Tahkim Cuqul
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
Genres
قلنا: فأحكم الحاكمين أولى بذلك، ولا يجوز أن يأمر بشيء يريد خلافه وينهى عن شيء ويريده.
ويقال لهم: أيجوز من الحكيم أن يريد سب نفسه وسوء الثناء عليه وقتل رسله، ويكره حسن الثناء عليه وأن يجاب رسله إلى ما دعاهم إليه؟.
فإن قالوا: يجوز، كابروا؛ لأن من وصف نفسه بهذا لا يعده العقلاء إلا من المجانين، وإن قالوا: لا.
قلنا: فكيف جوزتم ذلك على أحكم الحاكمين.
ويقال لهم: ما الذي أراد الله تعالى من الكافر؟.
فإن قالوا: الكفر.
قلنا: فما تريدون أنتم منه؟.
فإن قالوا: الكفر.
قلنا: لا خلاف أن إرادة الكفر كفر فقد خرجتم من الدين .
وإن قالوا: نريد الإيمان.
قلنا: فأي شيء خير لهم، ما أراد الله أو ما أردتم؟.
فإن قالوا: ما أراد الله.
قلنا: فقد زعمتم أن الكفر خير من الإيمان.
وإن قالوا: ما نريد خير لهم.
قلنا: فقد زعمتم أنكم أحسن نظرا لهم ورحمة بهم، ومن كان كذلك كان أولى بالحمد والشكر وهذا فاسد.
ويقال لهم: ما الذي أراد الله تعالى من أبي جهل؟.
فإن قالوا: الكفر.
قلنا: فما أراد النبي - عليه السلام -؟.
فإن قالوا: الإيمان.
قلنا: فما أراد إبليس؟.
فإن قالوا: الكفر.
قلنا: فإبليس موافق لله سبحانه في الإرادة ورسوله مخالف له، وهذا قول فاحش يخالف الدين.
ويقال لهم: ما الذي أراد الله من الكافر؟.
فإن قالوا: الكفر.
قلنا: فبما أمرهم؟.
فإن قالوا: بالإيمان.
قلنا: فأيهما أولى وأحق بالوجود؟.
فإن قالوا: ما يريد، وهو المذهب.
قلنا: فقد قلتم: الكفر أولى بالوجود، وإن قالوا: الإيمان، قلنا: أولستم تقولون وجود ما لا يريد فيه تعجيزه وتضعيفه، فقد قلتم أن ما تعجيزه وتضعيفه أولى بالوجود مما فيه قوته وهذا محال.
Page 122