{ فصل النهي أما عن الحسيات كالزنا وشرب الخمر } المراد بالحسي ما له تحقق حسي فقط وبالشرعي ما له مع تحققه الحسي تحقق شرعي بأركان وشرائط مخصوصة اعتبرها الشارع بحيث لو انتفى بعضها لم يجعله الشارع ذلك الفعل ولا يحكم بتحققه كالصلاة بلا طهارة والبيع الوارد على ما ليس بمحل وإن وجد الفعل الحسي من الحركات والسكنات والإيجاب القبول { فيقتضى القبح لعينه } أي يوجبه { اتفاقا إلا بدليل أن النهي بقبح غيره } لأن الأصل أن يكون عين المنهي عنه قبيحا فلا يصرف عنه إلا إذا دل الدليل على أن النهي عنه ليس لعينه أي لجميع أجزائه أو لبعضها بل لغيره فح يكون قبيحا لغيره { فهو إن كان وصفا فكالأول } أي إذا كان ذلك الغير وصفا فحكمه حكم القبيح لعينه فهو ملحق بالقسم الأول إلا أن القسم الأول حرام لعينه وهذا حرام لغيره { وإن كان مجاورا لا } أي لا يلحق بالقسم الأول { كقوله تعالى ولا تقربوهن حتى يطهرن } دل الدليل على أن النهي عن القربان للمجاور وهو الأذى حتى إن قربها ووجد العلوق يثبت النسب اتفاقا { إما عن الشرعيات كالصوم والبيع فعند الشافعي هو كالأول } أي يقتضي القبح لعينه إلا إذا دل الدليل على أن النهي للقبح لغيره وعندنا يقتضي القبح لغيره فيصح ويشرع بأصله إلا بدليل أن النهي للقبح لعينه ثم القبيح لعينه باطل اتفاقا } وفي التمثيل بالصوم والبيع تنبيه على أن الخلاف بين الفريقين ينتظم العبادات والمعاملات { وهو يقول لا صحة لها } أي للشرعيات { إلا وأن يكون مشروعة ولا يكون مشروعة مع نهي الشرع عنه إذ أدنى درجات المشروعية الإباحة وقد انتفت ولأن النهي يقتضي القبح وهو ينافي المشروعية } اعلم أن الخلاف بيننا وبينه في أمرين أحدهما أن النهي عن الشرعيات بلا قرينة يقتضي القبح لعينه عنده فيكون التصرف باطلا وعندنا يقتضي القبح لغيره والصحة لأصله فلا يبطل التصرف وثانيهما أنه إذا وجد القرينة على أن النهي سبب القبح لغيره ويكون ذلك الغير وصفا فإنه بطل عنده وعندنا يكون صحيحا بأصله لا بوصفه ونسميه فاسدا وهذا الخلاف مبني على الأول وسيجيء في هذا الفصل والدليلان المذكوران للخلافية الأولى { قلنا حقيقة النهي توجب كون النهي عنه ممكنا شرعا فيثاب بالامتناع عنه ويعاقب بفعله وللخصم } ههنا { اعتراض } ذكر الإمام الغزالي في المستصفى أن مثل الثوم والبيع في الأوامر مستعملة في المعاني الشرعية دون اللغوية للعرف الطارئ وما وجدنا ذلك العرف في النواهي فبقي على أصل الوضع من المعاني اللغوية كقوله تعال ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم وقوله عليه السلام دعي الصلاة أيام إقرائك فإنه في معنى النهي { وحاصله أن إمكان الفعل باعتبار اللغة كاف في النهي ولا ثم احتياجه إلى إمكان المعنى الشرعي وجوابه ظاهر وهو القطع بأن النهي إنما هو عما سماه الشرع نكاحا وصوما وصلاة لا عن المعاني اللغوية لها } ورد هذا الجواب بأن الشرع ليس معناه المعتبر شرعا بل ما يسميه الشارع بذلك الاسم وهو الصورة المعينة والحالة المخصوصة صحت أم لا تقول صلاة صحيحة وصلاة غير صحيحة وصلاة الجنب وصلاة الحائض باطلة { ولأن النهي عن المستحيل لغو } يعني أنه لو لم يكن صحيحا لكان ممتنعا فلا يمنع عنه لأن المنع عن الممتنع عبث ورد بأنه ممتنع بهذا المنع والمحال منع الممتنع بغير هذا المنع كالحاصل يمتنع تحصيله إذا كان حاصلا بغير هذا التحصيل { ولا ثم أن أدنى درجات المشروعية الإباحة بل ادناها الرخصة مع عدم انكشاف الحرمة } والمعصية كالرخصة في الحنث لمن حلف على أمر ورأى غيره خيرا منه مأمور به بقوله عليه الام فليأتي الذي هو خير ثم ليكفر عن يمينه { وأيضا دلالة النهي على كونه معصية لا على كونه غير مفيد لحكمه كالملك مثلا فنقول بصحته لا بإباحته وأماالجواب بان القبح مقتضى النهي فلا يثبت على وجبه يبطل المقتضى } يعني أن النهي يقتضي أن يكون المنهي عنه قبيحا قبله فلا يمكن أن يثبت المقتضى على وجه يبطل المقتضى وهو النهي فإنه لو كان قبحه لعينه لبطل النهي لأن القبيح لعينه لا يمكن وجوده شرعا وقد مر أن النهي عن المستحيل لغو { فإنما يتمشى على أصل من قال بالقبح العقلي } وأيضا عدم إمكان وجود القبيح لعينه شرعا محل نظر وقد مر وجهه فتذكر { وأبو الحسين البصري أخذ في المعاملات مذهبنا } على التفصيل الذي يأتي { لا في العبادات أصلا } فإنه ذهب فيها إلى أن النهي يقتضي البطلان وإن كان الدليل دالا على أن النهي بسبب القبح في المجاور { فلا يصح الصلاة في الأرض المغصوبة عنده } وأما عندنا وعند الشافعي صحيحة لكن على صفة الكراهة { لأنه لم يأت بالمأمور به لأن المنهي عنه لم يؤمر به } لتضاد الأمر والنهي { قلنا كل معين يأتي به فإنه لم يؤمر به } ضرورة تغاير المطلق والمقيد { بل مطلق الفعل مأمور به لكنه يخرج عن العهدة بإتيانه بمعين لاشتماله على المأمور به ذاتا ولا يضره ما فيه من المنهي عنه بالعرض } إذ لا تضاد بين ما بالذات وما بالعرض ولما استشعر أن يقال أنكم قد اخترعتم نوعا من الحكم لا نظير له في المشروعات وهو نصب الشرع بالرأي فلا يجوز تداركه بقوله { والمشروعات يحتمل هذا } أي الاشتمال على المأمور به بالذات والمنهي عنه بالعرض { إجماعا كالإحرام الفاسد والطلاق الحرام ونحوهما } وإنما قيد المأمور به بالذات والمنهي عنه بالعرض لأنه بالتقسيم العقلي إما أن يكون بالذات أو يكونا بالعرض أو يكون الأول بالذات والثاني بالعرض أو بالعكس والأول محال لأنه إما بحسب عينه فيوجب أن يكون حسنا لعينه وقبيحا لعينه فيحتمل الضدان وأما بحسب جزئه فهذا الجزء يكون قبيحا لعينه أو منهيا إليه قطعا للتس فيكون باطلا ولا يتحقق الكل فعلم من هذا أن القبح لمعنى في نفسه يمكن أن يكون قبيحا بجزء واحد أما الحسن لمعنى في نفسه فلا يتصور بكون شيء من اجزائه قبيحا لعينه وأما الثاني فقد مر أن الأمر المطلق يقتضي الحسن لمعنى في نفسه فلا يتأدى بما هو مأمور به بالعرض لأنه حسن لغير فلا يتأدى به المأمور به فهذا القسم ممكن بل واقع لكن لا يتأدى به المأمور به أمرا مطلقا وأما الرابع فيكون باطلا لا يتأدى به المأمور به فبقي القسم الثالث وهو المدعي { فعلى هذا الأصل } وهو أن النهي عن المشروعات يقتضي القبح لغيره والصحة والمشروعية بأصله إلا بدليل أن النهي للقبح لعينه { إن لم يدل الدليل } على أنالنهي للقبح لعينه أو لغيره { يبطل عنده ويصح بأصله عندنا وإن دل على أن النهي لغيره فذلك الغير إن كان وصفا له يبطل عنده ويفسد عندنا } أي يصح بأصله لا بوصفه إذا لصحة تتبع الأركان والشرائط فيحسن لعينه ويقبح لغيره بلا ترجيح العارضي على الأصلي { وعنده الباطل والفاسد سواء } هذا هو الخلاف الآخر الموعود ذكره وهو بناء على الأول لأنه لما كان الأصل في المنهي عنه البطلان عنده يجب أن يجري على أصله إلا عند الضرورة وهي مقتصرة علىما دل الدليل على أن النهي فيه بقبح المجاور كالبيع وقت النداء أما إذا دل الدليل على أنالنهي لقبح الوصف اللازم فلا ضرورة في أن لا يجري النهي على أصله فإن بطلان الوصف اللازم يوجب بطلان الأصل بخلاف المجاور لعدم اللزوم وأما عندنا فلأن الأصل في النهي عنه إذا كان تصرفا شرعيا الوجود والصحة شرعا فيجري على أصله إلا عند الضرورة وهي منحصرة فيما إذا دل الدليل على أن القبح لعينه أو لجزئه أما إذا دل الدليل على أن النهي لقبح الوصف اللازم فلا ضرورة في البطلان لأن صحة الأجزاء والشروط كافية لصحة الشيء وترجيح الصحة بصحة الأجزاء أولى من ترجيح البطلان بالوصف الخارجي فإذا لم يوجد الضرورة يجري النهي على أصله وهو أن يكون المنهي عنه موجودا شرعا أي صحيحا وههنا بحث وهو أن الوقت من شروط الصلاة والصوم وقد جعل في الصلاة مجاورا وفي الصوم وصفا لازما لما سيجيء وموجب التعليل القابل لأن صحة الأجزاء والشروط إلخ أن يقيد الوصف اللازم بأن لا يكون من الشروط وهل هذا إلا تدافع ظاهر اللهم إلا أن يقال شرط الصلاة والصوم مطلق الوقت وما جعل مجاورا في الأولى ووصفا لازما في الثاني خصوصية الوقت كيوم النحر ووقت طلوع الشمس { وذلك كالبيع بالشرط } الفاسد { والربا والبيع بالخمر وصوم الأيام المنهية } هذه أمثلة الصحيح بأصله لا بوصفه الذي نسميه فاسدا { لكن صح النذر به } أي مع أن صوم الأيام المنهية فاسد يصح النذر به { لأنه طاعة والمعصية غير متصلة به ذكرا بل فعلا } وهو الإعراض عن ضيافة الله تعالى فأما في ذكره والتلفظ به فلا معصية فصح النذر به لأن النذر بالقول لا بالفعل { فلا يلزم بالشروع } لأنه فعل وهو معصية { وأما الصلاة في الأوقات المنهية وقد نهيت لفساد في الوقت وهو سببها وظرفها } فمن حيث أنه سبب يجب الملائمة بينهما { فأوجب نقصانا فلا يتأدى به الكامل } كما في الفجر وقضاء الصلاة في الأوقات المنهية فإن وجب ناقصا يتأدى ناقصا كما في أداء العصر { لا معيار فتعلقها بها تعلق } لا تعلق الوصفية { فلم يوجب فسادا } بل نقصانا { فيضمن بالشرع بخلاف الصوم } فإن الوقت معيار والصوم عبادة مقدرة بالوقت فيكون كالوصف له ففساده يوجب فساد الصوم وأثر هذا الفرق إنما يظهر في النفل حتى لو شرع في الصلاة في الأوقات المنهية يجب عليه إتمامها ولو أفسد يجب عليه قضاؤها بخلاف الصوم فإنه لو شرع فيه في الأيام المنهية لا يجب إتمامه بل يجب رفضه وإن رفضه لا يجب القضاء { وإن كان مجاورا يقتضي كراهية } متعلق بقوله فذلك الغير إن كان وصفا له { عندنا وعنده } خلافا لأبي الحسين البصري لما مر أن النهي في العبادات يوجب البطلان عنده وإن دل الدليل على أنه لقبح أمر مجاور { كالصلاة في الأرض المغصوبة والبيع وقت النداء } المثال الأول للعبادات والثاني للمعاملات { وإن دل على أن النهي لعينه أي لذاته أو لجزئه يبطل اتفاقا كالملاقيح } جمع ملقوح عند الزمخشري والملقوحة عند الأزهري والجوهري وهي ما في البطون من الأجنة { والمضامين } جمع مضمون وهو ما في الأصلاب من الماء وفي الحديث نهى عن بيع المضامين والملاقيح { فإن الركن } وهو المبيع { معدوم فدل الدليل } وهو انعدام الركن وكون المنهي عن المستحيل لغوا { على أنه } أي النهي مجاز { عن النسخ } فإن النسخ لإعدام الصحة والمشروعية والجامع أن الحرمة تثبت بكل منهما إلا أن الحرمة بالنسخ لعدم بقاء المحل بخلاف الحرمة بالنهي فيكون قبيحا فعينه لأن البطلان والقبح لعينه متلازمان اعلم أن تحصيل مسائل هذا الفصل موقوف على تفصيل الكلام في الجزء والوصف والمجاور فكل واحد من هذه الثلاثة إما أن يصدق على ذلك المنهي عنه وإلا فالجزء إما صادق على الكل وهو ما يصدق على الشيء ويتوقف تصور ذلك الشيء على تصوره كالعبادة للصلاة وأما غير صادق كأركان الصلاة لها والإيجاب ولقبول والمبيع للبيع والوصف والمراد به اللازم الخارجي أما أن تصدق على الملزوم نحو الجهاد إعلاء كلمة الله تعالى وصوم الأيام المنهية إعراض من ضيافة الله تعالى وإما أن لا يصدق كالثمن فإنه كلما يوجد البيع يوجد الثمن لكنه لا يصدق عليه وليس ركنه لأنه وسيلة لا مقصود أصلي فجرى مجرى الآلات الصانعة كالقدوم والمجاور وهو الشيء الذي يصاحبه وفارقه في الجملة وهو إما صادق على الشيء كما يقال البيع وقت النداء واشتغال عن السعي الواجب فإنه قد يوجد الاشتغال بدون البيع وبالعكس كما إذا وجد البيع في حالة السعي وإما غير صادق كقطع الطريق لا يصدق على السفر بل السفر موصل إليه فهو يوجد بدجون سفر المعصية كما إذا قطع بدون السفر أو سافر للحج فقطع الطريق وبالعكس كما إذا سافر ولم يوجد القطع سواء نوه أو لم ينو إذا ثبت هذا جئنا إلى تطبيق الأمثلة المذكورة على هذه الأصول أما الربا فإنه فضل حال عن عوض شرط في عقد المعارضة فلما كان مشروطا في العقد كان لازما له ثم هو خال عن العوض لأن الدرهم لا يصلح عوضا إلا لمثله فإن المعادلة بين الزائد والناقص عدول عن قضية العدل فلم يوجد المبادلة في الزائد لك الزائد فرع على المزئد عليه فكان كالوصف أو نقول ركن البيع وهو مبادلة المال بالمال قد وجد لكن لم يوجد المبادلة الكاملة فأصل المبادلة حاصل لا وصفها وهو كونها تامة وأما البيع الشرط فكالربا لأن الشرط أمر زائد وأما البيع بالخمر فإن الخمر مال غير متقوم فجعلها ثمنا لا يبطل البيع لما ذكرنا أن الثمن غير مقصود بل تابع ووسيلة فيجري مجرى الأوصاف التابعة ولأن ركن البيع وهو مبادلة المال بالمال متحقق لكن لم يوجد المبادلة الكاملة فأصل المبادلة حاصل لا وصفها وهو كونها تامة وأما البيع بالشرط فكالربا لأن الشرط أمر زائد أما البيع بالخمر فإن الخمر مال غير متقوم فجعلها ثمنا لا يبطل البيع لما ذكرنا أن الثمن غير مقصود بل تابع ووسيلة فيجري مجرى الأوصاف التابعة ولأن ركن البيع وهو مبادلة المال بالمال متحقق لكن المبادلة التامة لم يوجد لعدم المال المتقوم في أحد الجانبين وأما صوم أيام المنهية فلما ذكرنا أن الوقت كالوصف ولأنه إعراض عن ضيافة الله تعالى وهذا وصف له وأما الصلاة في الأرض المغصوبة فإن شغل مكان الغير لم يلزم من الصلاة بل من المصلي فإن كل جسم من تمكن فوقع بين شغل مكان الغير لم يلزم من الصلاة بل من المصلي فإن كل جسم متمكن فوقع بين شغل مكان الغير وبين الصلاة ملازمة اتفاقية وأما البيع وقت النداء فقد سبق ذكره وقد وقع بينه وبين الاشتغال عن السعي ملازمة اتفاقية { وكذا } أي مثل بيع الملاقيح والمضامين { النكاح بغير شهود } وفي البطلان لا في أن النهي فيه لذاته { إذ لا نهي هنا لأنه منهي بقوله عليه السلام لا نكاح إلا نكاح إلا بشهود } فإنه نفى لتحقق النكاح الشرعي بدون الشهود ولما اتجه أن يقال لما كان باطلا ينبغي أن لا يثبت النسب ولا يسقط الحد أجاب عنه بقوله { وإنما النسب وسقوط الحد للشبهة } ولما استشعر أن يقال أن هذا النفي في معنى النهي كقوله تعالى فلا رفث ولا فسوق وأيضا قد ورد النهي عن النكاح مع بطلانه كقوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم تنزل عما ذكره وأجاب بما هو أعم وأتم فقال { ولو سلم أنه منهي عنه لكان نهيه يوجب البطلان لأن النهي يوجب الحرمة } بلا خلاف { والنكاح } عقد { وضع للحل فعند الانفصال عنه يبطل لخلاف البيع فإن وضعه للملك لا للحل } فإنه تابع فيه { بدليل مشروعيته في موضع الحرمة كالأمة المجوسية وفيما لا يحتمل الحل أصلا كالعبد } فإذا انفصل عن الحل لا يبطل البيع { فإن قيل النهي عن الحسيات يقتضي القبح لعينه والقبح لعينه لا يفيد حكما شرعيا إجماعا فلا يثبت حرمة المصاهرة بالزنا والملك بالغصب واستيلاء الكفار والرخصة بسفر المعصية } هذا السؤال نقض للقاعدة القائلة أن النهي عن الأفعال الحسية يقتضي قبحها فلا يتجه أن يقال لا ثم أنه إذا ورد النهي عن الحسيات لا يفيد حكما شرعيا فإن الطلاق في الحيض يفيد حكما شرعيا والظهار يفيد الحكم الشرعي وهو الكفارة لأن مطلوب الناقض بطلان القاعدة وفي المنع المذكور تسليم بطلانها فحق السؤال المذكور أن يجعل ابتداء إشكال تقريره أن المنهي عنه في الصور المذكور فعل حسي لا دلالة فيه على أن النهي عنه لغيره وكل ما هذا شأنه فهو قبيح لعينه ولا شيء من القبيح لعينه بمفيد الحكم شرعي فيلزم أن لا يكون الأفعال المذكورة مفيدة للأحكام المذكورة وتقرير حله أن الطلاق في الحيض ليس منها عنه لذاته فإن الدليل قد دل على أنه لقبح المجاور وإن الظهار لا يفيد حكما شرعيا هو مطلوب عنه بل يفيد حكما شرعيا هو زاجر والمنفي في المنهي عنه إفادة حكم شرعي هو المطلوب عنه { قلنا الزنا لا يوجب ذلك بنفسه } أي لا يوجب الزنا بذاته حرمة المصاهرة حتى يرد الإشكال { بل لأنه سبب للولد وهو الأصل في الإيجاب والحرمة } لأن الاستمتاع بالجزء لا يجوز { ثم يتعدى منه إلى الأطراف } أي الفروع والأصول كأمهات النساء { والأسباب } أي الولد موجب لحرمة أمهات النساء فأقيم ما هو سبب الولد وهو النكاح مقام الولد في إيجاب حرمتهن كما أقيم السفر مقام الشقة في إثبات الرخصة وسبب الولد هو الوطئ ودواعيه فجعلناها موجبة لحرمة المصاهرة لا ذاتا بل بتبعية الولد { وما يعمل بالخلفية يعتبر في عمله صفة الأصل } أي لما جعل الوطئ موجبا لحرمة المصاهرة لكونه خلفا عن الولد لا يعتبر حرمته بل حرمة الأصل لأن المعتبر في الخلف صفات الأصل كالتراب جعل خلفا عن الماء فلم يعتبر صفاته بل اعتبر صفات الماء من الطهورية ونحوها { والأصل وهو الولد لا يوصف بالحرمة والملك بالغصب لا يثبت مقصودا بل } إنما يثبت الملك في المغصوب { شرطا لحكم شرعي وهو الضمان } أي بناء على أن الضمان صار ملكا للمغصوب منه { لئلا يجتمع البدل والمبدل منه في ملك شخص واحد } هذا جواب عما ذكره بقوله لا يثبت الملك بالغصب ولما اتجه أن يقال لانم أنه لا يجوز اجتماع البدلين في ملك شخص واحد فإن ضمان المدبر يصير ملكا للمغصوب منه مع أن المدبر لا ينتقل عن ملكه أجاب عنه بقوله { والمدبر يخرج عن ملك المولى تحقيقا للضمان } فإنه ما لم يخرج عن ملكه لا يدخل الضمان في ملكه لكن { لا يدخل في ملك الغاصب ضرورة لئلا يبطل حقه } أي حق المدبر وهو استحقاق الحرية { أو هو } أي ضمان المدبر { في مقابلة ملك اليد } وهذا جواب آخر ثم أجاب عن استيلاء الكفار بقوله { وأما الاستيلاء فغنما نهي لعصمة أموالنا } يعني