وقال ابن الوزير وابن الأمير في ( ص 309 ): والصحيح أنه لا يكون العالم مجتهدا مع تقليده في تصحيح الحديث لجواز أن من قلده في تصحيح الحديث بني ذلك التصحيح على قواعد يخالفه فيها فيكون قد بنى اجتهاده على تقليد غيره.... وقولهما في هذا الباب يتناقض.
وقال ابن الأمير في ( ص 333 ) من توضيح الأفكار: واعلم أنهم هنا لم يستدلوا لما ذهب إليه البخاري وغيره من شرطية اللقاء، ولا لما ذهب إليه مسلم من عدمه، وما كان يحسن إهمال الدليل مع نقل الأقاويل، وإلا كان تقليدا محضا....
قلت: فكذلك مذاهبهما فيما هو البدعة، وما هو الحق، وما هو النكارة في الحديث، وما ليس نكارة، ونحو ذلك ؟ فلا بد من معرفة مذهبهما في ذلك، ومعرفة الحق فيه بالدليل... ثم البناء على ما اقتضاه الدليل، وإلا كان تقليدا محضا، فإن قال مقبل مقلدا لابن الأمير حيث قال في شرح تنقيح الأنظار ( ص 311 ): إن البخاري مثلا ليس معه في كون الرواة الذين لم يلقهم وهم شيوخ شيوخه عدولا إلا أخبار العدول بأنهم ثقات حفاظ. فقبولنا لخبره بأن الحديث قد عدلت نقلته كقبوله لأخبار الثقات بأن الرواة الذين رووا عنهم حفاظ ثقات، فكما أنهم لا يجعلون البخاري مقلدا في التصحيح مع أن عدالة من صحح أحاديثهم متلقاة عن أخبار من قبله فكذلك نحن في قبولنا لإخباره بعدالة رواة الحديث الذي صححه.
Page 26