Tahkim Cuqul
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
Genres
قلنا: فهذا يؤدي إلى ما ألزمناكم من كون فيلة بين أيدينا لا نراها مع صحة الحواس، وتضرب طبول وبوقات لا تسمع مع صحة الحاسة، ويؤدي إلى أن يدرك منا بقة في الصين ولا يدرك خيلا بين يديه، ويؤدي إلى أن يكون بين يديه شيئان مستويان يدرك أحدهما دون الآخر، وأن يدرك من الشيء بعضه دون بعض، ويؤدي إلى أن يكون بين يديه صغير وكبير ويرى الصغير دون الكبير.
ويقال لهم: أليس الواحد كما لا يرى إلا ما كان مقابلا أو في حكم المقابل؟ فلا بد من: بلى.
قلنا: فإذا لم يجز على القديم سبحانه وتعالى وجب أن لا يصح أن يرى.
ويقال: أهل الجنة يرونه في جميع الأوقات أو في بعضها؟ فإن قال بالأول كان سائر النعيم لغوا، وإن قال بالثاني كان النعيم منغصا.
ويقال: أليس المرئيات أجناسا مخصوصة، كما أن المسموعات أجناس مخصوصة، وكذلك المذوقات والمشمومات؟ فلا بد من: بلى، فيقال: أليس ما كان مسموعا كان من جنس الأصوات، كذلك كل ما كان مرئيا كان من جنس المرئيات وهو الجوهر واللون.
ويقال: أليس القديم سبحانه تمدح بنفي الإدراك بقوله: ?لا تدركه الأبصار?[الأنعام:103]، وكل ما كان نفيه مدحا يرجع إلى ذاته كان إثباته نقضا؛ لأن النفي بمجرده لا يكون مدحا فوجب أن لا يرى بحال، كقوله: ?لا تأخذه سنة ولا نوم?[البقرة:255].
ويقال لهم: أليس لما سأل موسى الرؤية بقوله: ?رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ?[الأعراف:143]، فنفى الرؤية نفيا عاما من غير تخصيص.
فإن قال: لولم تجز لما سأل موسى.
Page 97