لا نم أنه دليل على كون الاستيلاء منهيا عنه لغيره فإن الادماع على ثبوت الملك بالاستيلاء على المال المباح دليل على أن النهي عنه لغيره وهو عصمة المحل أعني كون الشيء محرم التعرض محضا لحق الشرع أو لحق العبد { وهي غير ثابتة في زعمهم } يعني لا التزام من جهتهم وليس لنا ولاية التبليغ والالزام فكان استيلاؤهم على هذا المال واستيلاؤهم على العبد سواء ولا يلزم استيلاؤهم على رقابنا حيث لا يملكونها به لأنه إنما يلزم ذلك ان لو كان الرقاب في الأصل مباح التملك بالاستيلاء عليها كالأموال حتى يكون النهي عن الاستيلاء عليها لغيره وليس كذلك فإن الأصل في الرقاب الخطر لقوله تعالى ولقد كرمنا بني آدم فإن المملوكية ينافي المكرمية والإباحة لعارض فيكون منها لذاته فاتضح الفرق بينهما { أو ثابتة ما دام محرزا وقد زال فسقط النهي يعني إن سلمنا أن العصمة ثابتة في الجميع إلا أنها انتهت بانتهاء سببها وهو الإحراز وإذا انتهت العصمة يسقط النهي فلم يبق الاستيلاء محظورا { في حق الدنيا } أما في حق الآخرة فلا حتى يكون مؤاخذا به وأجاب عن سفر المعصية بقوله { وسفر المعصية قبيح لمجاوره } على ما بيناه من قبل الله أعلم { فصل } { اختلفوا في أن الأمر بالشيء هل هو نهي عن ضده وبالعكس والمختار أن ضد المأمور به إن كان مفوتا للمقصود يكون حراما وإلا كان مكروها وكذا عدم ضد المنهي عنه } وحاصله ان وجوب الشيء يدل على حرمة تركه وحرمة الشيء يدل على وجوب تركه وهذا مما لا يتصور النزاع فيه قيل إذا لم يفوت المقصود نقول بكراهته وكونه سنة مؤكدة ملاحظة الظاهر الأمر والنهي فإن مشابهة المنهي عنه توجب الكراهة ومشابهة ا لمأمور به توجب الندب وكونه سنة مؤكدة فمحل نظر { فقوله تعالى لا يحل لهن أن يكتمن وهو في معنى النهي يقتضي وجوب الإظهار والأمر بالتربص يقتضي حرمة التزوج وقوله تعالى ولا تعزموا عقدة النكاح يقتضي الأمر بالكف } ولما اتجه أن يقال أن المعتدة إذا تزوجت بزوج آخر ووطئها وفرق القاضي بينهما يجب عليها عدة أخرى ويحتسب ما ترى من الإقراء من المدتين وكان ينبغي أن يجب عليها استئناف العدة بعد انقضاء الأولى كما هو قول الشافعي لأنها مأمورة بالكف وذكر المدة تقدير للركن الذيهو الكف كتقدير الصوم إلى الليل ولا يتصور كفارتان من شخص في مدة واحدة كأداء صومين في يوم واحد أجاب عنه بقوله { لكنه غير مقصود فيجري التداخل في العدة بخلاف الصوم فإن الكف ركنه وهو مقصود والمأمور بالقيام في الصلاة إذا أقعد ثم قام لا يبطل لكنه يكره والمحرم لما نهى عن لبس المخيط كان لبس الإزار والرداء مندوبا والسجود على النجس لا يفسد عند أبي يوسف لأنه لا يفوت المقصود حتى لو أعاده نعلى الطاهر يجوز وعند هما } أي عند أبي حنيفة ومحمد { يفسد لأنه يصير مستعملا للنجس في عمر هو فرض والتطهير عن النجاسة في الأركان فرض دائم فيصير ضده مفوتا } هذه المسائل تفريعا على ما تقدم من الأصل وبعد أحكامه يسهل معرفة هذه الفروع { الركن الثاني في السنة } أي في اللغة الطريقة وفي الاصطلاح في الأفعال ما واظب عليه النبي عم غير واجب فإن كان من العبادات فسنن الهدى وإن كان من العادات فسنن الزوايد وفي الأدلة وهو المراد ههنا ما صدر عن النبي عليه السلام غير الكتاب من قول وهو الحديث وفعل وتقرير بشرط أن لا يكون سهوا ولا طبعا ولا خاصته { المقصود بالبحث هنا بيان ما يتوقف عليه حجية السنة } لأن المباحث المشتركة بينها وبين الكتاب قد حصل الفراغ عنها { مما يتعلق باتصالها بالنبي عليه السلام } من كيفية بأنه بطريق التواتر وغيره وضده وهو الانقطاع وحال الراوي وشرائطه ومحل الخبر الذي هو متعلق الحديث ووصوله من الأعلى إلى الأدنى في المبدأ وهو السماع أو المنتهي وهو التبليغ أو الوسط وهو الضبط أو القدح فيه وهو الطعن وما يخص الفعل { وما يتعلق بمبدئها } وهو الوحي سواء كان تعلق السوابق كشرائع من قبلنا أو تعلق اللواحق كأقوال الصحابة رضي الله عنهم { فصل في الاتصال الخبر المستند إلى الحس } سمعا كان أو غيره لا بد من هذا القيد لألانه لو اتفق أهل إقليم على مسألة عقلية لم يحصل لنا اليقين حتى يقوم البرهان { لا يخلوا من أن يكون رواية في كل درجة } لم يقل في عهد لأنه قد يوجد ما ذكر في كل قرن ولا يوجد في كل مرتبة من مراتب الرواية فلا يثبت التواتر احترز به عن خبر الواحد والمشهور { جماعة } لم يقل قرنا لاختصاصه بالذكور { لا يحمي عددهم } أي لا يدخل تحت الضبط وفيه إشارة إلى عدم اشتراط العدد المعين في التواتر { ولا يمكن تواطئهم } أي توافقهم { على الكذب لكثرتهم } تفسد لما تقدم يفصح عن ذلك قولهم أنه لو أخبر جميع غير محصورة بما يجوز توافقهم على الكذب في لغرض من الأغراض لا يكون متواترا وإنما لم يذكر قيد العدالة وتباين الأماكن لعدم اشتراط التواتر بهما فإنه لو أخبر جمع غير محصور من كفار بلدة يموت ملكهم حصل لنا اليقين { أو يصير كذلك بعد القرن الأول أو بعد الدرجة الأولى } لم يكتف بقوله بعد القرن الأول إذ لزم أن لا يكون من المشهور ما رواية من الآحاد في الدرجة الثانية وهم من القرن الأول فتأمل { أو لا يصير كذلك } سواء كان رواية في كل درجة أو آحاد أو بلغ حد التواتر بعد الدرجات فإن الخبر الواحد إذا بلغ حد التواتر في عصرنا لا يصير مشهورا { والأول متواتر وهو يوجب علم اليقين لأن إلاتفاق على شيء مخترع مع تباين همهم وطبائعهم مما يجزم العقل بأنه لا يقع والثاني مشهور وهو يفيده علم الطمأنينة } حاصلة سكوت النفس عن الإضطراب بشبهة إلا عند ملاحظة كونه آحاد الأصل { وهو علم تطمئن به النفس وتظنه يقينا لكن لو تأمل علم أنه ليس بيقين كما إذا رأى قوما جلسوا للمأتم يقع له العلم عن غفلة عن التأمل في ،أنه آحاد الأصل وإنما يفيد } أي الخبر المشهور { ذلك } أي علم طمأنينة القلب { لأنه وإن كان في الأصل خبر واحد لكن الغالب الراجح من حال أصحاب الرسول عليه السلام الصدق فيحصل الظن بمجرد أصل النقل } عن النبي عليه السلام { ثم يحصل زيادة } ورجحان { بدخوله في حد التواتر } وتلقيه الأمة بالقبول { فأوجب ما ذكرنا والثالث خبر الواحد ولم يعتبر فيه العدد إذا لم يصل تحد التواتر وهو يوجب غلبة الظن إذا اجتمع الشرائط التي نذكرها إن شاء الله تعالى وهي كافيه في وجوب العمل } دون العلم اليقيني { وعند البعض لا يوجب شيئا لنه يوجب العلم ولا عمل بدونه لقوله تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم وعند بعض أهل الحديث يوجب العلم أيضا وخبر الواحد في أحكام الاخرة من عذاب القبر وتفاصيل الحشر مقبول بالإجماع مع أنه لا يفيد إلا الاعتقاد إذ لم يثبت به عمل من الفروع ولأن مدلول الخبر الصدق والكذب احتمال عقلي يندفع بالعدالة وفيه نظر ولأنه يوجب العمل ولا عمل بدون العلم وأما إيجابه العمل فلقوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون والطائفة يقع على واحد فصاعدا } ولا يلزم أن تبلغ حد التواتر { ولعل ههنا للطلب والإيجاب } لامتناع الترجي على الله تعالى وير عليه أن المراد الفتوى في الفروع بقرينة التفقه ويلزم تخصيص القوم بغير المجتهدين ويشهد له أن المجتهد لا يلزمه وجوب الحذر بغير المجتهدين ويشهد له أن المجتهد لا يلزمه وجوب الحذر بخبر الواحد { والرسول عليه السلام قيل خبر بربرة وسلمان رضي الله عنه في الهدية والصدقة } وفيه نظر لأنه إنما يدل على القبول دون وجوبه { وأرسل الأفراد إلى الآفاق لتبليغ الأحكام } وإيجاب قبولها على الأنام وتفاصيل ذلك وإن كانت آحادا إلا أن جملتها بلغت حد التواتر والشهرة { ولنا هذه الدلائل } يعني الدلائل الدالة على وجوب العمل { ومنع لزوم العلم للعمل والمراد من العلم في الآية } يعني قوله تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم { ما يعم الجازم وغيره والعقل يشهد أن خبر الواحد } وإن كان عدلا { لا يفيد اليقين } وإن احتمال الكذب قائم وإن كان مرجوحا { وأما الأخبار في أحكام الآخرة فمنها ما هو مشهور فيوجب علم الطمأنينة ومنها ما هو خبر الواحد فيفيد الظن } وذلك في التفاصيل والفروع { ومنها ما تواتر } واعتضد بالكتاب { فيفيد القطع } وهو في الجمل والأصول { ولأنها يوجب عقد القلب وهو عمل فيكفي له خبر الواحد } وفيه نظر لأنه يجب أن لا يخص هذا بأحكام الآخرة بل يكون في سائر الاعتقادات كذلك { فصل الراوي أما معروف بالراوية أو مجهول أي لم يعرف إلا بحديث أو حديثين والأول إما إن يكون معروفا بالفقه والاجتهاد أيضا كالخلفاء الراشدين } رضوان الله عليهم أجمعين { والعبادلة } أراد عبادلة الفقهاء وهم عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنه { وزيد ومعاذ وأبي موسى الأشعري وعائشة رضي الله عنهم ونحوهم فحديثه يقبل وافق القياس أولا } وعن مالك أن القياس يقدم عليه { لأنه } أي الحديث { يقين بأصله } لأنه من حيث أنه قول الرسول عليه السلام لا يحتمل الخطأ { وإنما الشبهة في نقله } حيث يحتمل الغلط والنسيان والكذب { والقياس محتمل بأصله } أي علته التي يبني عليها الحكم فإنه لا يتحقق يقينا إلا بنص أو إجماع ومتيقن الأصل راجح على محتمله { وأيضا } على تقدير ثبوت العلية قطعا { يحتمل أن يكون خصوصية الأصل شرطا } لثبوت الحكم { أو خصوصية الفرع ما نعا عنه } فيكون تطرق الاحتمال إلى القياس أكثر { أو بالرواية فقط } أي لا يكون معروفا بالفقه سواء كان له حظ منه ولكن لا يشتهر به كان هريرة وأنس بن مالك رضي الله عنهم أو لا يكون كبلال رضي الله عنه ونحوه { فإن وافق القياس يقبل وكذا إن خالف قياسا ووافق آخر وإن خالف جميع الأقيسة لا يقبل عندنا } وفي الكشف ما يشير إلى أن هذا الفرق مستحدث وإن خبر الواحد مقدم على القياس من غير تفصيل { وهذا هو المراد من انسداد باب الرأي } ولمحافظتهم جانب الرأي أطلق عليهم أصحاب الراي وعلى غيرهم أصحاب الحديث { وذل لأن النقل بالمعنى كان مستفيضا فيهم فإذا قصر فقه الراوي لم يأمن أن يذهب شيء من معانيه فيدخل شبهة زائدة يخلوا عنها القياس وذلك مثل حديث المصراة } من صريته جمعة والمراد الشاة التي جمع اللبن في ضرعها بالشد وترك الحلب مدة ليظنها المشتري كثيرة اللبن وكذلك المحفلة { وهي ما روى أن من اشترى شاة فوجدها محفلة فهو يخير النظيرين إلى ثلاثة أيام إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها ورد معها صاعا من تمر فهذا الحديث مخالف للقياس الصحيح من كل وجه لأن تقدير ضمان العدوان بالمثل أو القيمة حكم ثابت بالكتاب والسنة والإجماع وأما المجهول فإن روى عنه السلف وشهدوا له بصحة الحديث صار مثل المعروف بالرواية وإن سكتوا عن الطعن بعد النقل فكذا لما مر أن السكوت عند الحاجة إلى البيان بيان } هذا التفصيل إنما يناسب مجهول العدالة والضبط لا مجهول الرواية ولذلك قيل أن هذه الجهالة كناية عن الجهالة بالمعنى الأول وإن قبل البعض ورد البعض مع نقل الثقات عنه يقبل إن وافق قياسا كحديث معقل بن سنان في بروع مات عنها هلال بن مرة وما سمى لها مهرا وما دخل فقضى عليه لها بمهر مثل نسائها فقبله ابن مسعود رضي الله عنه ورده علي رضي الله عنه } وقال ما تصنع بقول أعرابي بوال على عقبيه كشيء به عن قلة الاحتياط حيث لم يتنزه البول وذلك أن من عادة العرب الجلوس محنيا فإذا بال يقع البول على عقبيه وهذا طعن من على رضيه { وقد روى عنه الثقات كابن مسعود وعلقمة ومسروق وغيرهم فعملنا به لما وافق القياس عندنا فإن الموت كالدخول } بدليل وجوب العدة في الموت { ولم يعمل به الشافعي لما خالف القياس عنده } وذلك أن المهر لا يحب إلا بالفرض بالتراخي أو بقضاء القاضي أو باستيفاء المعقود عليه فاذا عاد إليها سالما لم يستوجب بمطالبته عوضا كما لو طلقها قبل الدخول { وإن زاده الكل فهو مستنكر لا يعمل به كحديث فاطمة بنت قيس قيل أنه مما قاله ابن عباس رضيه وقل به الحسن وعطاء والشعبي وأحمد فكيف يكون مما رده الكل اللهم إلا أن يجعل للأكثر حكم الكل أنه عام لم يجعل لها نفقة ولا سكنى وقد طلقا زوجها ثلثا فرده عمر رضيه وغيره من الصحابة رضي } فيه بحث وهوان فاطمة هذه لم تلازم ببيت عدتها فصارت ناشز صرح بذلك في الاختيار ويوافقه ما ورد في الصحيحين وقد تمسك أصحابنا بحديثها في سقوط نفقة الناشز فلا وجه لعدة من المستنكر الذي لا يعمل { وإن لم يظهر حديثه في السلف كان يجوز العمل به في زمن ابي حنيفة إذا وافق القياس لغاية الصدق في ذلك الزمان } قال خير القرون قرني الذين أنا فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشوا الكذب فالقرن الأول الصحابة رضيه والثاني والتابعون رضيه والثالث تبع التابعين رحمه { أما بعد القرن الثالث فلغاية الكذب فلهذا } أي لاختلاف العهد على الوجه المذكور { صح عنده القضاء بظاهر العدالة ولم يصح عندهما } { فصل في شرائط الراوي وهي أربعة العقل وال ... بط والعدالة والإسلام } إن الكافر ربما يكون مستقيما على معتقده ولهذا يسأل القاضي عن عدالة الكافر فشرط العدالة لا تعنى نعن شرائط الإسلام { أما العقل فيعتبر هنا كما له وهو مقدر بالبلوغ } على ما يأتي { فلا يقبل خبر الصبي والمعتوه وأما الضبط فهو سماع الكلام تمامه } احترز به عن أن يحضر رجل وقد مضى صدر الكلام أو يذهب قبل تمامه { ثم فهم معناه } أراد المعنى اللغوي وهذا الشرط لم يعتبر في نقل القرآن لعدم الرخصة فيه أي النقل بالمعنى بخلاف الحديث { ثم حفظ لفظه ثم الثبات عليه مع المراقبة إلى حين الأداء } هذا للاحتراز عن الغفلة بالتقصير في المراقبة لأي سبب كان وفيه أن الضبط بهذا المعنى لا يشترط في قبول الرواية لأنهم كانوا يقبلون أخبار الأعراب الذين لم يتحقق فيهم تنلك الشروط وشاع وزاع من غير تكبر { وكماله أن ينضم إلى هذا الوقوف على ما هو المراد } لم يقل على معانيه الشرعية إذ يلزم أنلا يوجد كمال الضبط فيما ليس له معنى شرعي { وأما العدالة فهي الاستقامة بالانزجار عن محظورات دينه } والمعتبر قدر ما لا يؤدي إلى الحرج وهو رجحان جهة الدين والعقل على داعي الهوى والشهوة فقيل أن من ارتكب كبيرة أو أصر على الصغيرة سقطت كعدالته دون من ابتلى بها من غير إصرار { وخير المجهول في القرون الثالثة إنما يقبل عندنا لشهادة النبي عم على تلك القرون بالعدالة وأما الإسلام فأنما شرطناه وإن كان الكذب حراما في كل دين لأن الكافر يسعى في هدم دين الإسلام تعصبا فيرد قوله له في أمور للتهمة وهو نوعان ظاهر بنشوة بين المسلمين وثابت بالبيان بأن يصف الله تعالى كما هو إلا أن في اعتباره على سبيل التفصيل حرجا فيكفي الإجمال بأن يصدق بكل ما آتى به النبي عم فلهذا } أي لأجل أن الإتجمال كاف بناء على أن الخروج مدفوع في الدين { قلنا الواجب أن الواجب يستوصف فيقال أهو كذا وكذا } أي يسأل عن صفات الله تعالى التي يجب أن يعرفها المؤمنون ويسأل أهو كذلك أي أتشهد أن الله تعالى موصوف بتلك الصفات { وعن النبي عم فاذا قال نعم يكمل إيمانه وهذا هو المراد والله أعلم بقوله تعالى فامتحنوهن فإذا ثبت هذه الشرائط يقبل حديثه سواء كان أعمى أو عبدا أو امرأة ومحدود في قذف تائبا بخلاف الشهادة في حقوق الناس فإنها يحتاج إلى تمييز زائد ينعدم بالعمى وإلى ولاية كاملة تنعدم بالرق وتنقص بالأنوثة } فإن الشهادة والقضاء من باب الولاية ألا يرى أن الشاهد يلزم القاضي القضاء والقاضي يلزم المقضى عليه المقضى به { وهذا } أي الأخبار بالحديث { ليس من باب الولاية فإن المخبر لا يلزمه } أي المخبر له شيئا { بل يلزم بإلزامه } أي يلزمه ما يلزم من الشرائع المنقولة بالتزامه { ولأنه يلزمه أولا ثم يتعدى منه إلى الغير } أي يلزم الحكم الناقل أولا ثم يتعدى منه إلى الغير وهو0المنقول إليه ولا يشترط بمثله } أي بمثل الحكم الذي يلزم على الغير بتبعية لزومه ولا على الشاهد { الولاية } كما في الشهادة بهلال رمضان فإن الصوم يلزم الشاهد أولا ثم يتعدى منه إلى الغيرتبعا فلا يكون ولاية على الغير إذ ليس هو إلزاما على الغير قصدا فلهذا يقبل من العبد والمرأة الشهادة بهلال رمضان { ورد الشهادة أبدا من تمام الحد } فبعد التوبة لا يقبل شهادة المحدود في القذف وإن كان عدلا لكن يقبل حديثه لعدالته وهذا وجه الفرق بقبول حديثه دون شهادته { وقد ثبت عن أصحابه عم قبول الحديث عن الأعمى والمرأة كعائشة رضيه وهو عم قبل خبر بربرة وسلمان } قبل أن يعتقا { فصل في الانقطاع } أي انقطاع الحديث عن الرسول عم { وهو ظاهر وباطن أما الطاهر فكالارسال } الإرسال ترك الإسناد بأن يقول الراوي قال رسول الله بلا إسناد والإسناد أن يقول حدثنا فلان عن رسول الله والمرسل منقطع عن رسول الله ظاهر العدم الاسناد الذي يحصل به الإتصال لا باطنا لما ذكر في المتن من الدلائل الدلالة على قبول المرسل { ومرسل الصحابي مقبول بالإجماع ويحمل على السماع ومرسل القرن الثاني والثالث لا يقبل عند الشافعي إلا أن بسنده غيره أو أن يرسله آخر وعلم أن شيوخهما مختلفة أو أن يعضده قول صحابي أو أن يعضده قول أكثر أهل العلم أو أن يعلم يعلم من حاله أن لا يرسل إلا بر وأية عن عدل للجهل بصفات الراوي } التي يتوقف قبول الرواية على العلم بها { ويقبل عندنا وعند مالك لأن الصحابة رضيه أرسلوا