[166] قلت القول بهذا هو كما قال مكابرة للعقل الذى هو فى بادئ الرأى وأما عند العقل الحقيقى فليس هو مكابرة فان القول بامكان هذا أو بعدم امكانه مما يحتاج الى برهان ولذلك صدق فى قوله انه ليس امتناع هذا كتقدير الجمع بين السواد والبياض لان هذا معروف بنفسه استحالته واما كون العالم لا يمكن فيه أن يكون أصغر أو أكبر مما هو عليه فليس معروفا بنفسه والمحالات وان كانت ترجع الى المحالات المعروفة بأنفسها فهى ترجع بنحوين احدهما أن يكون ذلك معروفا بنفسه انه محال والثانى أن يكون يلزم عن وضعه لزوما قريبا أو بعيدا محال من المحالات المعروفة بأنفسها انها محال . مثال ذلك ان فرض العالم يمكن أن يكون أكبر أو أصغر يلزم عنه أن يكون خارجة ملاء أو خلاء ووضع خارجه ملاء أو خلاء يلزم عنه محال من المحالات أما الخلاء فوجود بعد مفارق وأما الجسم فكونه متحركا اما الى فوق واما الى أسفل واما مستديرا فان كان ذلك كذلك وجب أن يكون جزءا من عالم آخر وقد تبرهن ان وجود عالم آخر مع هذا العالم محال فى العلم الطبيعى وأقل ما يلزم عنه الخلاء لان كل عالم لا بد له من اسطقسات أربعة وجسم مستدير يدور حولها فمن أحب أن يقف على هذه فليضرب اليها بيده فى المواضع التى وجب ذكرها وذلك بعد الشروط التى يجب أن يتقدم وجودها فى الناظر نظرا برهانيا
[167] ثم ذكر الوجه الثانى فقال انه ان كان العالم على ما هو عليه لا يمكن أن يكون أكبر منه ولا اصغر فوجوده على ما هو عليه واجب لا ممكن والواجب مستغن عن علة فقولوا بما قاله الدهريون من نفى الصانع ونفى سبب هو مسبب الاسباب وليس هذا مذهبكم
Page 91