وقال في كتاب المديان ومن ضمن لرجل ماله على ميت ثم بدا له فقد لزمه ذلك لأن المعروف كله إذا أشهد به على نفسه لزمه (١). أ. هـ.
قلت: وذكر الاشهاد هنا ليس شرطًا في اللزوم، وإنما خرج مخرج الغالب كما يظهر ذلك مما قبله، ومما سيأتي والله تعالى أعلم.
وقال في آخر سماع أشهب (٢) من كتاب العارية قال أشهب: سمعت مالك يسئل عن رجل قال لبيعه بع ولا نقصان عليك فقال لو قال له قولًا بينًا ثم رجع لم أر له ذلك، ورأيته لازمًا.
قال ابن رشد: وهذا كما قال أنه إذا قال له بعد االبيع بع ولا نقصان عليك يلزمه لأن معنى قوله بع ولا نقصان عليك بع والنقصان علي فهذا أمر قد أوجبه على نفسه، والمعروف على مذهب مالك وجميع أصحابه لازم لمن أوجبه على نفسه ما لم يمت أو يفلس، وسواء قال له ذلك قبل أن ينقد أو بعد ما انتقد (٣) إلا أن يقال له قبل أن ينتقده انتقدني وبع ولا نقصان عليك فلا يجوز ذلك لأنه يدخله بيع وسلف. أ. هـ.
وهذه المسألة من مسائل الالتزام المعلق على فعل الملتزم له الذي فيه منفعة له فهي من مسائل النوع السادس من الباب الثالث، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى هناك مع ذكر الفروع المتعلقة بها.
_________
(١) انظر المدونة جـ ١٣ ص ٦٨ طبعة السعادة.
(٢) هو الإمام أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم أبو عمر القيس العامري الجعدي من ولد جعدة بن كلاب بن ربيعة بن عامر اسمه مسكين وهو من أهل مصر من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك، وأشهب لقب. قال فيه الشافعي (ما رأيت أفقه من أشهب) انتهت إليه الرياسة بمصر بعد ابن القاسم وقال ابن عبد البر لم يدرك الشافعي بمصر من اصحاب مالك إلا أشهب، وابن عبد الحكم وأخذ عن الشافعي هو وابن عبد الحكم، ولد أشهب سنة أربعين ومائة وقيل سنة خمسين ومائة، وتوفي ﵀ بمصر سنة أربع ومائتين بعد الإمام الشافعي بثمانية عشر يومًا وكان بينهم صحبة
أنظر: الديباج جـ ١ ص ٣٠٧ وما بعدها - والإمام مالك لأبي زهرة ص ٢٥٢، ٢٥٣.
(٣) انظر مواهب الجليل للإمام الحطاب جـ ٦ ص ٥٦ طبعة السعادة ١٣٢٩ هـ.
1 / 74