قال البراء ما كل ما تحدثه سمعناه من رسول الله وإنما حدثنا عنه لكنا لا نكذب } ولوكان الإسناد أقوى من الإرسال لما عدلوا عنه } ولأن كلامنا في إرسال العدل الذي لو أسند لا يظن أنه كذب } على من روى عنه { فعدم ظن كذبه على الرسول عم أولى } فدل إرساله على أن الواسطة عدل عنده ولا يلزم من هذا اعتبار ما ذكره الشافعي خامسا { وهو فوق المسند لأن الأصل } أي الغالب { أنه إذا أوضح له الأمر جزم بالنقل من غير إسناد وإذا لم يتضح نسبه إلى الغير لتحمل ما حمله } أي ليحمل الناقل ذلك الغير الشيء الذي حمله هو أي الناقل فالمرسل يدل على أنه واضح للناقل بخلاف المسند { ولا بأس بالجهالة لأن المرسل إذا كان ثقة لا يتهم بالغفلة عن حال من سكت عنه } جواب عن استدلال الشافعي { ألا يرى أنه لو قال أخبرني ثقة يقبل مع الجهل ولا يجزم ما لم يسمعه من الثقة ومرسل من دون هؤلاء يقبل عند بعض أصحابنا لما ذكرنا ويرد عند البعض لأن الزمان زمان الفسق والكذب إلا أن يروى الثقات مرسلة كما وراء مسندة مثل إرسال محمد بن الحسن أمثاله وأما الانقطاع الباطن وأما بمعارضة الكتاب كحديث فاطمة بنت قيس فإنه معارض لقوله تعالى اسكنوهن الآية أما في السكنى فظاهر وأما في النفقة فلان قوله تعالى من وجدكم يحمل عندنا على قراءة ابن مسعود رضيه وهو وأنفقوا عليهن من وجدكم } لا يقال إنما رد حديثها لتهمة رواية بالكذب والنسيان لا لمعارضة الكتاب وإلا لما كان لقول عمر رض2يه حفظت أم نسيت صدقت أم كذبت معنى لأنه معارض بأن يقال إنما رده للمعارضة لا لتهمة الراوي وإلا لما كان لقوله لا ندع كتاب ربنا معنى والحق إنه لا تعارض بين وجهي الرد فندبر { وكحديث القضاء يشاهدوا يمين المدعى فإنه معارض لقوله تعالى فاستشهدوا الآية لأنه أوجب رجلا وامرأتين عند عدم الرجلين وحيث نقل إلى ما ليس بمعهود في مجالس الحكم دل عنلى عدم قبول الشاهد الواحد مع اليمين } فإن حضور النساء لا يعهد في مجالس الحكم ولو كانت ا ليمين مع الشاهد الواحد كافية لما أوجب حضورهما وهن ممنوعات من الخروج والحضور في مجالس الرجال وذكر في المبسوط أن القضاء بشاهد ويمين بدعة وأول من قضا به معاوية رحمه { وكحديث المصراة فإنه معارض لقوله تعالى فاعتدوا الآية وإنما يرد لتقدم الكتاب حتى يكون عامة وظاهره أولى من خاص خبر الواحد ونصه ولا ينسخ ذلك بهذا ولا يزاد به عليه } أي لا ينسخ عام الكتاب بخاص خبر الواحد ولا يزاد بنصه على ظاهر الكتاب احتج على هذا بقوله عم يكثر لكم الأحاديث من بعدي فإذا روى لكم عني حديث فأعرضوه على كتاب الله تعالى فاقبلوه وما خالف فردوه فدل هذا على أن كل حديث يعارض كتاب الله تعالى فإنه منسوخ أو ليس بحديث بل مفتر وأجيب عنه بأنه خبر واحد وقد خص منه البعض أعني المتواتر والمشهور فلا يكون قطعيا فكيف يثبت به مسألة الأصول ورد بمنع التخصيص لأنه فرع التناول ولا تناول فإن المراد ما نردد في صدوره عنه عم فلا يتناول المتواتر والمشهور { وأما بمعارضته الخبر المشهور كحديث الشاهد واليمين فإنه معارض لقوله عم البينة على المدعي واليمين على من أنكر } حصر جنس البينة على المدعي بخبر الواحد { وكحديث بيع الرطب بالتمر فإنه إن كان الرطب هو التمر يعارض قوله عم التمر بالتمر مثلا بمثل لدلالة قوله جيدها ورديها سواء على عدم الاعتبار لاختلاف الصفة وإن لم يكن يعارض قوله إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم } ذكر في الأسرار وغيره يجوز أن لا يكون الرطب تمرا مطلقا لفوات وصف اليبوسة ولا نوعا آخر لبقاء أجزائه عند صيرورته تمرا كالحنطة المقلية ليس حنطة على الإطلاق لفوات وصف الإثبات ولا نوعا آخر لوجود أجزاء الحنطة فيها وكذا الحنطة مع الدقيق { وأما بكونه شاذا في البلوى العام كحديث الجهر بالتسمية فإنه لو وجد لاشتهر لتوفر الدواعي وعموم الحاجة إليه } من جعل هذا النوع من أقسام المعارضة ثم ارتكب التعسف في بيان كونه منها فقد التزم بما لا يلزم { وأما بإعراض الصحابة رحمه نحو الطلاق بالرجال والعدة بالنساء فإنهم } أي جمهور الصحابة رحمه { اختلفوا } في اعتبار الطلاق بحال الرجال { ولم يرجعوا إليه } وهذا يدل على عدم ثبوته وفيه نظر لجواز أن يكون ذلك لكونه منسوخا والنسخ لا ينافي الاتصال بل تقرره { وأما بنقصان في الناقل } لما كان الاتصال بوجود الشرائط ذكرناها في الراوي فحيث عدم بعضها لا يثبت الاتصال { كخبر المستور إلا في القرون الثلاثة } لم يقل إلا في الصدر الأول لأنه لا يتناول القرون الثالث { لأن العدالة فيها أصل } بشهادة النبي عم فيقبلوا في غيرها المستور بمنزلة الفاسق { وخبر الفاسق والمعتوه ويأتي بيانه في فصل العوارض والصبي العاقل والمغفل الشديد الغفلة لا من غالب حالة التيقظ والمساهل أي الذي لا يبال من السهو والخطأ والتزوير وصاحب الهوى } أراد بالهوى ما يؤدي إلى الكفر أو الفسق يشير إلى ذلك قوله { فإنه لا يقبل روايتهم للشرائط المذكورة } أي لاعتبارها في الراوي { فصل في كيفية السماع والضبط والتبليغ أما السماع فهو العزيمة في الباب وهو بأن يقرأ المحدث عليك أو تقرؤه عليه فتقول أهو كما قرأت فيقول نعم الأول وهو طريقة الرسول عم أعلى عند المحدثين وقال أبو حنيفة كان ذلك أحق منه عليه السلام لأنه كان مأمونا عن السهو } يعني عن القرار عليه { أما في غيره فلا على أن رعاية الطالب أشد عادة وطبيعة وأيضا إذا قرأت يكون المحافظة من الطرفين وإذا قرأ المحدث لا يكون المحافظة إلا منه وأما الكتاب والرسالة فقائم مقام الخطاب فإن الرسول عم كان يبلغ بالكتاب والإرسال أيضا والمختار في الأولين أن يقول حدثنا وفي الخيرين أخبرنا وأم الرخصة فهي الإجازة } بأن يقول أجزت لك أن تروي عني هذا الكتاب أو مجموع مسموعاتي ونحوهما { والمناولة } أن يعطيه كتاب سماعه بيده ويقول أجزت لك أن تروي عني هذا الكتاب ولا يكفي مجرد الإعطاء { فإن كان عالما بما فيه عنه أبي حنيفة ومحمد خلافي لأبي يوسف كما في كتاب القاضي لهما أن أمر السنة أمر عظيم لا ساهل فيه وفي تصحيح الإجازة من غير علم من الفساد ما لا يخفى وأيضا فيه فتح لباب التقصير في طلب العلم وهذا أمر يتبرك به لا أمر يقع به الاحتجاج } جواب عما يقال أن السلف كانوا يعتبرون الإجازة والمناولة من غير علم المجاز له بما فيه { وأما الضبط فالعزيمة فيه الحفظ إلى وقت الأداء وأما ا لكتاب فقد كانت رخصة ثم انقلبت عزيمة صيانة للعلم والكتابة نوعان مذكرة أي إذا رأي الخط بذكر الحادثة هذا هو الذي انقلب عزيمة وأمام } إنما سمى به لأن الراوي ولم يستفد منه التذكر بل اعتمد عليه اعتماد المقتدى على أمامه { وهو ما لا يفيد التذكر والال حجة سواء خطه هو أو رجل معروف أو مجهول والثاني لا يقبل عند أبي حنيفة أصلا وعند أبي يوسف إن كان تحت يده يقبل في الأحاديث وديوان القضاء } هو المجموع من قطع القراطيس { للأمن } عن التزوير وإن لم يكن في يده يعمل في الأول إذا كان خطا معروفا لا يخاف عليه التبديل عادة دون الثاني لا يقبل في الصكوك لأنه في يد الخصم حتى لوكان في يد الشاهد يقبل وعند محمد يقبل في الصكوك أيضا إذا علم بلا شك أنه خط لأن الغلط فيه نادر وما يحده بخط رجل معروف في كتاب معروف يجوز أن يقول وجدت بخط فلان كذا وكذا وأما الخط المجهول فإن ضم إليه خط جماعة لا يتوهم التزوير في مثله والنسبة تامة } وتمامها بذكر الأب والجد { يقبل وإلا فلا وأما التبليغ فإنه لا يجوز عند بعض أهل الحديث النقل بالمعنى لقوله عم نصر الله } أي نعم الله { أمرا سمع منا مقالة فرعيها وأداها كما سمعها } والنقل بالمعنى ليس أداء كما سمعها { ولأنه عم مخصوص بجوامع الكلم يعني أن له عم فضيلة على الغير في نظم الكلام وأداء المرام فالظاهر أن الراوي لا يقدر على أداء ما قصده بغير عبارته { وعند عامة العلماء يحوز ولا شك أن العزيمة هو الأول والتبرك بلفظه عم أولى ودلالة الحديث المذكور على الفضيلة } لأنه دعاء للناقل باللفظ لكونه أفضل { لكن إذا ضبط المعنى ونسي اللفظ فالضرورة راعية إلى ما ذكرنا وعدم الوقوف على جميع ما اراده بلفظه لا يضر نقل بعضه بعدما علم أنه مراد منه } أي من ذلك اللفظ جواب عن قوله ولأنه عم مخصوص بجوامع الكلم { هو } أي الحديث { في ذلك } أي في النقل بالمعنى { أنواع فما كان محكما } أي متضح المعنى بحيث لا يشتبه به يجوز للعالم باللغة وما كان ظاهرا يحتمل الغير كعام يحتمل الخصوص أو حقيقة يحتمل المجاز { يحوز للمجتهد فقط وما كان مشتركا أو من جوامع الكلم لا يجوز أصلا لأن في الأول } أي في المشترك { إحتمال التأويل وتأويله لا يصير حجة على غيره وفي الثاني لا يؤمن الغلط فيه لقور فهم الغير عن إحاطة مقاصده منه وأما المجمل والمتشابه فخارج عن المبحث لعدم احتمال النقل بالمعنى فيهما ضرورة أن نقله فرع فهمه وهو غير متصور شفيهما { فصل في الطعن وهو إما من الراوي أو من غيره والأول بأن عمل بخلافه بعد الرواية فيصير مجروحا كحديث عائشة رضيها أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإنها بعد ما روته زوجة ابنة أخيها عن عبد الرحمن وهو غائب } وفيه نظر لأن غيبته لا يستلزم أن يكون النكاح بلا ولي لأن الولاية تنتقل إلى الأبعد عند غيبة الأقرب { وكحديث ابن عمر رضيه في رفيع اليدين في الركوع فإن المجاهد قال صحبت ابن عمر سنين فلم أره رفع يديه وكحديث ابن عمر رضيه في رفيع اليدين في الركوع فإن المجاهد قال صحبت ابن عمر سنين فلم أره رفع يديه إلا في تكبير الافتتاح } وفيه قصور إذ لا دلالة فيما ذكر على أن صحبته كانت بعد الرواية { وإن عمل بخلافه قبلها أو لا يعلم التاريخ لا يصير جرحا وكذا العمل ببعض المحتملات } أي عمل الراوي ببعض محتملات ما رواه { فإنه رد منه للباقي بطريق التأويل لا جرح كحديث ابن عباس رضيه من بدل دينه فاقتلوه فإنه قالا يقتل المرتدة وإن أنكرها صريحا كحديث عائشة رضيها فإن الزهري من رواية وقد أنكره لا يكون جرحا عند محمد لقصة ذي اليدين } وهي ما روي أن النبي عم صلى إحدى العشائين فسلم على رأس الركعتين فقام ذو اليدين فقل لرسول الله أقصرت الصلاة أم نسيتها يا رسول الله فقال عم كل ذلك لم يكن فقال وبعض ذلك قد كان فأقبل على القوم وفيهم أبو بكر وعمر رضيهما فقال أحق ما يقول ذواليدين فقالا نعم فقام وصلى ركعتين فقبل روايتهما أنه سلم على رأس الركعتين مع أنه أنكر ذلك أولا وإنما تكلم على ظن أنه أتم الصلاة فكان في حكم الناس ومن ذهب إلى أن كلام الناس أيضا يبطل الصلاة زعم أن هذا كان قبل تحريم الكلام في الصلاة قال فخر الإسلام وحديث ذي اليدين ليس بحجة لأن النبي عم ذكره فعمل بذكره وعلمه وهو الظاهر من حاله والكلام فيما إذا أنكر الراوي ولم يرجع عن ذلك فأين هذا من ذاك { ولأن الحمل على نسيانه أولىة من تكذيب الثقة التي يروى عنه } وفيه نظر لأن لزوم تكذيب الثقة لجواز أن يكون سهوا أو نسيانا { ويكون جرحا عند أبي يوسف لأن عمارا رضي الله عنه قال لعمر رضيه إما نذكر حيث كنا في ابل فاجتبت فتمعكت في التراب } أي تمرغت { فذكرت ذلك رسول اللع عم فقال إما كان يكفيك ضربتان فلم يذكره عمر رضيه فلم يقبل قوله } ووجه التمسك بهذا أن عمارا كان عدلا فالمانع من القبول أنه حكى حضور عمر رضيه وهو لم يتذكر ذلك فبالأولى إذا نقل عن رجل حديث وهو لا يتذكر لا يكون مقبولا ونقل البخاري عن شقيق أنه قال كنت مع عبد الله ابن مسعود رضيه وأبي موسى الأشعري رضيه فقال أبو موسى ألم تسمع قول عمار وقال عبد عبد الله أفلم تر عمر لم يقنع بقوله { وهذا فرع خلافهما في شاهدين شهدا على قاض أنه قضى بهذا ولم يتذكر القاضي والثاني أن كان من الصحابي رضيهم فيما لا يحتمل الخفاء يكون جرحا نحو البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام فإنه لم يعمل به عمر وعلي رضيهما ولا يخفى مثل ذلك الحكم عليهما } لأن مورد الحديث كثير الوقوع بخلاف حديث القهقهة ونفي عمر رضيه رجلا كان سياسية ولذلك لم يجلده وأيضا حلف والله لا أنفي أبدا حين سمع لحوق الرجل بالروم مرتجا ولو كان حجا لما حلف على تركه { وفيما يحتمل الخفاء لا يكون جرحا كما لم يعمل أبو موسى بحديث الوضوء على من قهقه في الصلاة لأنه من الحوادث النادرة فيحمل على الخفاء عليه وإن كان من أئمة الحديث فإن كان الطعن مجملا } بأن يقول هذا الحديث غير ثابت أو منكرا ومجروح أو راويه متروكة الحديث أو غير العدل { لا يقبل } لأن العدالة أصل في كل مسلم فلا يترك بالجرح المبهم لجواز أن يعتقد الجارح ما ليس بجرح جرح وقيل يقبل لأن الغالب من حال الجارح الصدق والبصارة بأسباب الجرح ومواقع الخلاف والحق أنه إن كان ثقة بصيرا بأسباب الجرح ومواقع الخلاف ضابطا لذلك يقبل جرحه المبهم وإلا فلا { وإن كان مفسرا فإن فسر بما هو جرح شرعا متفق عليه الطاعن من أهل ا لنصيحة لا من أهل العداوة والمعصية يكون جرحا وإلا فلا وما ليس بطعن شرعا } مثل ركض الحيل وإرسال الكلب والمزاح ويحتمل الحديث في الصغر والاستكثار من فروع الفقه ونحو ذلك { بطلب تفصيله من أصول فخر الإسلام { فصل في محل الخبر } أي الحادثة التي ورد فيها الخبر والمراد خبر الرسول عم { وهو إما حقوق الله تعالى وهي إما في العبادات أو العقوبات والأول يث3بت بخبر الواحد بالشرائط المذكورة وما كان من الديانات كالأخبار بطهارة الماء ونجاسته فكذا } أي يثبت بخبر الواحد بتلك الشرائط فإذا أخبر الواحد العدل عن طهارة الماء ونجاسته يقبل خبره { وإن أخبر بها الفاسق أو المستور يتحرى لأن هذا } أي الأخبار عن طهارة الماء ونجاسته { أمر لا يستقيم تلقيه من جهة العدول } إذ في كثير من الأحوال لا يحضر العدل عند العلماء ففي اشتراط العدالة في الخبر عن حاله جرح فلم يسقط خبر الفاسق والمستور عن الاعتبار لكن أوجبنا إنضمام التحري { به بخلاف أمر الحديث } فإن الذين يتلقونه العلماء الأتقياء في الغالب فلا جرح فلا جرح فإسقاط قول الفاسق والمستور عن الاعتبار فيه { وأما أخبار الصبي والمعتوه والكافر فلا يقبل فيها } أي في الديانات { أصلا } أي لا يلتفت إلى قوله فلا يجب التحري إذا أخبر عن ظاهرة الماء أو نجاسته { والثاني } أي العقوبات { كذلك } أي يثبت بخبر الواحد بالشرائط المذكورة { عند أبي يوسف لأنه يفيد من العلم ما يصح به العمل في الحدود كالبينات ولأنه يثبت العقوبات بدلالة النص } فعلم أنها ثبت بدليل فيه شبهة وجوابه أن الثابت بدلالة النص ثابت قطعا من جهة المتن والدلالة كحرمة الضرب الثابتة بدلالة نص الكتاب وهو قوله تعالى فلا تقل لهما أف والثابت بخبر الواحد ليس كذلك إذ لا قطع فيه من جهة المتن { وعندنا } أي عند أبي حنيفة ومحمد { لا لتمكن الشبهة في الدليل والحد يندري بها وإنما يثبت بالبينة بالنص } أي كان القياس أن لا يثبت العقوبات كالحدود والقصاص بالبينة لأنها خبر الواحد فإن كل ما دون التواتر خبر الواحد فيكون البينة دليلا فيه شبهة والحد يندري بها وإنما يثبت بالبينة بالنص على خلاف القياس فلا يقاس على ذلك ثبوتها بحديث يرويه الواحد { وأما حقوق العباد فتثبت بخبر الواحد بالشرائط المذكورة وأما ثبوتها بخبر يكون في معنى الشهادة فكما كان فيه إلزام محض لا بد فيه من لفظ الشهادة والولاية فلا يقبل شهادة الصبي والعبد { والعدد عن الأماكن } فلا يشترط فيما لا يمكن عرفا كشهادة القابلة { مع سائر شرائط الرواية صيانة للحقوق المعصومة عن الثبوت بدون النصاب ولأن فيه معنى الإلزام فيحتاج إلى زيادة توكيد والشهادة بهلال فطر لها حكم هذا القسم } لما فيه من خوف التزوير { وما ليس فيه إلزام كالوكالات والمضاربات والرسالات في الهدايا وما أشبه ذلك } كالوادائع والأمانات { يثبت بخبر الواحد بشرط التمييز والتحري } على ما ذكره السخسي في أصوله وكلام البزدوي فيه مضطرب ومحمد ذكره في كتاب الاستحسان ولم يذكره في الجامع الصغير والوجه اشتراطه لعدم الجرح فيه { دون البلوغ والاسلام والعدالة فيقبل فيه خبر الفاسق والصبي والكافر لأنه لا إلزام فيه وللضرورة اللازمة ههنا } فإن في اشتراط البلوغ أو الإسلام أو العدالة في هذه الأمور غاية الجرح لأن المتعارف بعث الصبيان والعبد بهذا الأشغال أو العدول من المسلمين لا ينتصبون دائما للمعاملات الحسية لا سيما لأجل الغير { بخلاف الطهارة والنجاسة فإن ضرورتها غير لازمة } قد سبق أن أمر الطهارة والنجاسة لا يستقيم تلقيه من جهة العدول فهذا بيان أن الضرورة حاصلة في قبول خبر غير العدل فيهما وذكر ههنا أن الضرورة فيهما غير لازمة { لأن العمل بالأصل ممكن } أما في المعاملات فالضرورة لازمة فلم يقبل خبر غير العدل ثمة مطلقا بل مع انضمام التحري وقيل ههنا مطلقا { وما فيه إلزام من وجه دون وجه كعزل الوكيل } فإنه من حيث أنه يبطل عمله في المستقبل إلزام ومن حيث أن الموكل يتصرف في حق نفسه ليس بإلزام { وحجر المأذون وفسخ الشركة } لما ذكرنا آنفا { وإنكاح الولي البكر البالغة } فإنه من حيث أنه لا يمكن لها التزوج في المستقبل على تقدير نفاذ هذا النكاح إلزام ومن حيث أنه يمكن لها فسخه ليس بإلزام { فإن كان المخبر وكيلا أو رسولا يقبل خبر الواحد غير العدل وإن كان فضوليا يشترط العدد أو العدالة } على الأصح { رعاية للشبهين } أي شبه الإلزام وشبه عدم الإلزام وهو غير مذكور في المبسوط فلهذا قال فخر الإسلام وغيره يحتمل أن يشترط سائر شرائط الشهادة عنده وأما عندهما فلا يشترط وإنما فرق بين الوكيل والرسول وبين الفضولي لأنهما يقومان مقام الموكل والمرسل فينتقل عبارتهما إليهما فلا يشترط فيهما ما شرط الأخبار من العدد والعدالة بخلاف المفعولي وأيضا قلما يتطرف الكذب في الوكالة والرسالة وأما الأخبار الكاذبة في غيرهما فكثيرة الوقوع وذلك لأن مخافة ظهور الكذب ولزوم الضرر في الأولين أشد { فصل في أفعاله عم } يعني الأفعال التي تكون عن قصد { فمنها ما يقتدى به وهو محرم رخص فيه } كنقض اليمين بتحريم الحال قال الله تعالى قد فرض الله لكم تحلة إيمانكم { ومباح ومستحب وواجب وفرض } الفرق بينهما واضح في الصلاة والحد { وغير المقتدى به وهو إما مخصوص به أو زلة } وهي الصغيرة التي يفعلها من غير قصد إليها { أو صادر عنه عن غفلة كالذي ذكر في حديث ذي اليدين من الفعل والقول { ولا بد أن ينبه على هذا القسم } أي الذي غير المقتدى به { لئلا يقتدى به ففعله المطلق } تفريع على تنوع ما يقتدى به على أربعة أنواع والمراد من الإطلاق خلوة عن قرينة تعين واحد منهما { يوجب التوقف عند البعض للجهل بصقة ولا يحصل المتابعة إلا بإتيانه على تلك الصفة وعند البعض يلزمنا إتباعه لقوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره أي فعله وطريقته وعند الكرخي إن علم صفة فعله } أنه فعله فرضا أو واجبا أو ندبا أو مباحا { يتبع فيه بتلك الصفة وإلا } أي وإن لم يعلم صفته { يثبت المتعين وهو الجواز ولا يكون لنا اتباعه لاحتمال أن يكون مخصوصا به } ونحن نقول هذا الاحتمال خلاف الظاهر ولنا أن نعمل بالظاهر إلى ان يثبت خلافه { وقال الجصاص وهو المختار الجواز متيقن ولنا اتباعه لأنه بعث ليقتدى به بأفعاله قال الله تعالى لإبراهيم عتم إني جاعلك للناس إماما وذلك بسبب النبوة فالاتباع له لازم حتى يقوم دليل الصارف عنه } من الاختصاص وكونه ذلة أو صادرا عن غفلة وغير ذلك { مسألة ما يكره في حقنا قد يستحب في حقه عم بل يحب عليه تعليما للجواز } تأخير المغرب مكروه وقد روي أنه عم صلاها عند تغيب الشفق قال في النبيين وهو محمول عندنا على أنه عم فعل ذلك لبيان امتداد الوقت { فصل في الوحي وهو ظاهر وباطن والأول ثلثة أقسام ما ثبت بلسان الملك فوقع في سمعه بعد علمه بالمبلغ بآية قاطعة والقرآن من هذا القبيل وما وضح له بإشارة الملك من غير بيان بالكلام كما قال عم أن روح القدس ما نفث في روعي أن نفس لن تموت الحديث } الروع القلب { وهذا يسمى خاطر الملك وما تبدى بقلبه بلا شبهة بإلها الله تعالى بأن أراه بنور من عنده كما قال ليحكم بين الناس بما أراك وكل ذلك حجة مطلقا بخلاف الإلهام للأنولياء فإنه لا يكون حجة على غيره } والإمام السرخسي أدخل القسم الثالث في النوع الثاني من الوحي { والثاني ما ينال بالرأي والاجتهاد وفيه خلاف فعند البعض خطه الوحي الظاهر لا غير لقوله تعالى إن هو إلا وحي يوحى } فإنه يدل على أن كل ما ينطق به إنما هو وحي لا غير والمفهوم من الوحي ما هو الظاهر { لوجود الوحي القاطع { وعند البعض له العمل بهما } مطلقا { والمختار عندنا إنه عم مأمور بانتظار الوحي ثم العمل بالرأي بعد انقضاء مدة الانتظار وهي ما يرجو نزوله فإذا خاف الفوت في الحادثة يعمل بالرأي لعموم أمر الاعتبار بقوله تعالى فاعتبروا فإنه أوجب الاجتهاد عليه السلام { ولحكم داود وسليمان عليهما السلام بالرأي في نغش غنم القوم } والنفش الانتشار بالليل ذكره صاحب الكشاف والقصة معروفة يطلب تفصيلها من كتب التفسير { ولا قائل بالفرق ولوقوعه عنه عم حيث قال أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته الحديث } روى أن الخشعمية قالت يا رسول الله أن فريضة الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يتمسك على الراحلة أفتجزني أن أحج عنه فقال عم أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان يقبل منك فقالت نعم قال فدين الله أحق أن يقبل وقال أرأيت لو تمضمضت بماء الحديث } روى أن عمر سأل النبي عم عن قبلة الصائم فقال أرأيت لو تمضمضت بماء ثم عجبته أكان يضرك { لكن فيهما } أي فيهاتين الفضيتين { مجال أن يقال أنه عم علمه بالوحي إلا أنه بينه بطريق القياس لكونه موافقا له تقريبا إلى الفهم ولأنه عم عالم بعلل النصوص فيلزمه العمل في صورة الفرع الذي يوجد العلة } وذلك الاجتهاد { ولأنه عم شاور أصحابه رضيهم في كثير من الحوادث فأخذ في أسارى بدر برأي ابي بكر رضيه } حيث قال فهم قومك وأهلك استبقهم لعل الله أن يتوب عليهم وخذ منهم فدية يتغدى بها أصحابك وكان ذلك هو الرأي عنده عم فخير أصحابه فأخذوا الفداء فنزل قوله تعالى ما كان للنبي أن يكون له أسرى حتى نحن في الأرض يريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم أي لولا حكم الله سبق وهوانه لا يعاقب أحد بالخطأ وكان هذا خطأ في الاجتهاد ولأن قتلهم كان أعز للإسلام وأهيب لمن وراءهم وأقل بشوكتهم روى أنه عم قال لو نزل العذاب لم نجا منه غير عمر وسعد بن معاذ رضيهما لإنهما أشارا بالاتخان وللآية تاويلات آخر ذكر في باب الاجتهاد بإذن الله تعالى { ومثل ذلك كثير منها } ما روى أن رسول الله عم أراد يوم الأحزاب أن يعطي المشركين شطر ثمار المدينة لينصر فوافق أم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة رضيهما فقالا إن كان هذا عن وحي فسمعا وطاعة وإن كان عن رأي فلا يعطيهم إلا السيف وقال عم إني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة فأردت أن أصرفهم عنكم فإذا أبيتم فذاك { وإذا جاز له عم العمل برأي الغير فبرأيه أولى لأنه أقوى ولما كان عم متعبدا بالاجتهاد كمان حكمه به أيضا وحيا لا نطقا عن الهوى } جواب عن التمسك على المذهب الأول بقوله تعالى إن هو إلا وحي يوحى واجتهاده عليه السلام لا يحتمل القرار على الخطأ فتقريره على مجتهده قاطع للاحتمال } كالاجماع الذي سنده الاجتهاد وبهذا خرج الجواب عن استدلالهم الآخر فتدبر { لكن مع ذلك الوحي الظاهر أولى لأنه أعلى ولأنه لا يحتمل الخطأ لا ابتداء ولا بقاء } أي لا يحتمله أصلا { والباطن يحتمل ابتداء } أي الوحي الباطن وهو القياس يحتمل الخطأ في حالة الابتداء { وإن لم يحتمله بقاء } أي وإن لم يحتمل القرار عليه { فصل في شرائع من قبلنا هي يلزمنا حتى يقوم الدليل على النسخ عند البعض لقوله تعالى فبهديهم اقتده وقوله تعالى مصدقا لما بين يديه وعند البعض لأي لقوله تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنها جاو لأن الأصل في الشرائع الماضية الخصوص } أراد= الخصوص بزمان { إلا بدليل } يدل على أن الثاني تبع للأول كلوط لإبراهيم وهارون لموسى عم { كما كان في المكان } أي كما كان الأصل فيها الخصوص بمكان كشعيب عم في أهل مدين وأصحاب الأيكة وموسى عم فيمن أرسل إليهم { وما ذكروا } أي ما تمسكوا به من النصوص { فذلك في أصول الدين } وكلا منا في فروعه { وعند البعض يلزمنا على إنها شريعة لنا لقوله تعالى ثم أورثنا الكتاب الذي الاية } والإرث يصير ملكا للوارث مخصوصا به فيعمل به على أنه شريعة لنبينا محمد عم { ولقوله عم والله لو كان موسى عم حيا ما وسعه إلا اتباعي } وبهذا تبين أن الرسول المتقدم يبعث المتأخر يكون كالواحد من أمته في لزوم اتباع شريعته لو كان حيا ولعل هذا مخصوص بنبينا لاختصاصه بالرسالة العامة { وما ذكروا غير مختص بالأصول بل في الجميع } رد لما ذكره الفريق الثاني ولما ورد عليه أن بعض أحكامهم مما لحقه النسخ فلا يقتدى به ويكون مغيرا له لا مصدقا تدارك دفعه بقوله { والنسخ ليس تغييرا بل هو بيان لمدة الحكم } فما انتهت مدته ارتفع ولم يبق لنا الاتباع وما بقي لزمنا اتباعه على أنه شريعة لنبينا عم { والمذهب عندنا هذا } لكن لما لم يبق الاعتماد على كتبهم للتحريق شرطنا أن يقص الله تعالى علينا من غير إنكار { فصل في منع المعتزلة تفويض الحكم إلى رأي النبي عم أو العالم } أي لا يجوز أن يقول الله تعالى للنبي عم أو العالم أحكم بما شئت لأن الحكم الشرعي { يتبع المصلحة } لأن الأحكام التكليفية إنما شرعت لتحصيل المصالح وإلا لكان عبثا { لو فوض } الحكم { إلى رأي العبد فر بما حكم بما ليس بمصلحة لا يصير مصلحة باختياره } لأن الحقيقة لا تنقلب بالاختيار { قلنا الأصل } الذي بنيتم دليلكم عليه وهو أن شرعية الحكم لتحصيل المصالح { وإن سلم فلا يجوز أن يكون اختياره } فيما الحكم إلى رأيه { إمارة المصلحة } وكاشفا عنها بأن لا يختار إلا ما فيه مصلحة فلا يلزم ما ذكر { وعندنا هو جائز لعدم كالمانع وجزم بوقوعه موسى بن عمران } وهو واحد من علماء هذه الأمة { لقوله عم بعدما قتل النضر بن الحارث وانشدت أنبته } ابنيا تآمن جملتها أمحمد ولانت نجل نجيبته من فحلها والفحل فحل معرف ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق { لو سمعت ما قلت } أي لو سمعت شعرها ما قتللت أباء وهذا يدل على أن الحكم كان مفوضا إليه إذ لو كان قتله بأمر الله لقتله ولو سمع شعرها الف مرة { وقوله عم في جواب الأقرع } بن الحاس حين قال عم يا أيها الناس كتب عليكم الحج فقال الأقرع أكل عام { لو قلت ذلك لوجب } وهذا أيضا يدل على أن إيجاب الحج كان بمشيته عم { ونظائرهما } منها أن النبي عم قال أن الله تعالى حرم مكة يوم خلق السموات والرض لا يختلي خلاها ولا يعضد شجرها فقال العباس رضي يا رسول الله إلا الأدخر فقال عم إلا الأذخر وهذا أيضا يدل على التفويض إلى رأيه عم { وقالوا في جواب ما ذكر { لعلها } أي لعل تلك الصور الدالة على التفويض { ثبتت بنصوص محتملة للإستثناء } مثل أن أوحى إليه قبل قتل النظرا قتله إلا أن ينشدا بنته فح جاز لك إبقاؤه وأوحى إليه أن اكتب الحج على الناس مرة إلا أن يكون استثناء الأتذخر بوحي سريع { ولا يخفى ما فيه من البعد وتوقف الشافعي } في هذه المسألة لأنه لم يظفر على ما يصلح دليلا على شيء من الطرفين { والظاهر من سؤال عثمان رضيه وجواب الرسول عم في تقسيم سهم ذوي القربى هو الوقوع } روى عن جبير بن معظم رضيه قال لم قسم رسول الله عم سهم ذوي القربى بين بني هاشم وبني المطلب أتيت أنا وعثمان رضي رسول الله عم فقلنا يا رسول الله هؤلاء بنوا هاشم لا نكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله فيهم أرأيت بني المطلب أعطيتهم وحرمتنا يعني بني عبد الشمس وابن نوفل وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة فقال عم إنهم لم يفارقوني في الجاهلية والاسلام وإنما بنوا هاشم وبنوا المطلب شيء واحد وشبك بين أصابعه ولولا عند عثمان وجبير رض2يهما أن التقسيم بمشيته عم لما ساغ لهما السؤال ولو أخطأ في اعتقادهما ذلك لما جاز تقريره عم بالسكوت عند بيان فساده { فصل في تقليد الصحابي رضيه يجب إجماعا فيما شاع فسكتوا مسلمين } احترز به عن مثل سكوت ابن عباس رضيه في مسألة القول { ولا يجب إجماعا فيما شاع فسكتوا مسلمين } احترز به عن مثل سكوت ابن عباس رضيه في مسألة { ولا يجب إجماعا فيما ثبت الاختلاف بينهم } لم يقل فيما ثبت الخلاف بينهم لأن المعتبر الاختلاف دون الخلاف { واختلف فيغيرهما } وهو ما لم يعلم فيه الاختلاف ولا الاتفاق { فعند الشافع لا يجب لأنه لما لم يرفعه لا يحمل على السماع وفي الاجتهاد هم وسائر المجتهدين سواء } قال الشافعي في القديم قول الصحابي حجة إن انتشر ولم يخالف وفي الجديد لا يقلد العالم صحابيا كما لا يقلد عالما آخر وهو المختار كذا في شروح المنهاج { لاطلاق قوله تعالى فاعتبروا يا أولي الأبصار } لم يقل لعموم لأن الاحتجاج بعدم تقيد الاعتبار بعدم مخالفة الصحابي لا بعدم اختصاص الأمر المذكور بالبعض { ولأن الاجتهاد غير النبي عم يحتمل الخطأ بقاء } هذا على رأي المخطئة وأما على رأي المصوبة وهم عامة الأشعرية والباقلاني والغزالي والمزني وكثير من المعتزلة فالاجتهاد مطلقا لا يحتمل الخطأ أصلا { وعند أبي سعيد البردعي يجب مطلقا لقوله عم أصحابي كالنجوم يليهم اقتديتم اهتديتم } في تشبيهم بالنجوم إشارة إلى أن المراد علماؤهم { ولأن الغالب في أقوالهم السماع من حضرة الرسالة واجتهادهم أقرب إلى الصواب لأنهم شاهدوا موارد النصوص ولأنهم اختصوا بالسبق في الدين وبركة صحبة النبي عم والكون في خير القرون ومنهم من قال يجب تقليد أبي بكر وعمر رضيهما خاصة لقوله عم اقتدوا بالذ1ين من بعدي أبي بكر وعمر } هذا على ما ذكر في شرح المنهاج وفي أصول البزدوي ومنهم من فصل في التقليد فقلد الخلفاء الراشدين رضيهم وأمثالهم { وعند الكرخي يجب فيما لا يدرك بالقياس لأنه لا وجه له إلا السماع أو الكذب والثاني منتف لا فيما يدرك لأن القول بالرأي منهم مشهور والمجتهد قد يخطىء والسلوك مسلكهم في الاجتهاد اقتداء } جواب عن الاحتجاج بقوله عم أصحابي كالنجوم الخ { والمراد من اقتداء الشيخين متابعتهما في السيرة } والسياسة { لا في المذهب } وإلا لكان تقليد بعض الصحابة بعضها واجبا وهو خلاف الاجماع وهذا جواب عن الاحتجاج بقوله عم اقتدوا بالذين من بعدي الخ { وأما التابعي فلا خلاف أنه لا يتركا لقياس بقوله وإنما الخلاف في أنه هل يعتد به في إجماع الصحابة رضي } حتى لا يتم إجماعهم مع خلافه { فعندنا يعتد به وعند الشافعي لا يعتد به لنا إنه أدرك عصرهم وسوغوا له الاجتهاد } والمزاحمة معهم في الفتوى والحكم بخلاف رأيهم { قد صار هو كواحد منهم } فيما ينبني على اجتهاد الرأي { ثم الاجماع لا ينعقد مع خلاف واحد منهم فكذلك } لا ينعقد { مع خلافه } لأن شرط انعقاد الاجماع أن لا يكون أحد ممن سوغ له الا جتهاد في ذلك العصر مخالفا { وقد ثبت أن عمر وعليا رضي قلدا شريحا القضاء بعدما ظهر منه مخالفتهما في الرأي } وإنما قلداه القضاء ليحكم برأيه وقد روى أن عمر رضي كتب إلى شريح أقضي بما في كتاب الله تعالى فإن لم تجد فبسنة رسول الله عم فإن لم تجد فاجتهد رأيك وقد صح أن عليا رضي تحاكم إليه وقضي عليه بخلاف رأيه حيث رد شهادة الحسن رضيوكان مذهب على رضي قبول شهادة الولد لوالده { وابن عباس رضي رجع إلى قول مسروق في النذر يذبح الولد } فأوجب عليه شاة بعد ما كان يوجب عليه مائة من الإبل { الركن الثالث في الإجماع وهو اتفاق المجتهدين من أمة محمد عم في عصر } ظرف للإتفاق معناه زمان ما قل أو كثر { على أمر ديني اجتهادي بحيث يحصل به ما لم يكن قبل } فخرج بهذا غير الديني والديني القطعي من العقلي والحسي والظني من الحسي الماضوى الذي يصير باتفاقهم على الاخبار به أغلب على الظن بحيث يبلغ حد الطمأنينة كخبر الواحد الذي يصير مشهورا إذ لا دخل للإجتهاد فيه ويندج فيه باقي الأقسام وأطلق ابن الحاجب وغيره الأمر ليعم الشرعي وغيره حتى يجب اتباع إجماع المجتهدين في أمر الحروب ونحوها ويرد عليه أنت تارك الاتباع إن أئم فهو أمر شرعي ديني فلا وجه للعدول عن الخصوص إلى العموم وإلا فلا معنى للوجوب ومن قيده بالشرعي وأراد به ما لا يدرك لولا خطاب الشارع لم يصب { والبحث ههنا في أمور الأول ركنه وهو الانفاق والعزيمة فيه أن يثبت إما بالتكلم منهم أو بعلمهم به } فيما يكون من بابه { والرخصة بأن يتكلم البعض أو يعمل به ويسكت الباقي بعد بلوغ ذلك إليهم ومضى مدة التأمل } إن مثل هذا الإجماع ويسمى الإجماع السكوتي لا يكفر جاحدة وإن كان من الأدلة القطعية بمنزلة العام من النصوص { وعند البعضلا يثبت } الإجماع بالسكوت { لأن عمر رضيه شاور الصحابة رضيهم في مال فضل عنده } أشار بعض رضيه بتأخير القسمة والإمساك إلى وقت الحاجة { وعلى رضيه ساكت حتى سأل فقال أرأى أن يقسم بين المسلمين وروى حديثا في ذلك } فعمل عمر رضيه بذلك ولم يجعل سكوته دليلا للموافقة حتى شاور وجوز علي رضيه السكوت مع أن الحق عنده في خلافهم { وشاورهم في املاض المغيبة } التي بعث إليها ففزعت { فأشار وأبان لا عزم } قالوا إنما أنت مؤدب وما أردت إلا الخير فلا شيء عليك { وعلي رضيه ساكت فلما سأله قال أرى عليك العزة فلم يكن سكوته تسليما ولانه } أي ولان سكوت البعض { قد يكون للمهابة كما قيل لابن عبان رضيه } حين أظهر الخلاف في مسألة العول بعد موت عمر رضيه { ما منعك أن تخبر عمر رضيه بقولك في العول } وفي شرح الفرائض هلا أنكرته في زمن عمر رضيه { فقال هبته } قال كنت حييا وكان عمر مهيبا فهيبته لا يخفى إن ذلك لا يكون سببا لعدم إظهار ما هو الحق عنده إلى أن ينقضي عصر عمر رضيه نعلى أنه قد كان يقدمه ويدعوه في الشورى مع الكبار من الصحابة رضيهم وكان يقول له غص بأغواص شنئنة أعرفها من أحزم { ولأنه قد يكون للتامل وغيره } من الأسباب المانعة للإظهار كاعتقاد حقبة كل مجتهد وكون القائل أكبر سنا أو أعظم قدرا أو أوفر علما واستقرار الخلاف { ولنا أن شرط التكلم من الكل متعذر غير معتاد وإنما المعتاد أن يتولى الكبار ا لفتوى ويتسلم سائرهم وإذا كان عنده مخالفا فالسكوت حرام والعدول } لم يقل والصحابة لعدم اختصاص الحكم بهم { لا يتهمون بذلك فأما علي رضيه فإنما سكت مراعيا شرط الص2يانة عن الفوت حيث تكلم } وأظهر الخلاف { قبل انقضاء مضى مدة التأمل وذلك جائز تعظيما