أقول وبعض هذه الحجج أيضا إقناعية
<I.8> ح في أن أصناف الحركات الأول للسماء إثنان
Page 4