والجواب: إن العام إذا عارضه الخاص عمل بالخاص فيما تناوله، وبالعام فيما بقي من دون تأويل آخر بجعل العام عبارة عن معنى خاص من أول الأمر. لأن وجود الخاص لا يوجب إلا التخصيص لما تناوله فقط، ولا دلالة فيه على تأويل العام بمعنى خاص، فصرف العام عن ظاهره لمعنى خاص وإبطال عمومه كله، ما تناوله الخاص وما لم يتناوله، هو تأويل بغير حجة وعدول عن الظاهر بغير دليل. فقول مقبل: « جمعا بينه وبين الأدلة » يقال فيه: إذا صحت الأدلة وكانت متأخرة عن تحريم الكلام في الصلاة فهي مخصصة لعموم النهي عن الكلام، ولا دلالة فيها على تأويله بما ذكره، بل يعمل بالخاص فيما تناوله وبالعام فيما بقي. وهذا جمع لا إشكال فيه، بل إعمال للدليلين كل واحد في محله بدون تحكم ولا عدول عن الظاهر.
قال مقبل: « وما ينبغي التنبيه عليه أن الحديث يعني الذي ذكره ليس فيه دليل على بطلان الصلاة » لأن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)لم يأمر معاوية بن الحكم بإعادة صلاته ».
والجواب: إن هذا ليس في الرواية أنه لم يأمره بإعادة صلاته وإنما هو ظن، من حيث الظن أنه لو أمره بإعادة صلاته لذكر في الحديث أو لنقل، وهذا من مقبل دليل على أنه يستجيز الرواية على الظن فلا يوثق به فيما رواه، وقد كانت طريقة العلم أن يقول: إن الحديث لا يدل على وجوب الإعادة، ولا على فساد الصلاة، ويغنيه ذلك عن دعوى أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)لم يأمر معاوية بن الحكم بإعادة الصلاة.
Page 50