Tahkim Cuqul
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
Genres
مسألة في العصمة
قد بينا أن من صفة الرسول أن يكون معصوما قبل البعثة وبعدها، ولا تجوز عليه الكبائر والمنفرات، ولا يجوز فيما يؤدي إلى الغلط والنسيان.
والحشوية يجوزون جميع ذلك، ويروون عنه ما لا يليق به على ما نشير إليه.
ويقال لهم: أليس الله تعالى بعثه وأصحبه المعجز ليؤخذ منه ما يأتي ويصل العبد إلى معرفة مصالحه ويقتدي به في قوله وفعله؟
فإن قالوا: لا، كابروا وخالفوا الآية، وإن قالوا: نعم.
قلنا: فإذا جاز عليه الغلط والكذب والكبائر، فما الأمان من كون الرسول بهذه الصفة وأن جميع ما أداه إلينا كذب؟ وكيف يوثق بقوله وفعله؟.
ويقال لهم: أليس الغرض بالبعثة القبول منهم والإقتداء بهم؟ فلا بد من: بلى، فيقال: فإذا كان بصفة ينفر الناس منه كان نقضا للغرض، وذلك لا يجوز من فعل حكيم.
ويقال لهم: أليس قول الرسول وفعله حجة يجب التأسي به في جميع ذلك؟.
فإن قالوا: لا خالفوا الكتاب والأمة، قال الله تعالى: ?وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا?[الحشر:7]، والأمة بأسرها من لدن الصحابة إلى يومنا هذا يحتجون بقوله وفعله، فإن قالوا: نعم.
قلنا: فإذا كان في أقواله وأفعاله المعاصي والجرائم فكيف يصح ذلك؟.
ويقال: ما يقوله الرسول ويفعله حق أو باطل؟.
فإن قالوا: حق، فهو قولنا، وإن قالوا: باطل، وجب أن لا يقتدى به، وإن قال: بعضه حق وبعضه باطل، وجب أن يبعث رسولا آخر يبين ذلك ثم تسلسل الكلام.
ويقال لهم: بالمعجز الذي ظهر عليه يعلم صدقه على الجملة وأن ما يأتي به حقا أم لا؟.
فإن قالوا: لا، وجب أن يظهر في كل قول وفعل معجزة يعلم أنه حق أو لا يظهر فلا يعلم بقوله وفي هذا بخلاف الدين.
وإن قال: أليس آدم أكل ما نهي عنه؟.
Page 168