والجواب: إن عنى أئمته من أهل الحديث، فهل يعني ليس لهم مذهب يتعصبون له ؟ فهذا خلاف الواقع، لأن لهم مذاهب معروفة يتعصبون لها، منها تقديم أبي بكر وعمر وعثمان، وتفضيل الشيخين أو الثلاثة على علي(عليه السلام)، وتعصبهم لهذا ظاهر، حتى أن من خالفهم فيه يرمونه بالغلو في التشيع، وربما رموه بالرفض، وأقل أحواله أن يعتبر مبتدعا ضعيفا في الحديث في الغالب، إذا أحب عليا وقدمه ولم يسب، وكذلك يعتبرون من تكلم في أحد الثلاثة أو طلحة أو الزبير أو عائشة دجالا كذابا، أو رافضيا خبيثا، لا يكتب حديثه، ويرمونه بسب الصحابة جملة في التعبير، ومن روى فضيلة تستلزم في ظنهم نقص أحد المذكورين وسبهم بزعم القوم جرحوه، لأنه عندهم يروي المثالب. فكيف لو روى مثلبة حقيقية ؟ بل جرحوا من روى في معاوية: « إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه »(1)[29]) وجرحوا من روى فيه وفي عمرو: « اللهم اركسهما في الفتنة »(2)[30]).
وإن أراد مقبل أن لأهل الحديث مذهبا يتعصبون له لكنه عنده هو الحق، فتعصبهم له تعصب للحق، بخلاف غيرهم من أهل المذاهب فهم يتعصبون للباطل.
Page 39