للفتيا وحديث ابن عباس رضيه غير صحيح } ولقد أحسن من قال ومتى كان الناس في نقبته من عمر رضيه في إظهار الحق مع قوله عم أينما دارا الحق فعمر معه وكان الين وأسرع قبولا للحق من غيره { ولما شرطنا مضى مدة التأمل لم يبق وجه لما قيل أنه قد يكون للتأمل وأما احتمال أن يكون السكوت لأمر آخر فقد أشرنا إلى وجه اندفاعه } حيث قال وإذا كان عنده مخالفا فالسكوت حرام والمعتبر في الرخصة إنما هون السكوت قبل استقرار الخلاف { مسألة إذا اختلف الصحابة رضيهم في حادثة على قولين } أو أقاويل محصورة { يكون إجماعا على نفي قول اخز عندنا لأن الحق لا يعدوا أقاويلهم } فليس لأحد أن يحدث فيه قولا آخر برأيه { وكذا في غير الصحابة رضيهم عند بعض مشايخنا } لأن المعنى الذي ذكر يوجب المساواة { وبعضهم فصلوا ذلك بهم لما لهم من الفضل والسابقة } مثال ما ذكر أنهم اختلفوا في عدة حامل توفي عنها زوجها فعند البعض تعتد بأبعد الأجلين وعند البعض يوضع الحمل فالاكتفاء بالأشهر قبل وضع الحمل قول ثالث لم يقل به أحد واختلفوا في الجد مع الأخوة فعند البعض كل المال للجد وعند البعض المتقا سمة فحرمان الجد قول ثالث لم يقل به أحد واختلفوا في الزوج مع الأبوين والزوجة معهما فعند البعض للأم ثلثا الكل في المسألتين وعند البعض ثلثا الباقي بعد فرض أحد الزوجين فيهما فالقول بالفصل ثالث لم يقل به أحد واختلفوا في فسخ النكاح بالعيوب الخمسة فعند البعض لا فسخ في شيء منها وعند البعض حق الفسخ ثابت في كل منها فالقول بالفصل ثالث لم يقل به أحد واختلفوا في الخارج عن غير السبيلين فعند البعض الواجب غسل المخرج فقط وعند البعض غسل الأعضاء ا لأربعة فقط فشمول العدم أو الوجود قول ثالث لم يقل به أحد وأيضا الخروج من غير السبيلين ناقض عندنا لامس المرأة وعند الشافعي المس ناقض دون الخروج فشمول الوجود أو العدم قول ثالث لم يقل به أحد واختلفوا في علة الربا فعند أئمتنا هي الكيل أو الوزن مع الجنس وعند الشافعي الطعم والجنس شرط محض وفي الذهب والفضة الثمينة وعند مالك الادخار أو النقد مع الجنس فالقول بأن العلة غير ذلك لم يقل به أحد وقال بعض المتاخرين الحق هو التفضيل وهو أن القول الثالث أن استلزم إبطال ما أجمعوا عليه لم يجز أحد أنه وإلا جاز مثال الأول الصورتان الأوليان فإن الاكتفاء بالأشهر قبل الوضع منتف إجماعا لأن الواجب إما أبعد الأجلين وإما وضع الحمل فهذا يسمى إجماعا مركبا فما به الاشتراك وهو عدم جواز الاكتفاء بالأشهر مجمع عليه وفي الجد مع الأخوة اتفاق الفريقين واقع على عدم حرمان الجد ومثال الثاني المسائل الباقية فإن في كل صورة منها ليس إلا مخالفة مذهب واحد لا مخالفة الاجماع ولو كان مثل هذا مردودا يلزم لكل مجتهد وافق مجتهدا في خلافية أن يوافقه في سائر الخلافيات وهذا باطل إجماعا فإن أبي حنيفة رحمه وافق أبن مسعود رضيه في أن عدة الحامل المتوفى عنها زوجها بوضع الحمل ولم يوافقه في أن المحروم يحجب حجبا النقصان عنده ولم يقل به أحد بأن المجموع المركب من القولين المذكورين منتف بإجماع ابن مسعود وغيره إما عنده فلثبوت الثاني وأما عند غيره فلانتفاء الأول ونظائر هذا أكثر من أن يحصى وبالجملة التفصيل المذكور أصل كلي يفيد معرفة أحكام الجزئيات فلا يخفى على الناظر المتأمل أن القول الثالث هل يشتمل على رفع ما اتفق عليه القولان السابقان أم لا وليس على الأصولي التعرض لتفاصيل الجزئيات وما ادعاه الخصم من أن القول الثالث مستلزم لبطلان الإجماع في جميع الصور غيرمعتد به لأنه ادعاء باطل لانا لاثم ثبوت أحد الشمولين بالإجماع في مسألة الزوج أو الزوجة مع الأبوين كيف وقد يصدق أنه لا شيء من الشضمولين بمجمع عليه لما فيه من مخالفة البعض ولهذا أحدث التابعون رحمهم قولا ثالثا فقال ابن سيرين بثلث الكل في زوج وأبوين دون زوجة وأبوين وقال تابعي آخر بالعكس وكذا في البواقي مثلا لا أجماع على وجوب غسل المخرج لمخالفة أبي حنيفة رحمه ولا على وجوب غسل أعضاء الوجوب لمخالفة اشافعي وإذا صدق إنه لا شيء ولا واحد من الطهارتين مما يجب إجماعا فكيف يصدق أن أحديهما واجبة إجماعا غاية ما في الأمر أنه ركبت مغلطة بحسب التعبير من الأمرين بمفهوم يشملهما على سبيل البدل ويكون تعلق الحكم به في كل من القولين باعتبار فرد آخر وظاهر أنه لا يلزم منه الاجماع على الحكم في شيء من الأفراد بخلاف مسألة العدة والجد مع الأخوة لاتفاق الفريقين على عدم جواز الاكتفاء بالأشهر قبل الوضع وعلى عدم جواز حرمان الجد وأما مسألة العلة الربا فلا يخفى أن القول الرابع إن كان قولا بعدم اعتبار الجنس أصلا كان مخالفا للإجماع وإلا فلا إذا لم يعقد اتفاق الأقوال الثلاثة إلا على اعتبار الجنس وعدم القول بالفصل وإن اشتهر في المناظرات لكنه ليس مما وقع الاتفاق على قبوله وإنما يقبل حيث يصلح إلزاما للخصم بأن يلزمه من التفضيل بطلان مذهبه وهذا كما يقال في الوجوب في الحلي أن الوجوب في الضمار لا يخ من أن يكون ثابتا أو لا وعلى الأول يكون ثابتا في الحلي أيضا قياسا وعلى الثاني أيضا يكون ثابتا فيه وألا يلزم عدم الثبوت فيهما وهو منتف إجماعا وهذا لا يفيد حقية الوجوب في الحلي لكن يفيد إلزام الشافعي بناء على أنه لايقول بصحبة العدمين واعلم أن الضابط في تميز صورة يلزم فيها بطلان الاجماع عن صورة لا يلزم ذلك وهو أن القولين إن كانا يشتركان في أمر واحد هو حكم شرعي فإحداث القول الثالث إبطال للإجماع وإن لم يشتركا في ذلك بأن لا يكون المشترك فيه واحد بالحقيقة أو كان واحدا لكن لا يكون حكما شرعيا فإحداث القول الثالث لا يكون إبطالا للإجماع وعند تقرر هذا الضابط لا بد من النظر في أن أي موضع يشترك فيه القولان في حكم واحد شرعي واي موضع لا يشتركان فيه في ذلك فنقول المختلف فيه بين القولين أو الأقوال فد يكون حكما متعلقا بمحل واحد وقد يكون حكما متعلقا بأكثر من محل واحد أما الأول فالقولان فيه قد يظهر اشتراكهما في حكم في ذلك كما في مسألة الربا فلا يبطل القول الآخر وقد يكونان بحيث يمكن أن يخرج منهما اشتراك في حكم واحد شرعي وافتراق بين أمرين إن كان الافتراق مما حكم به الشرع كما في مسألة ذات الزوجين فإن القولين يشتركان في إثبات نسب الولد من أحدهما وفي أن الثبوت من أحدهما ينافي الثبوت من الآخر بحكم الشرع فإحداث القول الثالث سواء كان قولا بشمول الوجود أعني ثبوت النسب منهما جميعا أو شمول العدم أعني ثبوته من واحد منهما أصلا وإن لم يكن الافتراق مما حكم به الشرع كما في مسألة الخارج من غير السبيلين حيث اتفق القولان على وجوب التطهير أعني الوضوء أو غسل المخرج وعلى الافتراق أعني كون الواجب أحدهما فقط لكن لم يحكم الشرع بأن وجوب أحدهما ينافي وجوب الآخر فالقول الثالث إن كان قولا بشمول العدم أعني عدم وجوب شيء منهما يكون باطلا ومبطلا للإجماع السابق وإن كان قولا بشمول الوجود أعني وجوبهما جميعا لما يكن باطلا لعدم استلزامه إبطال الاجماع ولزم من هذا أن الحكم بأنه إذا اشترك القولان في حكم واحد شرعي كان القول الثالث مستلزما لإبطال الإجماع ليس على إطلاقه وأما الثاني وهو أن يكون المختلف فيه حكما متعلقا بأكثر من محل واحد فاختلاف القولين إنما يتصور بثلاثة أوجه الأول أن يكون أحدهما قائلا بثبوت الحكم في صورة معينة وعدم ثبوته في الصورة الأولى والآخر قائلا بالعكس كقولنا بالانتقاض بالخروج من غير السبيلين لا بمس المرأة وقول الشافعي بالعكس فالقول بشمول حكم انتقاض أو بعدم شموله لا يكون إبطالا بحكم شرعي مجمع عليه الثاني أن يكون أحدهما قائلا بالثبوت في الصورتين وهو معنى شمول الوجود والآخر بالعدم فيهما وهو معنى شمول العدم ويسمى هذا عدم الفسائل بالفصل والاجماع المركب أعم من هذا فإن اتفق ا لشمولان على حكم واحد شرعي كتسوية الأب والجد في الولاية كان القول بالافتراق مبطلا للإتجماع وإلا فلا كالقول بجواز الفسخ بالعيوب دون البعض الثالث أن يكون أحدهما قائلا بالثبوت في إحدى الصورتين بعينها والعدم في الأخرى والآخر قائلا بالثبوت في كلتا الصورتين فيكون اتفاقا على الثبوت في صورة بعينها أو بالعدم فيهما فيكون اتفاقا على العدم في صورة بعينها فيكون القول الثالث إبطالا للمجمع عليه كمسألة الصلاة في الكعبة نفلا وفرضا فإن كلاهما جائز عندنا والأول جائز دون الثاني عند اشافعي فجواز الأول متفق عليه فالقول بعد جوازهما أو بجواز الثاني دون الأول خلاف الإجماع وكبيع الملاقيح والبيع بشرط فإن الثاني يفيد الملك عندنا دون الأول وعند الشافعي كل منهما لا يفيد الملك فالملاقيح متفق عليها فالقول فإفادتهما الملك وإفادة الأولى دون الثاني خلاف الإجماع هذا غاية البيان ليس قرية وراء عبادان { وأما الثاني ففي أهلية من ينعقد به الإتجماع وأهله مجتهد ليس فيه فسق ولا بدعة فإن الفسق يورث التهمة ويسقط العدالة وصاحب البدعة يدعو الناس إليها فليس هو من الأمة على الإطلاق وسقطت العدالة بالتعصب أو السفه } يعني يلزم صاحب البدعة أحد الأمرين المذكورين لأنه إن كان وافر العقل عالما بقبح ما يلتزمه ومع ذلك يعاند الحق ويكابر فهو التعصب وإن لم يكن وافر العقل كان سفيها إذا السفه خفة واضطراب يحمله على ما يخالف العقل لقلة التأمل { وكذا المجنون } وهو عدم المبالاة فالمفتي الماجن من يعلم الناس الحيل { وأما عامة الناس ففيما لا يحتاج إلى الراي } أي فيما يكون سند الإجماع قطعيا فلا يفيد الإجماع إلا زيادة تأكيد { كنقل القرآن وأمهات الشرائع داخلون في الإجماع كالمجتهدين } وليس المراد أنه لو لم يوافق عامة الناس لم ينعقد الإجماع حتى لا يكفر الجاحد بناء على بقاء مخالف واحد بل المراد أنه يلزمهم الدخول في الاتفاق عليه حتى لا يجوز لأحد منالخواص والعوام الغفلة عنه فإن المخالفة فيه لكونه من ضروريات الدين { وفيما يحتاج إلى الرأي } أي لا يكون سنده موجبا للقطع بل يحصل القطع بالإجماع { لا عبرة مهم } لا بمعنى إن الإجماع ينعقد بدونهم لأن عدم العبرة بهم بهذا المعنى غير مختصة بهذا النوع من الإجماع بل ثابتة في النوع الأول أيضا بل بمعنى أنه لا يلزمهم الدخول في الاتفاق في هذا النوع { وبعضالناس خصوا الاجماع بالصحابة رضيهم لأنهم هم الأصول في أمور الدين وخير الناس بعد رسول الله عم } لأنهم صحبوه وسمعوا منه علم التنزين والتأويل { والبعض يعترته عم لطهارتهم عن الرجس بالنص } وهو قوله تعالى إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت { والخطأ رجسوالبعض بأهل المدينة لقوله عم إن المدينة طيبة تنفي خبثها والخطأ خبث قلنا هذه الأمور زائدةعلى الأهلية وما يدل على كونه حجة لا يوجب الاختصاص بشيء من هذا ولا نم إن الخطأ الاجتهادي رجس وخبث وعند البعضلا يشترط اتفاق الكل بل الأكثر كاف لقوله عم عليكم بالسواد الأعظم وعندنا يشترط لأن الحجة إجماع الأمة فما بقي أحد من أهله لا يكون إجماع وربما كان اختلف الصحابة رضيهم والمخالف واحد في مقابلة الجمع الكثير } هذا ما ذكره الكرخي وهو قول الشافعي ايضا وقالالسرخسي فيأصوله والأصح عندي ما أشار إليه أبو بكر الرازي أن الواحد إذا خالف الجماعة فإن سوغوا له الاجتهاد وأنكروا عليه قوله فإنه يثبت حكم الإجماع بدون قوله بمنزلة قول ابن عباس رضيه في حل التفاضل في أموال الربا فإن الصحابة رضيهم لم يسوغوا له هذا الاجتهاد { والسواد الأعظم عامة المسلمين ممن هو أمة مطلقة } احتراز عن أهل البدعة منهم كالمعتزلة وسائر فرق الضلال فإن المطلق ينصرف إلى الكمال والكامل من الأمة الذي اتبع الرسول في جميع أقواله وأفعاله وهم أهل السنة والجماعة { وأما الثالث ففي شروطه انقراض العصر ليس شرطا عندنا وعند الشافعي يشترط أن يموتوا } أي جميع من هو من أهل الاجتهاد في وقت نزول الحادثة { على ذلك الإجماع لاحتمال رجوع بعضهم عن ذلك } وفائدة ذلك جواز الرجوع ودخول من أدرك عصرهم من المجتهدين في إجماعهم أيضا وعند القائلين بالاشتراط ينعقد الاجماع لكن لا يبقى حجة بعد الرجوع وقيل لا ينعقد مع احتمال الرجوع { ولنا أن تحقق الإجماع فلا يعتبر توهم رجوع البعض حتى لو رجع لا يعتبر عندنا } { مسألة شرط البعض كونه } أي كون الإجماع في مسألة غير مجتهد فيها في السلف فجعلوا الخلاف المتقدم مانعا من الإجماع المتأخر لأن ذلك المخالف إنما اعتبر خلافه لدليله لا لعينه وهو باق ولأن في تصحيح هذا الإجماع تضليل بعض السلف والمختار وعدم اشتراطه قال شمس الأئمة الحلواني أن الرواية محفوظة عن محمد أن قضاء القاضي بجواز بيع أم الولد باطل وقد كان هذا مختلفا فيه بين الصحابة رضيهم ثم اتفق من بعدهم على أنه لا يجوز بيعها فكان هذا قضاء بخلاف الإجماع عند محمد وعلي قول ابي حنيفة وأبي يوسف رحمهم ينفذ قضاء القاضي لشبهة الاختلاف في الصدر الول ولا يثبت الإجماع مع وجود الاختلاف فيه وقال الإمام السرخسي والأوجه عندي أن هذا إجماع عند أصحابنا جميعالدليل الذي دل على إن إجماع أهل كل عصر إجماع معتبر وإنما نفذ قضاء القاضي لجواز بيعها لشبهة الاختلاف في أن مثل هذا هل يكون إجماعا { لأن المعتبر اتفاق أهل عصر وقد وجدوا دليله كان دليلا لكنه لم يبق } لأنه حدث دليل أقوى وهو الإجماع ولا دلالة في الإجماع اللاحق على بطلان الدليل السابق المقرون بشرائطه { كما إذا نزل نص بعد العمل بالقياس فلا يلزم التضليل إن أريد به } أي بما نسب إليه من الضلال { الخطأ في الدليل ولا فساد فيه } أي فيما ذكر من لزوم التضليل { إن أريد به الخطأ في الحكم لأن الحق واحد فعند الاختلاف لابد من الضلال وأما الرابع ففي حكم وهو أ، يثبت موجبه } أراد بالموجب الحكم الشرعي إذا الحكم الدنيوي لا يثبت يقينا لأن الاجماع لا يكون فوق صريح قول الرسول عم وهو ليس بحجة في مصالح الدنيا لقوله عم في قصة تليح إنكم أعلم بأمور دنياكم { يقينا حتى يكفر جاحده بالاتفاق إن كان إجماعه قطعيا ويعلم كونه من الدين بالضرورة } نحو العبادات الخمس وإلا فإن فقد القيد الأول فلا يكفر حاحده وإن فقد الثاني ففيه خلاف { لقوله تعالى ويتبع غير سبيل المؤمنين } أول الآية ومن يشاقق الرسول وآخرها نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا { والوعيد متعلق بكل واحد من المشاقة والاتباع وإ،لا لم يكن لضمه الأولى وجه } إذ لا يضم مباح إلى حرام في الوعيد ولذا حرم اتباع غير سبيلهم يلزم اتباع سبيلهم لأن ترك الاتباع غير سبيلهم فيدخل في اتباع غير سبيلهم والاجماع سيبلهم فيلزم اتباعه ولفظ غير باضافته إلى الجنس يفيد العموم فيلزم حرمته اتباع كل ما يغاير سبيل المؤمنين لا بعضه كالكفر والتكذيب وليس المراد بالسبيل حقيقة وهو الطريق الذي يمشي فيه بالاتفاق ولا الدليل الذي اتبعوه لأن اتباع غير الدليل وإن كان هو القياس داخل في مشاقه الرسول أي مخالفة حكمه إذ القياس أيضا مستند إلى نص يلزم التكرار قيل يجوز أن يكون سبيل المؤمنين ما أتى به الرسول عم ويكفي في صحة العطف تغاير المفهومين وأجيب بأنا لا نمنع ذلك من جهة إنه لايصح العطف بل من جهة أن سبيل المؤمنين عام لا مخصص له بما يثبت إتيان الرسول به مع أن حمل الكلام على الفائدة الجديدة أولى من حمله على التكرار وتغاير المفهومين لا ينفع في دفع التكرار { وقوله تعالى كنتم خير أمة الآية والخيرية تستلزم حقية فيما اجتمعوا } لأنه لو لم يكن حقا كان ضلا لا لقوله تعالى فماذا بعد الحق إلا الضلال ولا شك أن الأمة الضالين لا تكون خير الأمم على أنه تعالى وصفهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا اجتمعوا على الأمر بشيء يكون ذلك الشيء معروفا فإذا اجتمعوا على النهي عن شيء يكون ذلك الشيء منكرا فثبت إن إجماعهم حجة { وقوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا والوساطة العدالة ومنه قوله تعالى قال أوسطهم } أثبت العدالة الحقيقية للأمة وهي ليست ثابتة لكل واحد منها فتعين المجموع وفيه نظر { وكل الفضائل منحصرة في التوسط بين الإفراط والتفريط } فإن رؤوس الفضائل الحكمة وهينتيجة القوة العقلية المتوسطة بين الجربزة والغباوة والعفة وهي نتيجة تهذيب القوة الشهوانية المتوسطة بين الحلاوة والخمود والشجاعة وهي نتيجة تهذيب القوة الغضبية المتوسطة بينت التهور والحين ثم التوسط فيهذا المجموع هي العدالة فلهذا فسر الوساطة بالعدالة { وقوله عم لا تجتمع أمتي على الضلالة وقوله عم ما رآه المؤمنون حسنا فهو حسن عند الله هذه هي الأدلة المشهورة على أن الإجماع حجة ودلالتها على أن اتفاق مجتهدي عصر واحد حجة قطعية ليست بقوية وما ذكر من أخبار الآحاد لم يكن متواتر المعنى بمنزلة شجاعة علي رضيه والإجماع دليل قاطع فلا بدله من دليل قطعية الدلالة واستدل عليه بستة أوجه تفصيله الأول أن الله تعالى حكم بإكمال دين الإسلام فيجب أن لا يكون شيء من أحكامه مهملا ولا شك أن كثيرا من الحوادث مما لم يبين بصريح الوحي فيجب أن يكون مندرجا تحت الوحي بيحث لايصل إليه كل واحد أما إن لا يمكن للأمة استنباطه وهوبط إذ لا فائدة في الإدراج أو يمكن لغير المجتهد\ين منهم خاصة وهو بط بالضرورة فتعين استنباطه للمجتهدين أما أن يستنبطه قطعا ويقينا كل مجتهد وهو بط لما بينهم من الاختلاف أو جميع المجتهدين إلى