وقال محمد بن إبراهيم في تنقيح الأنظار ( ص 307 ) من صفحات شرحه توضيح الأفكار، في الاحتجاج على منع قبول المرسل: لكن ما المانع من أن نثق بمن لا نستجيز الرواية عنه لو صرح به، مثل تجويز أن يروي عن مجهول وحديثه عنده مقبول، أو عن سيئ الحفظ مختلف فيه، أو عن مجروح جهل هو جرحه، وقد عرفنا نحن جرحه، أو عن مغفل قد استوى حفظه وسهوه، ومذهبه قبوله مطلقا، أو قبوله مع الترجيح، أو نحو ذلك مما أختلف فيه، فيؤدي أي قبول مرسل الثقة المجزم به إلى تقليد المجتهد القابل للمرسل لغيره، وهو المرسل في مسائل الاجتهاد وبنائه أي المجتهد لاجتهاده على تقليد المرسل.
قال ابن الأمير بعد هذا في ( ص 308 ): فإن قلت: قد تقدم للمصنف غير مرة أن قبول خبر العدل ليس تقليدا له. قلت: ذلك فيما إذا أخبر العدل عن غير إرسال، إذ هو الذي قام الدليل على قبول خبره كما عرفته.
إن قلت: هذا بعينه يجري في القدح المطلق والتعديل المطلق لاختلاف العلماء فيما يقدح به وفيما يشترط في العدالة، فقابل القدح المطلق والتعديل المطلق ينبغي أن يكون مقلدا لا مجتهدا، لأنه يبني اجتهاده على رأي غيره تجريحا وتعديلا. قلت: لا محيص عن هذا ويأتي بسطه في محله. انتهى كلام ابن الأمير في شرح تنقيح الأنظار.
ثم قال محمد بن إبراهيم في تنقيح الأنظار في تحقيق كلامه الماضي الذي ذكرناه آنفا ما لفظه: وتلخيصه أن تصحيح الحديث أمر ظني نظري اجتهادي ولا يجوز للمجتهد أن يقلد غيره في نحو ذلك....
وهذا هو ما نقوله، قد جاء به واضحا وقصدنا الاحتجاج على الخصم، فأما نحن فالعمدة عندنا هو فهمنا لمعنى التقليد ومعنى قبول الرواية، والفرق بينهما في الحكم تبعا لاختلاف المعنى كما قدمنا. وليس العمدة عندنا قول ابن الوزير ولا ابن الأمير.
Page 25