181

Tahafut

تهافت الفلاسفة

Investigator

الدكتور سليمان دنيا

Publisher

دار المعارف

Edition Number

السادسة

Publisher Location

القاهرة - مصر

لا ينعدم في العالم إلا الأعراض والصور المتعاقبة على الأشياء إذ تنعدم صورة المائية بضدها وهو صورة الهوائية، والمادة التي هي المحل لا تنعدم قط وكل جوهر ليس في محل فلا يتصور عدمه بالضد إذ لا ضد لما ليس في محل فإن الأضداد هي المتعاقبة على محل واحد. ولا بالقدرة وباطل أن يقال: تفنى بالقدرة، إذ العدم ليس شيئًا حتى يتصور وقوعه بالقدرة وهذا عين ما ذكروه في مسألة أبدية العالم وقد قررناه وتكلمنا عليه. اعتراضنا الأول راجع ما سبق والاعتراض عليه من وجوه: الأول أنه بناء على أن النفس لا يموت بموت البدن لأنه ليس حالًا في جسم، وهو بناء على المسألة الأولى فقد لا نسلم ذلك: اعتراضنا الثاني حدوث النفس لا يكون إلا بحدوث البدن الثاني هو أنه لا يحل البدن عندهم فله علاقة بالبدن حتى لم يحدث إلا بحدوث البدن. هذا ما اختاره ابن سينا والمحققون وأنكروا على أفلاطن أن النفس قديمة ويعرض لها الاشتغال بالأبدان بمسلك برهاني محقق. كما تحقق الأمر وهو أن النفوس قبل الأبدان، إن كانت واحدة فكيف انقسمت وما لا عظم له ولا مقدار لا يعقل انقسامه. وإن زعم أنه لم ينقسم فهو محال إذ يعلم ضرورة أن نفس زيد غير نفس عمرو ولو كانت واحدة لكانت معلومات زيد معلومة لعمرو فإن العلم من صفات ذات النفس وصفات الذات تدخل مع الذات في كل إضافة، وإن كانت النفوس متكثرة فماذى تكثرت؟ ولم تتكثر بالمواد ولا بالأماكن ولا بالأزمنة ولا بالصفات إذ ليس فيها ما يوجب اختلاف الصفة بخلاف النفوس بعد

1 / 275