161

Tahbir

التحبير لإيضاح معاني التيسير

Investigator

محَمَّد صُبْحي بن حَسَن حَلّاق أبو مصعب

Publisher

مَكتَبَةُ الرُّشد

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

الرياض - المملكة الْعَرَبيَّة السعودية

Genres

وقال صاحب الصحائف: من اعتقد أركان الدين تقليدًا فاختلفوا فيه؟ فقيل: مؤمن، وإن كان عاصيًا بترك النظر والاستدلال المؤدي إلى معرفة أدلة قواعد الدين، وهذا مذهب الأئمة الأربعة (١)، والأوزاعي، والثوري، وكثير من المسلمين. وقيل: لا يستحق اسم المؤمن إلا بعد عرفان الأدلة، وهو مذهب الأشعري (٢). انتهى. وهذا الحديث والذي بعده يردان هذا القول، فإنه لو كان عدم النظر عصيان لما أقر النبي ﷺ الجارية عليه، وقد سماها مؤمنة، وأما ما نقل عن الأشعري أن إيمان المقلد لا يصح،

(١) قال الشوكاني في "إرشاد الفحول" (٨٦٣) بتحقيقي: واستدل الجمهورُ بأن الأمة أجمعت على وجوب معرفة الله ﷿، وأنها لا تحصل بالتقليد، لأن المقلد ليس معه إلا الأخذ بقول من يقلده ولا يدري أهو صوابٌ أم خطأ. قال الأستاذ أبو منصور: فلو اعتقد من غير معرفة بالدليل فاختلفوا فيه فقال أكثر الأئمة: إنه مؤمنٌ من أهل الشفاعةِ، وإن فُسِّق بترك الاستدلال، وبه قال أئمة الحديث. وقال الأشعري: وجمهورُ المعتزلة لا يكون مؤمنًا حتى يخرج فيها عن جملة المقلدين. اهـ "الوسيط" (٥٦٤) "وجمع الجوامع" (٣/ ٤٠٢) و"المسودة" (ص ٤٠٧). ثم عقب الشوكاني على ذلك بقوله: فيا لله العجب من هذه المقالةِ التي تقشعرُّ لها الجلودُ وترجُف عند سماعِها الأفئدة، فإنها جنايةٌ على جمهور هذه الأمة المرحومة، وتكليف لهم بما ليس في وُسْعهم ولا يطيقونه، وقد كفى غالب الصحابة الذين لم يبلغوا درجةً الاجتهاد ولا قاربوها الإيمان الجُمليَّ، ولم يكلفهم رسول الله ﷺ وهو بين أظهرُهم بمعرفة ذلك ولا أخرجهم عن الإيمان بتقصيرهم عن البلوغ إلى العلم بذلك بأدلته. وما حكاه الأستاذُ أبو منصور عن أئمة الحديث من أنه مؤمنٌ وإن فُسِّق فلا يصحُّ التفسيق عنهم بوجهٍ من الوجوه، بل مذهبُ سابقهم ولاحقهم الاكتفاءُ بالإيمان الجُمْليَّ، وهو الذي كان عليه خيرُ القرونِ، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، حرَّم كثيرٌ منهم النظر في ذلك وجعله من الضلالة والجهالة، ولم يخف هذا من مذهبهم حتى على أهل الأصولِ والفقه. اهـ (٢) تقدم التعليق على كلام الأشعري في التعليقة المتقدمة آنفًا.

1 / 161