قلنا: فهل أنت تقول: لا بد من مخالفة كتاب الله، وقد قرأت الآيات في التحذير من التقليد ؟ ثم إذا لم يكن بد من التقليد، فلماذا تعيب على من قلد علماء آل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)المتمسكين بكتاب الله وسنة رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم)وهم أعلام الهدى والصواب ؟ لقول رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): « إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي... »(1)[18]) الحديث، ويأتي إن شاء الله تخريجه وذكر وجوه دلالته. فلماذا تذم من قلدهم وتجعله مخالفا لكتاب الله ؟ ثم تقلد ابن الجوزي والذهبي وابن حبان واضرابهم، وترخص لنفسك فيما تهواه وأنت تنكر على غيرك خيرا منه وأقرب للهدى، وتبالغ في النكير. مع أنا لا نسلم أنه لا بد من التقليد في التصحيح والتضعيف والجرح والتعديل، لأن للجرح والتعديل طرقا تفيد الباحث الجاد:
فمنها: النظر في كتب المقالات التي تتبين منها مذاهب العلماء وعقائدهم، فهي تعين على معرفة أهل الحق وأهل الباطل. وقد جمع الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة جملة وافرة في ذلك في الجزء الأول من كتابه « الشافي ».
ومنها: النظر لمعرفة أهل الحق من الرواة، ومن هم أحق بالتعديل أو الجرح على طريق الإجمال، وذلك محقق في أوائل كتاب « الاعتصام » للإمام القاسم بن محمد، بدلائل واضحة مفيدة لطالب الحق.
ومنها: النظر في تاريخ الأمة وما جرى بين آل الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)وغيرهم، وفي الجزء الأول من « الشافي » جملة مفيدة، وكذلك في « مقاتل الطالبيين » وغيرها.
Page 31