الظن والتحزير من النظائر، والظن جنس برأسه سوى الاعتقاد عند أبي علي والقاضي، وهو من جنس الاعتقاد عند أبي هاشم، ويفارق الشك؛ لأن في الشك يستوي النقيضان عنده، والظن أن يقوى أحد الجانبين، ويستعمل الظن بمعنى اليقين، قال الشاعر: هو دريد بن الصمة: فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج ... سراتهم في الفارسي المسرد وتستعمل بمعنى الشك، والقرآن جاء بهما، فأما بمعنى اليقين فقوله: (وظنوا أن لا ملجأ من الله)
وبمعنى الشك: (وظننتم ظن السوء) والظن يكون اسما ويكون مصدرا، فإذا قلت: ظننت ظنا فهذا مصدر، وإذا قلت: ظني به كذا جعلته اسما، والظن قد يحسن كما في المسائل الاجتهادية، وقد يقبح كما في أصول الدين.
وأصل الملاقاة: الملاصقة، ثم قد يستعمل في غيره، يقال: التقى الفارسان.
والرجوع: العود إلى حال كان عليه هذا لصلة، ثم يستعمل في غيره توسعا ومجازا.
* * *
(الإعراب)
يقال: لم حذفت النون من ملاقو ربهم؟
قلنا: قال البصريون: حذفت تخفيفا، والمعنى على إثباتها ، ومثله: (إنا مرسلو الناقة)
وقال الكوفيون: إذا حذفت النون فللفظ الاسم، وإذا ثبت وظهر النصب فلمعنى الفعل، ولا يجوز كسر (إن) الأولى؛ لأن الظن واقع عليها، ويجوز في الثانية الكسر، والقراءة بالنصب فيهما.
* * *
(المعنى)
لما تقدم ذكر المؤمنين أتبعه ببيان صفتهم فقال تعالى: الذين يظنون يعني يوقنون، والظن بمعنى اليقين عند أكثر أهل العلم: الحسن ومجاهد وأبي العالية وابن جريج وغيرهم، ونظيره: (إني ظننت أني ملاق حسابيه) وقيل: إنه بمعنى الظن لا اليقين، والمعنى يظنون أنهم ملاقو ربهم بذنوبهم لشدة إشفاقهم من الإقامة على معصية الله تعالى، وفيه بعد لكثرة الحذف، وقيل: إنه لا يفارق قلبه ظن الموت في
Page 366