126

Tahafut

تهافت الفلاسفة

Investigator

الدكتور سليمان دنيا

Publisher

دار المعارف

Edition Number

السادسة

Publisher Location

القاهرة - مصر

مسألة في تعجيزهم عن إقامة الدليل على أن السماء حيوان مطيع لله تعالى بحركته الدورية قولهم وقد قالوا إن السماء حيوان وإن له نفسًا نسبته إلى بدن السماء كنسبة نفوسنا إلى أبداننا، وكما أن أبداننا تتحرك بالإرادة نحو أغراضها بتحريك النفس فكذى السموات، وإن غرض السموات بحركتها الذاتية عبادة رب العالمين على وجه سنذكره. لا ينكر إمكانه ومذهبهم في هذه المسألة مما لا ينكر إمكانه ولا يدعى استحالته فإن الله قادر على أن يخلق الحياة في كل جسم فلا كبر الجسم يمنع من كونه حيًا ولا كونه مستديرًا فإن الشكل المخصوص ليس شرطًا للحياة إذ الحيوانات مع اختلاف أشكالها مشتركة في قبول الحياة. ولكن لا يعرف بدليل العقل ولكنا ندعى عجزهم عن معرفة ذلك بدليل العقل وإن هذا إن كان صحيحًا فلا يطلع عليه إلا الأنبياء بإلهام من الله أو وحي وقياس العقل ليس يدل عليه. نعم لا يبعد أن يتعرف مثل ذلك بدليل إن وجد الدليل وساعد، ولكنا نقول ما أوردوه دليلًا لا يصلح إلا لإفادة ظن، فأما أن يفيد قطعًا فلا. الضلال في قولهم بأن السماء متحرك وخبالهم فيه أن قالوا: السماء متحرك وهذه مقدمة حسية. وكل جسم متحرك فله محرك وهذه مقدمة عقلية إذ لو كان الجسم يتحرك لكونه جسمًا لكان كل جسم متحركًا. كل متحرك إما أن يكون قسريًا أو طبيعيًا أو إراديًا وكل محرك فإما أن يكون منبعثًا عن ذات المتحرك كالطبيعة في

1 / 218