والصراط: الطريق، وأصله من قولك: سرطت الطعام أسرطته مثل زردته.
والاستقامة والاستواء نظيران، ونقيضه الاعوجاج، يقال: استقام هذا، واعوج ذاك.
* * *
(الإعراب)
الكناية في قوله: (اهدنا) محله نصب؛ لأنه مفعول، والصراط: المفعول الثاني، والمستقيم: نعت للصراط.
* * *
(المعنى)
لما أمر الله تعالى بعبادته بين ما فيه العبادة، فقال: اهدنا الصراط قيل: ثبتنا على الطريق المستقيم والهداية، عن أبي علي وأبي بن كعب، وهذا كما يقال لمن يأكل: كل، أي دم على الأكل، وقيل: أرشدنا إلى طريق الجنة في الآخرة، وقيل: الطف بنا في المستقبل والمستأنف كما لطفت في الماضي؛ لأن العبد وإن كان على طريق الحق فمحتاج إلى ألطاف ربه، ليزيل عنه الشكوك، ووسوسة الشيطان، وشبه المبطلين، وقيل: معناه دلنا إلى الطريق التي تؤدينا إلى الفوز والنجاة، والأحسن هو الأول؛ ليشاكل ما قبله من طلب المعونة.
ومعنى الصراط المشتقيم، قيل: الطريق المستقيم، وهو دين الإسلام وطريقة الحق، عن ابن الحنفية ومقاتل، وقيل: كتاب الله، وقيل: طريق الرسول وصاحبيه أبي بكر وعمر، عن أبي العالية، وقيل: طريق الجنة، عن سعيد بن جبير وأبي مسلم.
ومتى قيل: إذا وجبت الهداية فما معنى السؤال [*]؟
فجوابنا ما تقدم؛ لأن السؤال قد يكون عبادة، ولأنه قد يكون مصلحة عند السؤال، مفسدة عند عدمه، ونقلب عليه فنقول: إذا كان عندك إنما علم كونه فلا بد أن يفعله، فما معنى السؤال؟ فأي جواب أتى به فهو جوابنا.
Page 214