ومتى قيل: لم جعل وقت القيامة غيبا؟
قلنا لطفا للمكلفين.
وقيل: (يؤمنون بالغيب) أي بالله وملائكته ورسله، وقيل: بالقرآن وما فيه من علم الغيب، وقيل: بالوحي، وإنما مدحوا بذلك، لأن علم الضرورة فعل الله تعالى، وإنما يتفاضل الناس بالاستدلاليات. (ويقيمون الصلاة) أي يتمونها بركوعها وسجودها وأركانها، وقيل: يؤدونها بقيامها، وقيل: يديمونها (ومما رزقناهم ينفقون) قيل: مما أعطيناهم ينفقون في الجهاد، وقيل: من الزكاة، وقيل: أراد النفقة على نفسه وعياله.
ومتى قيل: قوم واحد زصفوا بجميع ذلك، كقول الشاعر: إلى الملك القرم وابن الهمام ... وليث الكتيبة في المزدحم وقيل: هم قومان، فالذين ذكروا في الآية الأولى من آمن من مشركي العرب، والذين ذكروا في الآية الأخرى من آمن من أهل الكتاب.
* * *
(الأحكام)
الآية تدل على بطلان قول أصحاب المعارف من وجوه: أحدها: أن جميع الأشياء لو كانت معلومة ضرورة لم تكن غيبا، ولأنه لو كان الكافر يعلم كما يعلم المؤمن لما خص المتقين، ولأنه لا يصح المدح بالضرورات.
وتدل على أن الإيمان بالغيب من شرط استحقاق الثواب.
وتدل على وجوب الصلاة، وأنها شرط في استحقاق الفلاح، خلاف قول المرجئة.
وتدل على أن الاسم نقل من اللغة إلى الشرع، لأن الصلاة يفهم منها أفعال مخصوصة.
ويدل قوله: (ومما رزقناهم ينفقون) على أن الرزق هو الحلال، لأنه مدحه بالإنفاق.
Page 228