والجواب: أهل الحديث مختلفون في العقائد والمذاهب والأعمال، وعلماء الزيدية من أهل الحديث، لأنهم يحتجون بالسنة، ويعتقدون وجوب اتباع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وفي كتبهم الكثير الطيب، فإن أراد بقوله: « أهل الحديث » أئمته الذين عددهم، أي ابن المبارك والبخاري ومسلم، فهي دعوى تحتاج إلى بينة، لأن الصفات التي ذكرها الله تعالى في سورة العصر، وأول سورة المؤمنين، والحديث، واضحة جلية في كل من وضح منه العمل بكتاب الله وسنة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وذلك واضح في علماء آل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)من علي(عليه السلام)وفاطمة(عليها السلام)والحسنين(عليهما السلام)ومن بعدهم من ذريتهم، الذين توارثوا العلم والدين من ذلك الزمان، ولم يقلدوا في الدين من خالف آباءهم الطاهرين، بل أعظم همهم أخذ العلم عن أسلافهم، وعرض ما ورد عليهم على الكتاب والسنة المعلومة باليقين، والمجمع عليها بين المختلفين، وعملوا بحديث الثقلين ونحوه وحديث: « لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق »(1)[24]) وتجنبوا مخالطة الظلمة والركون إليهم، وجاهدوا في الله حق جهاده، وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، فكانوا أحق باسم الإيمان هم ومن سلك طريقهم، وأحق أن يكونوا هم الفرقة الناجية، لقول الله تعالى في الفرق بين المنافقين والمؤمنين: ] المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم [ إلى قوله تعالى: ] والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم [(2)[25]) وقوله تعالى: ] قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم [ إلى قوله تعالى: ] إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون [(1)[26]) وقوله تعالى: ] ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون [(2)[27]) وقوله تعالى: ] والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين [(3)[28]).
وقد احتج مقبل ببعض كلام السيد محمد بن إبراهيم الوزير، فلنورد هنا شاهدا من كلام السيد محمد بن إبراهيم الوزير. قال في « العواصم » ما لفظه:
« الخصيصة الأولى: إن أهل البيت(عليهم السلام) اختصوا من هذه الفضائل بأشرف أقسامها، وأطول أعلامها، وذلك أنهم كانوا على ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين، والاشتغال بجهاد أعداء الله، وبذل النفوس في مرضاة الله، مع الإعراض عن زهرة الدنيا إلى قوله : وبذل النصيحة للناس وتعليمهم معالم الهدى... » ولا يبعد أن قد لزم الإقرار بهذا من مقبل في قوله في ( ص130 ): وقد روى المحدثون الكثير الطيب في فضل أهل البيت إلى أن قال في (ص131): « وكتب السنة مملوءة بفضائل أهل البيت(عليهم السلام)... » ففي هذا أنهم من الفرقة الناجية، لأنه لا يكون الفضل لهم بحيث تملأ فضائلهم كتب السنة إلا وهم على هدى وطريق نجاة من الهلكة، فدل ذلك على أنهم ومن معهم ومن هو على طريقتهم هم الفرقة الناجية.
قال مقبل في أهل الحديث ( ص 9 ): « لأنهم لا يتعصبون لأي مذهب وإنما يتعصبون للحق ».
Page 38