يوم القيامة وهو أيضا بط لعدم الفائدة فتعين استنباط جمع من جميع المجتهدين ولادلالة على تعيين عدد معين من الإعصار فيجب أن يعتبر عصر واحد لا ترجيح للبعض على البعض فتعين اعتبار جميع المجتهدين في عصر واحد فيكون اتفاقهم بيانا للحكم وبينة عليه فيجب اتباعه للآيات الدالة على وجوباتباع البينة هذا غايةتقريره ولقائل أن يقول وجوب الاتباع لا يستلزم القطع وأيضا ما ذكر لا يدل على حجة إجماع مجتهدي كل عصر لجواز أن يكون الحكم المندرج في الوحي مما يطلع عليه واحد أو جماعة من المجتهدين في عصر آخر قبله أو بعده وأيضا إكمال الدين هو التنصيص على قواعد العقائد والتوفيق على أصول الشرائع وقوانين الاجتهاد لا إدراج حكم كل حادثة في القرآن والثاني أن قوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الآية يدل على وجوب اتباع كل قوم طائفة المتفقهة فإن أنفق الطوائف على حكم لم يوجد فيه وحي صريحوأمروا أقوامهم به يحب قبوله فاتفاقهم صار بينة على الحكم فلا يوجد المخالفة بعد ذلك لما ذكرنا ولقائل أن يقول هذا لا يفيد إلا كون ما اتفق عليه طوائف الفقهاء حجة على غير الفقهاء والكلام في كونه حجة على المجتهدين حتى لا يسعهم مخالفته وأيضا وجوب العمل لا يستلزم القطع على أنه لو صح ما ذكره لزم أن يكون قول مجتهد واحد في عصر لا مجتهد فيه غيره حجة قطعية لكونه بينة على الحكم في ذلك العصر والثالث قوله تعالى وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولوا المرمنكم فألوا الأمر إن كانوا هم المجتهدين فإذا اتفقوا على أمر لم يوجد فيه صريح الوحي يحب إطاعتهم وإن كانوا غيرهم من الحكام يجب عليهم السؤال عنه أهل العلم والاجتهاد لقوله تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون فإذا سألوهم واتفقوا على الجواب يجب القبول وإلا لم يكن في السؤال فائدة فيجب على الناس الإطاعة في ذلك العصر وكذا بعده لما مر ويرد على هذا الوجه جميع ما يرد علىالثاني والرابع إن قوله تعالى وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هديهم يدل على أنه لا يلقى فيقلوب قوم هم العلماء المهديون خلاف الحق لكونه ضلالا لقوله تعالى فماذا بعد الحق إلا الضلال ولقائل أن يقول المراد عدم الاضلال بالالجاء إلى الكفر بعد الهداية إلى الإيمان إذا كثيرا ما يقع الخطأ لجماعات العلماء وأيضا هذا لا ينفي وقوع الضلال من الله تعالى وأيضا لو أجرى على ظاهره لزم أن يكون اتفاق جماعة من العلماء حجة ولا دلالة على تعيين جميع المجتهدين من عصر والخامس أن قوله تعالى ونفسوما سواها فالهما فجورها وتقواها قد أفلح من ذكيها يدل على أن النفس المزكاة يلهما الله تعالى الخير والشر لا سيما عند الاجماع والنفس المزكاة هي المشرفة بالعلم والعمل ولقائل أن يقول ليس معنى إلهام الفجور والتقوى أن يعلم كل خير وشر ولا اختصاص لذلك بالنفس المزكاة فكيف بجميع المجتهدين من أمة محمد عم فيعصره والسادس أن أخبار العلماء بان الاجماع حجة قطعية بعد اتفاقهم على أن الحكم لا يكون قطعيا غلا إذا كان دليله قطعيا أخبار بأنهم قد وصلوا على ما يدل علىأن الإجماع حجة قطعية إذ لا احتمال للكذب لأن المخبرين بهذا القول العلماء العاملون المجتهدون الكثيرون غاية الكثرة بحيث لا يمكن تواطئهم على الكذب وذلك الدليل لا يكون قياسا لأنه لا يفيد القطع عندهم ولاالاجماع للدور بقي النص من الشارع فصار كأنه كل واحد قال أنه وصل إلى من الكتاب والسنة ما يدل على أنه حجة قطعية فثبت أن الدليل على أنه حجة نصوص متواتر المعنى وما تدعي كونه حجة أخص الاجماعات لأنه إجماع جميع المجتهدين في عصر فيدخل فيهم المجتهدون من أهل المدينة والعترة بخلاف إجماع أهل المدينة أو العترة فإنه لا يستلزم إجماع الكل وفيه نظر لأنه قد لا يوجد في عصر مجتهد من العترة أو لا نطلع عليه كما في القرن الثالث وما بعده فلا يكون أخصولا يدل أدلتهم علىمطلوبنا لأن دليلهم اشتمال إجماع العترة على قول الامام المعصوم فالصواب أن يقال المراد اتفاق علماء أهل السنة والجماعة وإلا فقد خالف كثير من أهل الأهواء والبدع { ثم الاجماع على مراتب إجماع الصحابة رضيهم } وهو بمنزلة الآية والخبر المتواتر بكفر جاحده { ثم إجماع من بعدهم فيما لم يرو فيه خلاف الصحابة رضيهم } وهو بمنزلة الخبر المشهور يضلل حاجده { ثم إجماعهم فيما روي فيه خلافهم فهذا إجماع مختلف فيه } فلذلك أي لما فيه من الاختلاف لا يضلل جاحده { والإجماع الذي ثبت ثم رجع واحد منهم إجماع مختلف فيه أيضا وفي مثل هذا الاجماع يجوز التبديل في عصر واحد وفي عصرين } كما إذا أجمع القرن الثاني على حكم يروي فيه خلاف من الصحابة ثم أجمعوا بأنفسهم أو أجمع من بعدهم على خلافه وهذا من قبيل تبدل الرأي كما في رجوع المجتهدين المخصوص عن قياس إلى آخر إلا من قبلي النسخ لما مر أن الاجماع لا ينسخ ولا ينسخ به { وأما الخامس ففي السند والناقل } جمعهما في بحث واحد لاشتراكهما في السببية فإن الأول سبب لثبوت الاجماع والثاني سبب لظهورة { ويجوز أن يكون سند الإجماع خبر الواحد والقياس } كالاجماع على خلافة أبي بكر رضيه قياسا على إمامته في الصلاة عندنا { وعند البعض لا بد من قطعي } لأنه قطعي لا يبتني إلا على قطع { قلنا } أي على تقدير اشتراط كون السند قطعيا { يكون الاجماع لغوا } أي يكون الاجماع الذي هو أحد الأدلة لغوا بمعنى أنه لا يثبت حكما ولا يوجب أمرا مقصودا في شيء من الصور إذ التأكيد ليس بمقصود أصلي { وكونه حجة ليس من قبيل سنده بل لعينه كرامة لهذه الأمة } واستدامة لاحكام الشرع { وأما النافل فكما ذكرنا في السنة } نقل الاجماع إلينا قد يكون بالتواتر فيعيد القطع وقد يكون بالشهرة فيقرب منه وقد يكون بخبر الواحد فيفيد الظن ويوجب العمل لوجوب اتباع الظن بالدلائل المذكورة { الركن الرابع في القياس } هو في اللغة التقدير وفي الشرع تسوية الفرع للأصل في علة الحكم ويلزمها ما ذكره المص { وهو تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع } أي إثبات حكم مثل حكم الأصل في الفرع وهذا معنى التعدية في عرف أهل هذا الفن والمراد بالأصل المقيس عليه وبالفرع المقيس { لعلة متحدة } بحسب النوع { لا تدرك بمجرد اللغة } احترز به عن دلالة النص { وبعض أصحابنا جعلوا العلة ركن القياس والتعدية حكمه فالقياس تبين أن العلة في الأصل هذا ليثبت الحكم في الفرع } فلا يكون التعليل بالعلة القاصرة كما هو مذهب الشافعي قياسا قال فخر الاسلام ركن القياس ما جعل علما على حكم النص مما اشتمل عليه النص وجعل الفرع نظيرا له في حكمه بوجوده فيه ثم قالأما الحكم الثابت بتعليل النصوص فتعدية حكم النص إلى ما لا نص فيه ليثبت فيه بغالب الرأي على احتمال الخطأ وهذا صريح في أن العلة أي العلم بها ركن والتعدية حكمه وفيه إشارة إلى أن القياس هو التعليل أي تبيين العلة في الأصل ليثبت الحكم في الفرع وهذا أحسن من جعل القياس تعدية وإثباتا للحكم في الفرع لأن إثباته فيه معلل بالقياس والمعلول لا بد أن يكون خارجا عن العلة وعلة اثبات الحكم في الفرع ليس إلا الحكم بالمساواة بين الأصل والفرع في العلة ليثبت المساواة بينهما في الحكم { وهو } أي القياس { يفيد غلبة الظن } أراد ظن المجتهد { بأن الحكم } أي حكم الشرع في صورة الفرع { هذا } فالمراد بإثبات الحكم هذا المعنى { لأنه مثبت له ابتداء } لأن المثبت للحكم ابتداء هو النص أو الاجماع وهذا ما قالوا إن القياس مظهر للحكم لا مثبت { وأصحاب الظواهر نفوه فبعضهم على أنه لا عبرة للعقل اصلا } لا في الأحكام الشرعية ولا فيغيرها بعنى أنه ليس للمقل حمل النظير على النظير { وبعضهم على أنه لا عبرة له في الشرعيات } لامتناعه عقلا كما ذهب غليه النظام أو لامتناعه سمعا كما ذهب إليه داود الأصفحاني وأشار على دليله { بقول لهم قوله تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء } فيكون كل الأتحكام مستفادة من الكتاب فلا حاجة إلى القياس ويرد عليه أنه إن أريد أن كل حكم مستفاد منه بغيرنظر واجتهاديين البطلان وإن أريد أنه مستفاد منه لو بنظر واجتهاد فلا يتم التقريب بل الأقرب أن يكون النص المذكور حجة عليهم لالهم { وقوله تعالى ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين } المراد بالكتاب اللوح المحفوظ فلا تمسك لهم وإن كان المراد القرآن فلا استدلال ايضا على القراءة المشهورة لأن قوله ولا حبة مجرور معطوف على ورقة فيكون المعنى ولا رطب وما يسقط من ورقة إلا يعلمها فلا استدلال ولوحمل قراءة الرفع على الابتداء دون العطف على محل ورقة لكان لهم فيه مجال التمسك فيحتاج على الجواب الآتي ذكره على أنه لو صح تمسكهم هذا لزم أن لا يكون غير القرآن حجة ويكون قوله تعالى إلا في كتاب مبين كالتكرار لقوله الا يعلمه الله { وقوله عم } لم يزل أم بنيإسرائيل مستقيما حتى كثرت أولاد السبايا { فقاسوا ما لم يكن بما قد كان } أي ما لم يوجد من الأحكام بما وجد { فضلوا وأضلوا } وهذا يدل على أن القياس لا يجوز لأدائه إلى الضلال والاضلال { ولان العمل بالأصل } وهو الاباحة والبراءة الأصلية { ممكن ود دعينا إليه } أي العمل بالأصل { قال تعالى قل لا أجد فيما أوحي إلي مخرما علىطاعم يطعمه الاية فكل مطعوم لايوجد فيما أوحي إليه عم متاوأكان أو غير متاو محرما باق على الاباحة الأصليه وفيه إرشاد إلى العمل بالأصل فيما لا نص فيه من قبل الشارع { ولأن الحكم حق الشارع وهو قادر على البيان بالقطعي فلم يجز اثباته بما فيه شبهة } وهو القياس وأما الإجماع فلاشبهة فيه وكذا خبر الواحد فإنه قطعي في الأصل وإنما تمكنت الشبهة في طريق الاتصال إلينا { وهو } أي إثبات الحكم تصرف في حقه تعالى } فلا يجوز وأما حقوق العباد فيجوز أن يثبت بما فيه شبهة كالشهادات لعجزهم عن الاثبات بقطعي { ولانه } أي الحكم الشرعي والمراد به ههنا المحكوم به { طاعة الله تعالى ولا مدخل للعقل في دركها كالمقدرات } من أعداد الركعات وسائر المقادير الشرعية التي لا مدخل للراي فيها { بخلاف أمر الحرب وقيم المتلفات ونحوهما } جواب عن سؤال مقدر وهو أن هذه الأشياء يصح فيه القياس والعمل بارأي إتفاقا فصح ثبوت بعض الاحكام بالقياس فأجاب بالفرق المذكور بقوله { فإن العمل بالأصل لا يمكن وهي من حقوق العباد وهي يدرك بالحس أو العقل } وإنما يمتنع العمل بالقياس فيما يمكن العمل بالأصل ويكون من حقوق الله تعالى ولا يكون مدركا بالحس ولا بالعقل إذ لوادرك به صار قطعيا { وكذا أمر القبلة } يدرك بالحس أو العقل أما بالسفر أو بمجازاة الكواكب أو نحوهما { والاعتبار } المستفاد من قوله تعالى فاعتبروا { محمول على الاتعاظ بالقرون الحالية } يدل عليه سياق الكلام فلا يدل على كون القياس حجة { وقوله تعالى وشاورهم في الأمر محمول على الحرب } ويجوز القياس فيه بالاتفاق { ولنا قوله تعالى واعتبروا يا أولي الأبصار واغتبار رد الشيء إلى نظيره } بأن يحكم عليه بحكمه { والعبرة لعموم اللفظ } لا لخصوص السبب الوارد هذا الخطاب فيه فإنه يسمى الأصل الذي يرد غليه النظائر عبرة وهذا يشضمل الاتعاظ والقياس العقلي والشرعي ولا شك أن سوق الاية للاتعاظ { فيدل على الاتعاظ وعلى القياس إشارة سلمنا أن الاعتبار هو الاتعاظ ولا شمول له القياس لغة فلا ثبوت له إشارة { ولكن يثبت القياس دلالة وطريقها } في هذه الصورة { أن في النص ذكر الله تعالى هلاك قوم بناء على سبب وهو اغترارهم بالقوة والشوكت ثم أمر بالاعتبار ليكب عن مثل ذلك السبب لئلا يترتب عليه مثل ذلك الجزاء } ولما أجخل فاء التعليل على قوله فاعتبروا جعل القضية المذكورة قبل الأمر بالاتعاظ علة لوجوب الاتعاظ وإنما تكون علة له باعتبار قضية كلية أشار إليها بقوله { فالحاصل أن العلم بالعلة يوجب العلم بحكمها فكذا العلم بالعلة يوجب اللعم بحكمها في الأحكام الشرعية من غير تفاوت وهذا المعنى يفهم منه } أي من النص المذكور { من غير اجتهاد فيكون دلالة نص لا قياسا فلا يلزم اثبات القياس بالقياس } ودللالة النص مقبولة بلا خلاف وإنما الخلاف في القياس الذي تعرف فيه العلة بالانستنباط والاجدتهاد { ونظيره } أي نظير القياس اراد به أن يبين كيفية الاعتبار في القياس وكيفية استنباط العلة { قوله عم الحنطة بالحنطة بالنصب } أي بيعوا الحنطة { ولما كان الأمر للإيجاب والبيع مباح يصرف } الايجاب { إلى قوله مثلا بمثل } كما يصرف في قوله تعالى فرهان مقبوضة على القبض حتى يصير شرطا للرهن أي المر منصرف إلى رعاية الوصف وهي واجبة كأنه قيل إذا بعتم الحنطة فراعوا المماثلة وإذا اخذتم الرهن فاقبضوا { فيكون هذه الحال شرطا والمراج بالمثل المساوي في القدر المتحد في الجنس وقدر الشيء مبلغه لأنه روي أيضا كيلا بكيل ثم قال والفضشل ربوا أي الفضل على القدر لأنه فضل حال عن العوض فحكم النص وجوب المساواة ثم الحرمة بناء على قوتها } أي فوت المساواة { والداعي إلى هذا الحكم القدر والجنس إذ بها يثبت المساواة صورة ومعنى فإذا ودنا هذه العلة في سائر المكيلات والموزونات اعتبرناها بالحنطة والذهبوأيضا ديث معاذ رضيه } عطف على قوله فاعتبروا وهو أن النبي عم لما بعث معاذا إلى اليمن قال بمتقتضي قال بما في كتاب الله تعالى قال فإن لم تجد في كتاب الله تعالى قال اقضي بما قضى به رسول الله عم قال فإن لم تجد ما قضى به رسول الله قال اجتهد برأي فقال عم الحمد لله الذي وفقرسول رسوله بما يرضى به رسوله وجواز ذلك لمعاذ رضيه إنما كان باعتبار اجتهاده فثبت في غيره دلالةوالحديث المذكور من المشاهير التي ثبت بها الاصول { وقد روينا ما هو قياس عن النبي عم } في آخر ركن السنة وهو قوله عم أرأيت لو كان على ابيك دين وحديث قبلة الصائم إنما ذكره على وجه التاييد دون الاستقلال في الاستدلال لأن المروي عنه عم فيه لم يبلغ حد التواتر وليس بمنزلة ما روى في شجاعة علي رضيه وجود خاتم { وعمل الصحابة به } أي القياس { ومناظرتهم فيه اشهر من أن يخفى } إلا أنه لم يبلغ حد الإجماع بل نقل عن بعضهم ما يشعر بالخلاف فيه فذلك لم يجعله دليلا مستقلا ثم شرع في الجواب عن الدلائل المذكورة على نفي القياس فقال { ويكون الكتاب تبيانا بمعناه لأن التبيان يتعلق بالمعنى والبيان باللفظ } والثابت بالقياس ثابت بمعنى النص دالا على حكم المقيس بطريق التبيان وهذا لا ينافي كون القياس مظهرا { وأما قوله تعالى ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين فكل شيء يكون في الكتاب بعضه لفظا وبعضه معنا } والحكم في المقيس من قبيل الثاني { وفي ذلك } أي في العمل بالقياس تعظيم شأن الكتاب } والعمل به لفظا ومعنى حيث اعتبر نظمه في المقيس عليه ومعناه في المقيس وأما منكر والقياس فإنهم عملوا بنظم الكتاب فقط وأعرضوا عن اعتبار فحواه وإنكاره عليه السلام لقياس بني إسرائيل بناء على جهلهم وتعصبهم لا يقدح في قياسنا والتمسك بالأصل أي بالاستصحاب لا يحدي في الاثبات } إنما قال في الاثبات لأنه يجدي في الرفع فإنه حجة فيه فأنا نقطع بكثير من الأحكام كوجود مكة وعدم بحر من ذيبق مع أنه لا دليل عليه إلا أن الأصل في الموجود هو الوجود حتى يظهر دليل العدم { وقل لا أجد ليس أمرا به } أي التمسك بالأصل { بل هو أمر بالتمسك بالنص وهو } قوله تعالى خلق لكم ما في الأرض جميعا فكل ما لم يوجد حرمته يكون حلالا بقوله تعالى خلق لكم قوله { والظن كاف للعمل } جواب فلم يجز إثباته بما فيه شبهة { وهو تصرف في حقه تعالى بإذنه ولا يعمل به } أي بالقياس { فيما لا يدرك بالعقل } جواب عن قوله ولا مدخل للعقل في دركها { فصل } { شروطه } أي شرط القياس وله شروط أربعة { أن لا يكون حكم الأصل } أي المقيس عليه { مخصوصا به } أي بالأصل { بنص } دال على الاختصاص هذا هو الشرط الأول { كشهادة خزيمة رضيه والاحكام المخصوصة بالنبي عليه السلام كتحليلتسع نسوة وإن لا يكون } أي حكم الأ صل { معدولا عن القياس } هذا هو الشرط الثاني { وهو } أي العدول عن القياس { ،إما بأن لا يدركه } أي حكم الأصل { العقل } أي لا يدرك علته وحكمته { كأعداد الركعات أو يكون حكم الأصل مستثنى عن سنة } أي عن طريقة المسلوكة { كا كل الناس فإنه ينافي ركن الصوم } ومستثنى عن سنن القياس وهو تحقق الفطر من كل ما دخل في الجوف وإذا كان مستثنى عن سنته لا يصح القياس عليه فلا يصسح قياس الأكل خطأ على الأكل ناسيا ولم يثبت عدم فساد الوقع ناسيا بالقياس على الاكل بل بدلالة النص للعلم بأن بقاء صوم الناسي في الاكل إنما كان باعتبار أنه غير جان لا باعتبار خصوصية الأكل { وكتقوم المنافع في الإجارة } فإنه ايضا مستثنى عن سنن القياس { لأنه } التقوم { يعتمد الإحراز وهو يعتمد البقاء ولا بقاء للمنافع } والقياس عدم تقوم المعدوم لكن ثبت في الإجارة بالنص فلا يقاس تقومها في الغصب على تقومها في الإدجارة وجعل فخر الاسلام هذا القسم من أمثلة كون الأصل مخصوصا بحكمه وهو ايضا مستقيم بل الشرط الثاني مغني عن الأول في التحقيق لكونه من أقسامه على ما ذكره الآمدي { وأن يكون الحكم المعدى حكما شرعيا } لأنه المقصود من القياس الشرعي وهذا الشرط الثالث مشتمل على قيود ذكرها بقوله { ثانيا بأحد الاصول الثلاثة } أي الكتباب والسنة والإجماع بالقياس لأنه إن اتحدت العلة في القياسين فذكر الواسطة ضايع وإلا بطل أحدهما لا بتنائه على غير العلة التي اعتبرها الشرع { من تغيير } أي تغيير في الفرع حم الاصل من الإطلاق والتقييد وغير ذلك { إلى فرع } متعلق بمحذوف أي وأن يكون المعدى حكما موصوفا بما ذكر معدي إلى فرع { هو نظيره } أي نظير الأصل { ولا نص فيه } أي في الفرع والمراد نص قطعي يفسد به { باب الاجتهاد } دال الحكم المعدى أو عدمه لا مطلق النص { فلا يثبت اللغة بالقياس } تفريع على قوله حكما شرعيا ولا شبهة في صحته لما مر في بحث الحقيقة والمجاز ولكن لا وجه لتغريمه على ما ذكر لأن اشتراط كون الحكم شرعيا في القياس الشرعي لا بي مطلق القياس إذ لا صحة له وذلك ظاهر { كالخمر وضع لشراب مخصوص والمجامرة فلا يطلق على سائر إلا شربة لأنه إن أطلق عليه مجازا فلا نزاع فيه } أي في جواز ذلك عند وجود العلاقة { لكن لا يحمل } لفظ الخمر عليه { مع إرادة الحقيقة } لعدم جواز الجمع بين المعنى الحقيقي والمجازي في لفظ واحد بحسب استعمال واحد { إلا إذا أريد عموم المجاز وإن أطلق حقيقة فلا بد من وضع العرب } ولا وضع هنا { وكذا الزنا واللواطة } وأما إلحاق اللئط بالزاني في غيجاب الحد عندهما فإنما هو بدلالة النفس وكذا غيجاب الحد بغير الخمر من السمكرات { ولا يقال الذمي أهل للطلاق فيكون للظهار كالمسلم } تفريع على قوله من غير تغيير { لأن الحكم في الأصل } وهو المسلم { حرمة تنتهي بالكفارة وفي الذمي حرمة لا ينتهي بها لعدم صحة الكفارة عنه لعدم أهلية لها } وإنما يثبت الحرمة في بيع المقلي بغيره وبيع الدقيق بالحنطة مع أن حرمتها لا تنتهي بالكيل لأن بطلان الانتهاء بالكيل إنما حصل من فعل العبد وهو القلي والطحن لا بإثبات الشرع فإن الشرع إنما اثتها مشاهية بالمساواة كيلا قبل القلي والطحن { وكذا تعليل الربا بالطعم فإنه يوجب في العدديات حرمة مطلقة وهي في الأصل } وهو الحنطة والشعير والتمر والملح والذهب والفضة { مقيدة بعدم التساوي } ولا يمكن رعاية التساوي في العدديات لأنه في الأصل إنما هو بالكيل أو الوزن وهي ليست بمكيله ولا موزنةة والتساوي في العدد غير معتبر شرعا { ولا يصح قياس الخطأ علىالنسيان في عدم الإفطار } تفريع على قوله إلى فرع هو نظيره { لأنه ليس نظيره لأن عذره دون عد النسيان } لأن النسيان أمر جبل الإنسان عليه بخلاف الخطأ فإنه يمكن الاحتراز عنه بالتثبت والاحتياط { ولا يصح إن كان في الفرع نص تفريع على قوله ولا نص فيه { قطعي دلالة } إنما قيد به لأن النص الظني دلالة يخص ويأول بالقياس { مقبول رواية } إنما قيد به لما لما مر أن القياس يقدم على خبر الواحد إذا كان في رواية قصور بأن كان الراوي غير عدل أو غير معروف بالفقه { لأنه لا سماغ للإجتهاد } وأما ما قيل لأنه إن كان موافقا للنص فلا حاجة إليه وإن كان مخالفا يبطل فمردود أما أو لا فلان الكلام في عدم الصحة وعدم الحاجة لا ستلزم عدم صحته وأما ثانيا فلأنه لو صح ما ذكر في إبطال الشق الأول لزم عدم صحة الإجماع على ما فيه نص قطعي واللازم فاسد وأما ثالثا فلأن كتب الفقه مشحونة بالجمع بين الاستدلال بالقياس في مسألة واحدة { وأن لا يغير } أي القياس { تحم النص المقدم عليه } أي حكم النص الذي يجب تقديمه على القياس عند التعارض وهذا هو الشرط الرابع { فلا يصح شرطية التمليك في طعام الكفارة قياسا على الكسوة لأنه بغير حكمه } قوله تعالى فكفارته إطعام عشرة مساكين فإن الاإطعام جعل الغير طاعما سواء كان على وجه الإباحة أو التمليك فاشتراط الثاني تغيير لحكم الإطلاق الثابت بالنص { وكذا شرط الإيمان في كفارة اليمين } قياسا على كفارة القتل { بخلاف إطلاق النص } لأن موجبه أجزاء الرقبة الكافرة { وكذا السلم الحال قياسا على المؤجل يخالف } قوله عم من أراد منكم أن يسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم { إلى أجل معلوم } فإنه يدل على اعتبار الاجل في السلم { وأيضا لم يعده } أي لم يعد الشافعي الحكم إلى الفرع كما هو في الاصل بل عدى بنوع تغيير وقد بين في الشرط الثالث بطلان ذلك { إذ في الاصل } وهو السلم المؤجل { جعل الأجل خلفا عن وجود المعقود عليه } وذلك لأن محل البيع يجب أن يكون مملوكا مقدور التسليم والمسلم فيه ليس كذلك لكونه غير موجود فرخص الشرع فيه بإقامة سبب القدرة على التسليم وهو الأجل مقام حقيقة القدرة وجعله خلف عنها ليمكن تحصيله فيه أي في الاجل { وهنا } في قياس السلم الحال على السلم المؤجل { أسقطه } إذ ليس فيه جعل الأجل خلفا عن وجود المسلم فيه وعن القدرة عليه ففيه تغيير لهذا { فإن قيل أنتمخ غيرتم أيضا قوله عم لا تبيعوا الطعام بالطعام الا سواء بسواء فإنه يعم القليل والكثير فخصصتم القليل } من هذا النص وجوز تم بيع القليل بالقليل مع عدم التساوي { بالتعليل بالقدر } أي قلتم إن علة الربا أهي القدر أو والجنس والقدر وهو الكيل في المكيلات غير موجود في بيع الخفنة بالخفنتين فلا يجري فيه الربا فهذا التعليل مغير للنص { وكذا غير تم النص في دفع القيم في الزكاة } وهو قوله عم في خمس من الابل السائمة شاة وغيره مما يدل على دفع عين ذلك الشيء دون القيمة { و} كذا غيرتم النص الدال على صرف الزكاة إلى جميع الأصناف وهو قوله تعالى إنما الصدقات الآية { في صرفها } أي صرف الزكاة { إلى صنف واحد بالتعليل بالحاجة } راجع إلى الصورتين أي قلتم إن العلة وجوب دفع حاجة الفقير وهذا المعنى موجود في دفع القيم بل أكمل لأن الدراهم والدنانير ىلة لتحصيل جميع ما يحتاج إليه وبعين الواجب إنما يندفع الحاجة الواجدة والفقير ربما لا يحتاج إليه بل إلى غيره وقد قلتم أن عدا الأصنا لبيان مواقع الحاجة والعلة هي دفع الحاجة فيجوز الصرف إلى صنف واحج بل إلى واحد منه فبالتعليل بالحاجحة في الصورتين تغيير حكم النص { و} كذا غيرتم حكم النص الدال على التكبير وهو قوله تعالى وربك فكبر { في جواز غير لفظ تكبيرة الافتتاح } بالتعليل بأن المرد تعظيم الله تعالى فيجوز بأي لفظ كان فيه تعظيم نحو الله أجل { وكذ1 } غيرتم حكم النص وهو قوله عم حيته واقرصيه واغسليه بالماء { في إزالة الخبث } بغير الماء { قلنا } في الجواب عن الأول { المراد } بالتسوية بالمشروطة بقوله عم الا سواء بسواء { ى التسوية المعتبرة شرعا وهي بالكيل } في المطعومات { فلا يعمم التعليل } وفي الجواب عن الثاني { وإنما كان } التعليل في دفع القيم { تغييرا } للنص الدال على وجوب عين الشاة مثلا { إذا كان الأصل } هو الشاة { واجبا للفقير لعينه وليس كذلك فإن الزكاة عبادة محضة لا حق للعباد فيها } وإنما هي حق الله تعالى فلا يجب للفقراء ابتداء { وإنما يصرف إليهم ابقاء لحقوقهم } وإنجاز العدة أرزاقهم بقوله تعالى الا على الله رزقها { وهي مختلفة } لا تندفع بنفس الشاة { فلا بد من جواز دفع القيم } لأن الحاجة إنما تندفع بمطلق المالية فلما أمر اله تعالى بالصرف إليهم مع أن حقهم في مطلق المالية دل ذلك على جواز الاستبدال وإلغاء اسم الشاة بدلالة النص لا بالتعليل فثبت هنا ثلاثة أحكام وجوب الشاة الثابت بعبارة النص وجواز الاستبدال الثابت بدلالته وكون الشاة الواجبة صالحة للصرف إلى الفقير الثابت بالنص الدال على وجوب الشاة وعللنا هذا الحكم بالحاجة ابي لحاجة الفقير إلى الشاة لتعدي الحكم إلى قيمتها وليس فيه تغيير النص أصلا بل التغيير في الحكم الاول وهو ثابت بالنص لا بالتعليل فصار تغيير النص مع التعليل لا بالتعليل والممتنع هو الثاني دون الاول في الجواب عن الثالث { وذكر الاصناف لعدم المصارف واللام للاختصاص } والدلالة على أن المصارف إنما هي هذه الاصناف لا غير بمعنى أنه لا يجوز الصرف إلى غيرهم وإنهم هم الصالحون للصرف إليهم سواء صرفت إليهم أم لا فالصرف إلى البعض لا يغير كون الكل مصارف { لا للتمليك } تى يلزم دفع ملك شخص إلى شخص آخر } ولو سلم فالمراد الجنس } لعدم إمكان إرادة الجمع لا لدخول اللام لأنه قد يدخل ولا يبطل الجمعية بل لانه يكون المعنى أن جميع الصدقات لجميع الفقراء والمساكين وهذا غير مراد إجماعا إذ ليس في وسع أحد أن يوزع جميع الصدقات لجميع الفقراء والمساكين بحيث لا يحرم واحد من الصنفين المذكورين وإذا كان المراد الجنس فالمعنى أن جنس الصدقة لجنس الفقير والمسكين من غير أن يراد الافراد فلا يجب التوزيع وفي الجواب عن الرابع { والتكبير لتعظيم الله تعالى } فكل لفظ فيه التعظيم يكون في معنى الله أكبر { فذكر لفظ آخر يكون في حكم المنصوص } ولا دخل للفرق الدقيق الذي يفهم بطريق الاشارة من بعض الأحاديث الالهية بين الكبرياء والعظمة في هذا المقام لأن المأمور به في قوله تعالى وربك فكبر التكبير بمعنى التعظيم اللغوي ا لمتعارف وفي الجواب عن الخامس { واستعمال الماء لازالة النجاسة } أي المقصود وهو الازالة لا الاستعمال بدليل جواز الاقتصار على قطع موضع النجاسة من الثوب أو إلقائه وكون الماء آلة صالحة للازالة حكم شرعي معلل بكونه مزيلا وكونه مزيلا يتضمن طهارة المحل وعدم تنجس الالة بالملاقات وإلا ما حصلت الازالة { فيجوز الازالة بكل ما يصلح لها } أي للازالة من المايعات ولما كان مظنة أن يقال الحكم بطهارة الماء بخاصية فيه إذ لو كان لازالته لوجب أن يشاركه في رفع الحدث جميع المايعات المزيلة تدارك دفعه بقوله { وإنما لا يزول الحدث سائر المايعات لكونه } أي لكون زوال الحدث بمعنى زوال الحدث بمعنى زوال المانع الشرعي { غير معقول في الأصل { وهو الماء إذ العضو طاهر لا يتنجس بشيء ومن شرط القياس كون المعنى الجامع معقولا } بخلاف الخبث فإن إزالته بالماء معقولة ولا يضر أن يلزمها أمر غير معقول دفعا للخرج { وهو } أي ذلك الأمر الغير المعقول { إن لا يتنجس كل ما يصل إليه } أي إلى الخبث بأول الملاقات وقوله لا يتنجس أي لنفي الشمول لا لشمول النفي { ولأن الماء مطهر طبعا } هذا تعليل لمعقولية إزالة الماء للخبث وذلك لفرط لطافته وقوة إزالته وسرعة نفوذه وسهولة خروجه { فيزول به كلاهما } أي الحدث والخبث جميعا { وغيره كالخل مثلا قالع يزول به الخبث } لابتنائه على الرفع والقلع { لا الحدث } لعدم معقوليته ثبوتا وزوالا { وأما الأشكال بأنه لما كان إزالة الحدث غير معقولة وجبت النية كالتيمم فيأتي حله في فصل المناقضة } ذكر فخر الاسلام أن الماء مطهر بطبعه ثم يحدث فيه معنى لا يعقل فلا يحتاج في صيرورةه مطهرا على النية بخلاف التراب فإنه ملوث إلا أن الشرع جعله مطهرا عند إرادة الصلاة فيفتقر إلى النية { فصل العلة } للحكم { قبل المعرف } أي ما يكون دالا على وجوب الحكم وقالوا العلل الشرعية كلها معرفات لأنها ليست بالحقيقة مؤثرة بل المؤثر هو الله تعالى { ويشكل بالعلامة } وهي ما يعرف به وجود الحكم من غير أن يتعلق به وجوده أو وجوبه كالاذان للصلاة والأخصان للرجم فيكون التعريف المذكور غير مانع لدخول العلامة فيه { وقيل العلة المؤثرة } والمؤثر ما به وجود الشيء كالشمس للضوء والنار للاحراق { وتأثيره في الحكم المصطلح } وهو الوجوب الحادث جواب عما قيل الحكم قديم فلا يؤثر فيه الحادث وتقريره ليس المراد إنه مؤثر في الايجاب القديم بل في الوجوب الحادث بمعنى أن الله تعالى رتب بالايجاب الوجوب على أمر حادث كالدلوك مثلا فالمراد بكونه مؤثرا أن الله تعالى حكم بوجوب ذلك الأثر بذلك الامر كالقصاص بالقتل بمعنى أن العقل يحكم بوجوب القصاص بمجرد القتل العمد العدوان من غير توقف على إيجاب من موجب وكذا في كل ما يتحقق أنه علة عندهم وإلا فكون الوقت موجدا لوجوب الصلاة والقتل لوجوب القصاص ونحو ذلك مما لا يقول به أحد { وقيل } العلة { الباعث } أي ما يكون باعثا للشارع على شرع الحكم كالقتل العمد فإنه باعث للشارع على شرع القصاص صيانة للنفوس { لا على سبيل الايجاب } احتراز عن مذهب المعتزلة فإن العلة توجب على الله تعالى شرع الحكم عندهم على ما عرف من مذهبهم أن الا صلتح للعباد واجب على الله تعالى ثم فسر الباعث المذكور بقوله { أي المشتمل على حكمة } أي مصلحة { مقصودة للشارع في شرعه الحكم } والمراد باشتماله عليها أن ترتيب الحكم على هذه العلة محصله للحكمة فإن العلة لوجوب القصاص وهو القتل العمد العدو أن لا يتصور اشتماله على الحكمة إلا بهذا المعنى ثم بين الحكمة بقوله { من جلب نفع } أي إلى العباد { أو دفع ضر عنهم } وهذا مبني على أن أفعال الله تعالى معللة بمصالح العباد كما هو جمهور مذهب ا ل محدثين وجمع من الفقهاء محتجين على ذلك بأن خلق الثقلين للعبادة وبعثة الانبياء لاهتداء الخلق وجواب المخالف أن العبادة والاهتداء غاية الخلق والبعثة وحكمتها واستعارة لام التعليل للعاقبة شائعة في كلام الله تعالى وح\ديث الرسول عم وحقيقة التعليل في افعاله تعالى تفضي الى القصور في فاعلية تعالى عن ذلك لما تقرر في موضعه أن العلة الغائية علة لفاعلية الفاعل لاجلها { وكون العلة هكذا يسمى مناسبة } فالوصف المناسب ما يجلب نفعا للعباد أو يدفع ضررا عنهم وقال الامام أبو زيد المناسب ما لو عرض على العقول تلقته بالقبول ثم أن المناسب إما حقيقي وإما اقناعي فالحقيقي إما لمصلح د=ينية كرياضة النفس وتهذيب الاخلاق فالوصف المناسب كالدلوك وشهود الشهر والحكم وجوب الصلاة والصوم والحكمة رياضة النفس وقهرها أو دنيوية وهي أما ضرورية وهي خمسة حفظ النفس والمال والنسب والدين والعقل فهذه الخمسة هي الحكمة والمصلحة في شرعية القصاص والضمان وحد الزنا والجهاد وحرمة المسكرات والوصف المناسب هو القتل العمد العدوان والسرقة والخصب مثلا والزنا وخربية الكافر والاسكار وأما محتاج إليها لا ضرورية كما في تزويج الصغير فالوصف المناسب هو الصغر والحكم شرعية التزويج والحكمة والمصلحة كون المولية تحت الكفو وهذه المصلحة ليست ضرورية لكنها في محل الحاجة لأنه يمكن أن يفوت الكفو لا على بدل وأما إن لا تكون ضرورية ولا محتاجا إليها بل للتحسين كحرمة القاذورات فإنها حرمت لنجاستها وعلو منصب الادمي فلا يحسين تناولها واقناعي ما يتوهم أنه مناسب ثم إذا تؤمل يظهر خلافه كنجاسة الخمر لبطلان بيعها فمن حيث أنها نجسة يناسب الازلال والبيع يقتضيالاعزاز لكن معنى النجاسة كونا مانعة من صحة الصلاة وهذا لا يناسب بطلان البيع { والحكمة المجردة عن الضبط لا تعتبر في كل فرد لخفائها } كالرضى في التجارة فإنه غير ظاهر فيضبط الحكم بصيغ العقود لكونها ظاهرة منضبطة { وعدم انضباتها } كالمشقة فإن لها مراتب لا تحصى وتختلف بالاحوال والاشخاص { بل } يعتبر في الجنس ليضاف الحكم إلى وصف ظاهر منضبط { يدور } الوصف { معها } أي مع الحكمة { أو يغلب وجودها } أي ودود الحكمة { عنده } أي عند الوصف ومراده أن يكون ترتب الحكم على الوصف محصلا للحكمة دايما أو في الاغلب { كالسفر مع المشقة } فالحكمة هنا دفع الضرورة وهو إنما يتحقق الاوان تكون المشقة موجودة وهي غالبة في السفر فترتب الحكم وهو الرخص على الوصف وهو السفر يكون محصلا للحكمة التي دفع الضرر في الغالب { وهنا ابحاث الاول الأصل في النصوص عدم التعليل عند البعض إلا بدليل } يدل على التعليل كقوله عم الهرة ليست بنجس لأنها من الطوافين عليكم والطوافات فتعليله عم دل على أن هذا النص معلل وإن عدم نجاستها لعلة الطواف { لأن النص موجب للحكم بصيغته لا بعلته } إذ العلل الشرعية ليست مدلولات النص وبالتعليل ينتقل الحكم من الصيغة إلى العلة التي هي من الصيغة بمنزلة المجاز من الحقيقة فلا يصار إليه إلا بدليل { ولأن التعليل بكل الأوصاف محال } لأن المقصود هو التعدية ويمتنع وجود جميع أوصاف الأصل في الفرع ضرورة التغاير والتمايز في الجملة { و} التعليل { بالبعض محتمل } لأن كل وصف عينه المجتهد محتمل للعلية وعدمها والحكم لا يثبت بالاحتمال فلا بد من دليل يرجح البعض { وعند البعض هي } أي النصوص { معللة بكل وصف } لأن الأدلة قائمة على حجية القياس من غير تفرقة بين نص ونص فيكون التعليل هو الاصل { إلا بمانع } عن التعليل كمخالفة نص لا يجوز مخالفته أو إجماع أو معارضة أوصاف { لأن كل وصف صالح لهذا } أي للتعليل ولا يمكن التعليل بالكل ولا بالبعض دون البعض لما مر فتعين التعليل بكل وصف { والنص مظهر للحكم بصيغته } لا داع إليه { والعلة داعية } إلى الحكم وهذا جواب عن قوله أن النص موجب بصيغته لا بالعلة أي نعم النص موجب للحكم بصيغته بمعنى أنه مظهر بصيغته لا انه داع إنما الداعي إلى الحكم هو العلة { والتعليل لاثبات الحكم في الفرع } جواب آخر عن القبول المذكور أي نعم أن النص موجب للحكم بصيغته في الأصل لا في الفرع وإنما يوجبه فيه بسبب العلة ونحن إنما نعلل لاثبات الحكم في الفرع لا في الأصل { وعند الشافعي النصوص معللة لكن لا بد من دليل مميز للوصف } الذي هو علة { لأن بعض الأوصاف متعد { وعدمها } بالنظر إلى الوصف القاصر فتعين البعض الدال عليه الدليل وفيه نظر لانا لا نم أن التعليل القاصر يوجب عدم التعدية بل غياته أنه لا يوجب التعدية ولا يدل غلا على ثبوت الحكم في المنصوص فعلى تقدير التعليل بكل وصف يثبت التعدية بالمتعدي ويكون القاصر لتأكيد الثبوت في الأصل { وعندنا لا بد مع ذلك } أي ما