44

يقال لهم: فكيف توجب علة واحدة حركات متضادة والعلة الواحدة لا توجب ضدين كما لا توجب سكونا وحركة.

ويقال: أليست الحركات عندكم على ضربين، حركة طبيعية كحركة الماء والأرض سفلي وحركة النار والهوا علوي، وحركة اختيارية وهي ما خالف هاتين الحركتين، فلا بد من: بلى، فيقال لهم: فحركات الفلك تجمع فيها حركات متضادة طبيعية أو بعضها طبيعية؟

فإن قال بالأول نقض ما أصل، وإن قال بالثاني.

قلنا: فما الموجب لذلك؟

وبعد فإنا ما وجدنا شيئا فيه حركة علوية وحركة سفلية كلاهما طبيعية، فكيف أثبتم ذلك في الفلك؟ وهل ذلك إلا إثبات لعلة لمعلولين ضدين؟

ويقال: أليست النجوم أجساما؟ فلا بد من: بلى، فيقال: الأجسام متماثلة، فإذا كانت في بعضها حركات مختلفة طبيعية وجب أن يكون في سائرها كذلك.

فإن قال: للفلك طبيعة خامسة أو خارج عن الطبائع.

قلنا: هذا مجرد دعوى، فما دليلك عليه؟

فإن قال: لأن حركاته مختلفة.

قلنا: لأن حيا قادرا يحركه، وبعد فوجب أن تثبت لجميع الأجسام.

ويقال: تلك الطبيعة بأي شيء يحصل فيه دون سائر الأجسام؟

فإن قال: بطبيعة أخرى.

قلنا: فتلك لم حصلت فيها أيضا، فيؤدي إلى ما لا نهاية له، وإن قالوا بحي مختار هدم قولهم.

ويقال لهم: النجوم فوق الطبيعة كما زعمت الفلاسفة أو طبيعة كما زعم أهل النجوم؟، فإن قالوا بنفي الطبائع عنها وأنها فوق الطبيعة.

قلنا: فوجب أن يعدم عنها الاختلاف كعلو بعضها على بعض، وعظم قدر بعضها، واختلاف أحكامها وتأثيراتها، وسرعة جريانها.

وإن قالوا بأنها طبيعة.

قلنا: فيجوز أن تتغير طبائعها وتزيد وتنقص كالطبائع الأربع.

وإن قالوا: يجوز أن تتغير عن طبائعها.

Page 68