123

فابحث لتعرف أهؤلاء من جبال الحفظ والاتقان ؟ أم لا تكاد تثبت عدالتهم ؟ وإن اجتهد البخاري فقبلهم فاجتهاده لنفسه، لا يوجب على غيره تقليده. وقد جادل ابن حجر عنهم، وتارة يقول في بعضهم: روى عنه البخاري مقرونا بغيره. ولكن هل ذلك الآخر الذي قرن به هذا ثقة ؟ لعلك لو بحثت لوجدت الأمر في بعضهم بخلاف هذا، ألا ترى أن ابن حجر ذكر في مقدمة شرحه على البخاري ( ص 436 ) كهمس بن المنهال فقال: أخرج له البخاري حديثا واحدا مقرونا بمحمد بن سواء، ثم ذكر محمد بن سواء في ( ص 438 ) فقال: جميع ما له في البخاري ثلاثة أحاديث، إلى أن قال: والثالث ذكرناه في ترجمة كهمس ابن المنهال يعني أنه مقرون به ؟

كما أن ابن حجر قد أغرق في الذب عن أولئك. وظهر منه بعض التدليس. مثال ذلك: أنه قال في ترجمة عباس بن حسين القنطري ( ص 411 ) ما لفظه: فقد وثقه عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عنه فذكره بخير. انتهى. فقوله: « سألت أبي عنه فذكره بخير » ليس توثيقا، فإذا كان ابن حجر يجعل مثل هذا توثيقا فلا يوثق به، كلما قال: وثقه فلان. إذ لا يؤمن أن يكون استنبط التوثيق وخرجه تخريجا فاسدا.

وكذلك ابن معين، روى عنه ابن حجر في تهذيب التهذيب ( ج 12 ص 5 ) أنه سئل عن ابن أكيمة وقيل له: إنه لم يرو عنه غير ابن شهاب، فقال: يكفيه قول ابن شهاب: « حدثني ابن أكيمة » فهذا يدل على ضعف التوثيق الصادر من ابن معين إذا استند فيه إلى مثل هذا، وقد دافع ابن حجر عن أولئك الذين عددهم في المقدمة عن كثير منهم بأنه وثقه يحيى بن معين، وكذلك دافع عن كثير منهم بأنه وثقه العجلي، والعجلي قد رووا عنه أنه وثق عمر بن سعد أمير الجيش الذين قتلوا الحسين السبط(عليه السلام). فقال العجلي: تابعي ثقة ذكره، الذهبي في الميزان. فكيف يوثق بتوثيق العجلي ؟

Page 126