وفي جامع مسلم المسمى صحيح مسلم ( ج 5 ص 26 ) بسنده عن عبدالله حديث « إن في الصلاة شغلا »، وهناك بالإسناد عن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: ] وقوموا لله قانتين [ فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام، وهذا عام لا يخرج منه كلام إلا بدليل وذلك لأن الكلام صوت مسموع، قال الله تعالى: ] فأجره حتى يسمع كلام الله [(1)[40]) أي القرآن الذي يسمع عند تلاوته وهذا معنى الكلام الظاهر المشهور المتبادر عند الإطلاق.
وفي القاموس « الكلام: القول أو ما كان مكتفيا بنفسه »(2)[41]) يعني المفيد في تعبير النحاة.
قال مقبل: « ولكننا نفهمه كما فهمه العلماء وكما دل عليه السياق، حيث إنه خاطب ذلك الرجل بقوله: يرحمك الله... » الخ.
والجواب: أنه يعني بالعلماء من وافقه على تفسير الحديث بما يريد، فتأولوا الكلام على أنه مصدر في هذا الموضع بمعنى التكليم كالسلام بمعنى التسليم، وليس عندهم اسما للقول نفسه بل لتوجيه القول إلى الناس. وقد أجبنا عنه بأن هذا خلاف الظاهر، ولا موجب للعدول عن الظاهر.
وأما السياق فلا يدل على ذلك، لأن النهي عن الكلام يفيد العموم لما وقع في السبب ولغيره، فالسياق ليس إلا ذكرا للسبب، والعام لا يقصر على سببه. إنما يحتج بالسياق لو فسرنا الحديث بما لا يدخل فيه السبب المذكور في السياق، بحيث يكون ذكر السياق معارضا له. فأما على تفسير الكلام بمعناه العام فهو لا يعارض السياق ولا يعارضه السياق الذي ذكر فيه السبب، ولذلك ترى العلماء يحتجون بعمومات القرآن ولا يقصرونه على أسباب النزول.
قال مقبل: « فلا يجوز تكليم الناس وهو في الصلاة، جمعا بينه وبين الأدلة الواردة في الأذكار في الصلاة ».
Page 49