98

قلنا: فأحكم الحاكمين أولى بذلك، ولا يجوز أن يأمر بشيء يريد خلافه وينهى عن شيء ويريده.

ويقال لهم: أيجوز من الحكيم أن يريد سب نفسه وسوء الثناء عليه وقتل رسله، ويكره حسن الثناء عليه وأن يجاب رسله إلى ما دعاهم إليه؟.

فإن قالوا: يجوز، كابروا؛ لأن من وصف نفسه بهذا لا يعده العقلاء إلا من المجانين، وإن قالوا: لا.

قلنا: فكيف جوزتم ذلك على أحكم الحاكمين.

ويقال لهم: ما الذي أراد الله تعالى من الكافر؟.

فإن قالوا: الكفر.

قلنا: فما تريدون أنتم منه؟.

فإن قالوا: الكفر.

قلنا: لا خلاف أن إرادة الكفر كفر فقد خرجتم من الدين .

وإن قالوا: نريد الإيمان.

قلنا: فأي شيء خير لهم، ما أراد الله أو ما أردتم؟.

فإن قالوا: ما أراد الله.

قلنا: فقد زعمتم أن الكفر خير من الإيمان.

وإن قالوا: ما نريد خير لهم.

قلنا: فقد زعمتم أنكم أحسن نظرا لهم ورحمة بهم، ومن كان كذلك كان أولى بالحمد والشكر وهذا فاسد.

ويقال لهم: ما الذي أراد الله تعالى من أبي جهل؟.

فإن قالوا: الكفر.

قلنا: فما أراد النبي - عليه السلام -؟.

فإن قالوا: الإيمان.

قلنا: فما أراد إبليس؟.

فإن قالوا: الكفر.

قلنا: فإبليس موافق لله سبحانه في الإرادة ورسوله مخالف له، وهذا قول فاحش يخالف الدين.

ويقال لهم: ما الذي أراد الله من الكافر؟.

فإن قالوا: الكفر.

قلنا: فبما أمرهم؟.

فإن قالوا: بالإيمان.

قلنا: فأيهما أولى وأحق بالوجود؟.

فإن قالوا: ما يريد، وهو المذهب.

قلنا: فقد قلتم: الكفر أولى بالوجود، وإن قالوا: الإيمان، قلنا: أولستم تقولون وجود ما لا يريد فيه تعجيزه وتضعيفه، فقد قلتم أن ما تعجيزه وتضعيفه أولى بالوجود مما فيه قوته وهذا محال.

Page 122