قال الشافعي { من الدليل على أن هذا النص } الذي يراد استخراج علته { معلل في الجملة لاحتمال أن يكون من النصوص الغير ا لمعللة } والظاهر وهو أن الأصل في النصوص التعليل إنما يصلح للدفع لا للالزام فشرط ذلك لدفع هذا الاحتمال { نظيره } أي نظير الأصل المذكور { في حديث الربا أن قوله عم يدا بيد يوجبالتعيين } لأن اليد آلة التعيين كالاشارة والاحضار { وذلك } أي الوجوب { من باب الربا } أي من باب منعه والاحتراز عنه { أيضا } كوجوب المماثلة { لانه لما شرط } في مطلق البيع { تعيين أحد البدلين احترازا عن } بيع { الدين بالدين } فإنه عم نهى عن بيع الكالي بالكالي { شرط } تفي باب الصرف { تعيين البدل الاخر } احترازا عن شبهة الفضل { فإن للنقد مزية على النسبة } وقد وجدنا هذا الحكم متعديا { من بيع النقدين إلىغيره } جتى لا يجوز بيع الحنطة بعينها بشعير بغير عينه اج=ماعا وشرط الشافعي التقابض في بيع الطعام بالطعام فإذا وجدناه أي نص الربا { معللا في ربا النسبة فعلله في ربا الفضل أيضا لأنه أثبت منه } لأن حقيقة الشيء أولى بالثبوت من شبهته هذا ما قالوا وليس فيكلا مهم ما يوهم أن كل تعليل يتوقف على تعليل آخر حتى يتوهم لزوم التس او استغناء بعض التعليلات عن كون النص معللا وذلك لأن الدليل على كون النص معللا في الجملة قد يكون نصا أو إجماعا وقد يكون تعليلا وينتهي إلى نص او جماع دفعا للنس { الثاني } من الابحاث { يجوز أن تكون العلة وصفا لازما كالثمنية للزكاة في المضروب عندنا } فإن الذب والفضة خلقا ثمنا وهذا الوصف لا ينفك عنهما ومعنى كون الثمنية علة للزكاة أنها من جزئيات كون المال ناميا فيكون علة مؤثرة باعتبار أن الشارع اعتبر حنه في حكم وجوب الزكاة { حتى يجب الزكاة في الحلي وللربا عنده } أن يكون وصفا { عارضا كالكيل للربا } فإن الكيل ليس بلازم حسا للحنطة والشعير فإنهما قد يباعان { وزنا جليا وخفيا على ما يأتي } في فصل الاستحسان { واسما } أي اسم جنس { كقوله عم في المستحاضة أنه دم عرق انفجر وهذا } أي الدم { اسم مع وصف عارض } وهو الانفجار { و} أن يكون { حكما } شرعيا { كقوله عم } أرأيت لو كان على ابيك دين قاس النبي عم أجزاء الحج عن الأب على أجزاء قضاء دين العباد عن الأب والعلة كونها جينا وهو حكم شرعي لأن الدين لزوم حق في الذمة { وقولنا في المدبر أنه مملوك تعلق عتقه بمطلق موت المولى فلا يباع كام الولد } فإن فيه قياس عدم جواز بيع المدبر على عدم جواز بيع أم الولد والعلةم كونها مملوكين تعلق عنقهما بمطلق موت المولى وهذا حكم شرعي وإنما قال بمطلق احتراز عن المدبر المقيد كقوله إن مت في هذا المرض1 فأنت حر { ومركبا } من وصفين فصاعدا { كالكيل والجنس } فإن العلة مجموعهما { وغير مركب وهذا ظاهر } وأمثلته كثيرة { تومنصوصة وغير منصوصة } { لامسألة ولا يجوز التعليل بالعلة القاصرة عندنا } وعند الشافعي يجوز فإنه جعل علة الربا في الذهب والفضة الثمنية وهي مقتصرة عليهما غير متعدية عنهما إذ غير الحجرين لم يخلق ثمنا والخلاف فيما إذا كانت العلة متسنبطة أما إذا كانت منصوصة فيجوز عليها اتفاقا { لأن الحكم في الأصل ثابت بالنص سواء كان الأصل معقول المعنى أولا } وسواء علل أم لا { وإنما يجوز التعليل للاعتبار إذ ليس للعبد بيان لمية أحكام الله تعالى } فبقي بيان اللمية بالقاص3رة على الامتناع حتى يرد بها نص الشارع { وما قالوا أن فائدة التعليل لا تنحصر في هذا } أي في الاعتبار { وفائدته أن يصير الحكم أقرب على القبول } باعتبار بيان لميته { ليس بشيء إذ الفائدة الفقهية ليست إلا إثبات الحكم } وفيه نظر لأنه إن أريد بالفائدة الفقهية المسألة الفقهية فلا نم أن التعليل لا يكون الا لاجلها لجواز أن يكون لفائدة أخرى متعلقة بالشرع وإن أريد بها ما يكون له تعلق بالفقه ونسبته إليه فلا نم انحصارها في إثبات الحكم لجواز أن يكون سرعة الاذعان أي القبول وزيادة الاطمئنان بالاحكام والاطلاع على الحكمة في شرعيتها { فإن قيل التعدية موقوفة على التعليل فتوقفه عليها دور قلنا توقفه } أي توقف التعليل { على العلم بأن الوصف حاصل في الغير } أي في غير مورد النص لا على التعدية واعلم أن كثيرا من العلماء قد تخيروا في هذه المسألة واستبعدوا مذهب ابي حنيفة رحمه فيها توهما منهم أن الحق أن يتفكروا ولا في استباط العلة أن العلة في الاصل ما هي فإذا حصل غلبة الظن بالعلة فإن كانت متعدية من الأصل أي حاصلة في غير صورة الأصل يتعدى الحكم وألا يقتصر على مورد النص أو مورد الاجماع اما توقف التعليل على التعدية أو على العلم بأن العلة حاصل في غير الأصل فلا معنى له فنقول هذهن المسألة مبنية على اشتراط التأثير عند ابي حنيفة وعلى الاكتفاء الاخالة عند الشافعي ومعنى التأثير اعتبار الشارع جنس الوصف أو نوعه في جنس الحكم أو نوعه ثابتا بأحد الادلة الثلاثة أو يترتب الحكم على وقفه فإن كان الوصف مقتصرا على مورد النص غير حاصل في صورة أخرى لا تحصل غلبة الظن بالعلة أصلا لأن نوع العلة أو جنسها لما لم يوجد في صورة أخرى لا يدري أن الشارع اعتبره أو لم يعتبره وعند الشافعي لما كان مجرد الاخالة كافيا يحصل الوقوف على العلية مع الاقتصار على مورد النص فحاصل الخلاف أنه إذا كان الوصف مقتصرا على مورد النص أو الاجماع يمتنع الوقوف بطريق الاستنباط على كونه على عندنا خلافا له فهذا الذي كرنا من مبنى الخلاف أفاد عدم صحبة التعليل بالوصف القاصر عندنا وصحته عنده وثمرة الخلاف أنه إذا وجد في مورد النص وصفان قاصر ومتعد وغلب على ظن المجتهد أن القاصر علة هل يمنع التعليل بالمتعدي أم لا فعنده يمنع وعندنا لا فإنه لا اعتبار لغلبة الظن بعلية الوصف القاصر فإنها مجرد وهم لا غلبة ظن فلا تعارض غلبة الظن بعلية الوصف المتعدي المؤثر كنا أن توهم أن الخصوصية الأصل تأثيرا في الحكم لا يمنع التعليل بالوصف المتعدي المؤثر فكذا هذا قيل إلا إا كان الوص3ف القاصر يثبت علية بالنص كقوله عم حرمت الخمر لعينها يث3بت عليته ويكون مانعا من علية وصف آخر وفيه نظر لأنه لا تزاحم في العلل فيجوز أن يثبت بالنص أو غيره للحكم علة قاصرة وأخرى متعدية ويتعدى الحكم باعتبار المتعدية دون القاصرة { مسألة } ولا يجوز التعليل بعلة اختلف في وجودها في الفرع أو في الأصل كقوله في الأخ أنه شخص يصح التكفير باعتاقه فلا يعتق إذا ملكه كابن العم فإنه إن أراد عتقه إذا ملكه لا يفيد } لأن هذا الوصف غير موجود في الأصل { وإن أراد إعتاقه بعد ما ملكه فلا نم ذلك في الفرع } فإنه يعتق بمجرد الملك { وكقوله إن تزوجت زينب فكذا تعليق فلا يصح بلا نكاح كما لو قال زينب التي أتزوجها طالق لانا نمنع وجود التعليق في الأصل } لأنه تنجيز فبطل الحاق التعليق به لعدم الجامع { أو ثبت } عطف على قوله اختلف { الحكم في الأصل بالاجماع مع الاختلاف في العلة كقوله في قتل الحر بالعبد عبد فلا يقتل به الحر كالمكاتب } الذي قتل وله مال بقي ببدل كتابته وله وارث غير سيده { فنقول العلة في الأصل جهالة المستحق { للقصاص من السيد والوارث لا كونه عبدا } { مسألة ولا يجوز التعليل بوصف } الباء بمعنى المصاحبة وليست صلة للتعليل لعدم صحة المعنى { يقع به الفرق } بين الاصل والفرع { كقوله مكاتب فلا يصح التكفير باعتاقه كما إذا أدى بعض البدل فنقول أداء بعض البدل عوض مانع } من جواز التكفير وهو موجود في الأصل دون الفرع { الثالث يعرف العلة بأمور أولها النص إما صريحا } وهو ما دل بوضعه على العلية { كقوله تعالى لكيلا يكون دولة بين الأغنياء } يقال صار الغي دولة بينهم يتداولونه بأن يكون مرة لهذا ومرة لذاك { وقوله تعالى لدلوك الشمس وقوله تعالى فبما رحمة من الله لنت لهم } وغيرها من ألفاظ التعليل نحو بكذا أو لكذا { أو إيماء } وهو ما يلزم من مدلول اللفظ { بأن يترتب الحكم على الوصف } في كلام الشارع { بالفاء في أيهما كان } الفاء من الحكم والوصف ففي الحكم { نحو السارق والسارقة فاقطعوا } وفي الوصف { نحو قوله عم لا تقربوه طيبا فإنه يحشر يوم القيامة ملبيا والحق أن هذا صريح } لأن الفاء في مثل هذه الصورة للتعليل فصار كاللام فمعناه لأنه يحشر { وكذا الفاء } الداخلة على الحكم والوصف { في لفظ الراوي نحو زنى ماعز فرجم } وهذا دون الأول لاحتمال الغلط إلا أنه لا ينفي الظهور { أو يترتب الحكم على المشتق نحو أكرم العالم } فإنه يفهم منه أن الاكرام للعلم { أو يقع جوابا نحو واقعت امرأتي في نهرا رمضان فقال عليه السلام أعتق رقبة } كأنه قال واقعت فاعتق { أو يكون بحيث لو لم يكن علة لم يفد نحو انها من الطوافين والحق أن هذا صريح } إذ كلمة أن إذا وقعت بين الجملتين يكون تعليل الأولى بالثانية كقوله تعالى وما ابرىء نفسي أن النفس لأمارة بالسوء ونظائره كثيرة قال الشيخ عبد القاهر أن في هذه المواضع تقع موقع الفاء وتغنى غناءها وجعلها بعضهم من قبيل الايماء نظرا إلى أنهاغ لم توضع للتعليل وإنما وقعت في هذه المواضع لتقوية الجملة التي يطلبها المخاطب ويتردد فيها ويسأل عنها ودلالة الجواب على العلية إيماء لا صريح { ونحو قوله عم أرأيت لو كان على أبيك دين الحديث أو يفرق في الحكم بين الشئين بحسب وصف نحو للفارس سهمان وللراجل سهم } فإنه فرق في الحكم بين الفارس والراجل بتحسب وصف الفروسية وضدها { مع ذكرهما } أي مع ذكر الحكمين المفهوم من الفرق بين الشيئين في الحكم أو مع ذكر الشيئين { أو مع ذكر أحدهما } أي أحد الحكمين أو أحد الشيئين { نحو القاتل لا يرث } فإن تخصيص القاتل بالمنع من الارث مع سابقة الارث ليشعر بأن علة المنع القتل { أو يفرق بينهما بطريق الاستثناء نحو غلا أن يعفون } فالعفو يكون علة لسقوط المفروض { أو بطريق الغاية نحو حتى يطهرن أو بطريق الشرط نحو مثلا بمثل فإن اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم } فاختلاف الجنس يكون علة لجواز البيع { واعلم أن النص يدل على ترتب الحكم على تلك القضية في واقعت امرأتي ونحوها ل على كونها مناطا للحكم فإنه يمكن أن يكون المناط هتك حرمة الصوم } الذي اشتمل عليه الموافقة { وايضا الغاية والاستثناء لا يدلان على العلية } لكن لا يرد هذا على المتمسكين بمسلك الايماء لأنهم لا يدعون أنه يدل على العلية قطعا حتى يكون احتمال أن يكون العلة شيئا آخر قادحا في تمسكه وإنما يدعي فيه الظن وظهور العلية دفعا للاستبعاد والغاية والاستثناء وغيرهما سواء في ذلك { لكن بعض تلك العلل لا يمكن بها القياس أصلا نحو السارق والسارقة لأن السرقة إن كانت علة فكما وجدت يثبت انقطع نصا لا قياسا وكذا في زنى ماعز ونحوه فاستخرجه وإن سلم العلية في هذه المواضع اعلم أن التعليل بالعلة القاصرة التي لا يمكن بها القياس جائز اتفاقا في المنصوصة أي التي يدل عليها النص صريحا أو إيماء مثل اثم الصلاة لدلوك الشمس والسارق والسارقة فاقطعوا والقاتل لا يرق وللفارس مهمان فمقصودهم بيان وجوه دلالاة النص على العلية سواء أمكن بها القياس أو لم يمكن { وثانيها الاجماع كاجماعهم على أن الصغر علة لثبوت الولاية عليه } أي على الصغير في المال { وثالثها المناسبة وشرطها الملايمة } فهي شرط زائد على المناسبة فلا بد أن يفسرها بما يغايرها ويكون أخص منها { وهي أن يكون على وفق العهلل الشرعية } بأن يصح إضافة الحكم إليه ولا يكون نايبا عنه كإضافة ثبوت الفرق في إسلام أحد الزوجين إلى أباء الآخر عن الاسلام لأنه يناسبه لا إلى وصف الاسلام لأنه ناب عنه لأن الاسلام لعصمة الحقوق لا لقطعها { والملائم كالصغر فإنه لثبوت الولاية عليه لما فيه من العجز وهذا يوافق تعليل الرسول عم لطهارة سؤر الهرة بالطواف لما فيه من الضرورة } فإن العلة في الصورة الأولى العجز وفي الثانية الطواف وهما وإن اختلفا لكنهما مندرجان تحت جنس واحد وهو الضرورة والحكم في الصورة الأولى الولاية وفي الأخرى الطهارة وهما مختلان ومندرجان تحت جنس وهو الحكم الذي يندفع به الضرورة فالحاصل أن الشرع اعتبر الضرورة في اثبات حكم يندفع به الضرورة أي اعتبر الضرورة في الرخص { وكما يقال قليل النبيذ يحرم كقليل الخمر والعلة أن قليله يدعوا إلى كثيره والشرع اعتبر جنس هذا في الحلوة مع الجماع } في إقامة السبب الداعي مقام المدعو { وكذا حمل حد الشرب على حد القذف } قال علي رضيه في حد الشرب إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا افترى وحد المفتري ثمانون { وإذا وجد الملائمة صح العمل ولا يجب عندنا بل يجب إذا كانت } الملائمة { مؤثرة فالملائمة كأهلية الشهادة والتأثير كالعدالة وعند بعد الشافعية يجب العمل بالملايم بشرط شهادة الأصل } وهي أن يكون للحكم أصل مبين من نوعه يوجد فيه جنس الوصف أو نوعه { وعند البعض بمجرد كونه مخبلا } أي يقع في الخاطر أن هذا الوصف على لذلك الحكم { وهذا } أي المذكور من الأوصاف التي يعرف عليها بمجرد الاخالة { يسمى بالمصالح المرسلة ويقبل عند الغزالي } الوصف المرسل نوعان نوع لا يقبل اتفاقا وهو الذي اعتبر الشرع جنسه إلا بعد وهو كونه متضمنا لمصلحة في إثبات الحكم ونوع يقبل عند الغزالي وهو الذي اعتبر الشرع جنسه البعيد { إذا كانت لمصلحة ضرورية } لا حاجية { قطعية } لا ظنية { كلية } لا جزئية { كتترس الكفار بأسارى المسلمين } فإنه لم يوجد اعتبار الشرع الجنس القريب لهذا الوصف في الجنس القريب لهذا الحكم إذ لم يعهد في الشرع غباحة قتل المسلم بغير حق لكن وجد اعتبار الضرورة في الرخص في استباحة المحرمات فاعتبرها الجنس البعيد والشروط الثلاثة حاصلة فيه لانا نعلم أنا إن تركناهم استولوا على المسلمين وقتلوهم ولو رمينا الترس تخلص أكثر المسلمين فيكون المصلحة ضرورية لأن صيانة الدين وصيانة نفوس عامة المسلمين داعية إلى جواز الرمي إلى الترس ويكون قطعية لأن حصول هذه المصلحة يرمي الترس قطعي ويكون كلية لأن استخلاص عامة المسلمين مصلحة كليةفخرج بقيد الضرورة ما لو تترس الكفار في قلعة بمسلم لا يحل رمي الترس وبالقطعية ما لم يعلم تسلطهم إن تركنا الرمي وبالكلية ما إذا لم يكن المصلحة كلية كالقاء بعض أهل السفينة لنجاة البعض { والتأثير عندنا أن يثبت بنص أو إجماع اعتبار نوعه } أي نوع الوصف { أو جنسه في نوعه } أي نوع الحكم { أو جنسه فالمراد بالجنس هذا الجنس القريب } ليتميز عن الملايم وبالوصف ما يجعل علة وبالحكم ما هو المطلوب بالقياس { كالسكر في الحرمة } هذا نظير اعتبار النوع في النوع وفيه نظر لأن السكر من قبيل المركب وكذا الصغر { وكقوله عم أرأيت تمضمضت الحديث } هذا نظير اعتبار الجنس في النوع { فإن للجنس وهو عدم دخول شيء اعتبارا في عدم فساد الصوم وكقياس الولاية على النيب الصغيرة على الكبر الصغيرة بالصغر } نظير اعتبار النوع في الجنس { ولنوعه اعتبار في جنس الولاية لثبوتها في المال على النيب الصغيرة وكطهارة سؤر الهرة } نظير اعتبار الجنس في الجنس { فإن لجنس الضرورة اعتبارا في جنس التخفيف وقد يتركب بعض الاربعة } وهي الأقسام المذكورة { مع بعض فاستخرجه } كالصغر مثلا فإن لنوعه اعتبارا في جنس الولاية ولجنسه اعتبارا في جنسها فإن جنسه العجز والولاية ثابتة على العاجز كالمجنون وقس عليه الباقي والمركب ينقسم بالتقسيم العقلي أحد عشر قسما واحد منها مركب من الاربعة وأربعة منها مركبة من ثلاثة وستة منها من إثنين ولا شك أن المركب من الاربعة أقوى الجميع ثم المركب من ثلاثة ثم من اثنين ثم ما لا يكون مركبا كذا قيل وفيه نظر لأن اعتبار النوع في النوع أقوى الكل لكونه بمنزلة النص حتى يكاد يقر به منكر القياس إذ لا فرق بين المقيس والمقيس عليه إلا بتعدد المحل فالمركب من غيره لا يكون أقوى منه { وقد سمى البعض } من الشافعين { أول الأربعة غريبا والثلاثة } الباقية { ملايمة ثم لا يخلوا الحكم } بعد التعليل { من أن يكون له أصل معين من نوعه يوجد فيه جنس الوصف أو نوعه } ليس في الكلام حذف { لاويسمى شهادة الأصل وهي } أي شهادة الأصل { أعم من أولى الأربعة مطلقا } وهما اعتبار نوع الوصف في نوع الحكم واعتبار جنس الوصف في نوع الحكم وذلك لأنه كلما وجد اعتبار نوع الوصف أو جنسه في نوع الحكم فقد وجد للحكم أصل معين من نوعه يوجد فيه جنس الوصف أو نوعه من غير عكس لأنه لا يلزم أنه كلما وجد له أصل معين يوجد فيه جنس الوصف أو نوعه فقد وجد اعتبار نوع الوصف أو جنسه فينوع الحكم { وبينها وبين اخير الأربعة } وهما اعتبار نوع الوصف في جنس الحكم واعتبار جنس الوصف في جنس الحكم { عموم وخصوص من وجه } أي قد يوجد شهادة الأصل بدون واحد من الآخرين وقد يوجد واحد منهما بدونها وقد يوجدان معا { فالتعليل بهما أي بالأخرين بدونها } أي بدون شهادة الأصل { حجة ومقبول ويسمى عند البعض تعليلا لا قياسا وعند البعض هو أيضا قياسا } قال الامام السرخسي الاصح عندي أنه قياس على كل حال فإن مثل هذا الوصف يكون له أصل في الشرع لا محالة ولكن يستغني عن ذكره لوضوحه وربما لا يقع الاستغناء عنه فيذكر فعلى هذا لا يكون الخلاف في مجرد تسميته قياسا { وإن وجد شهادة الأصل بدون التأثير } أي في غير الأنواع الأربعة الدالة على التأثير لأنها أعم من الأولين مطلقا ومن الآخرين من وجه فيجوز وجودها بدونها وفيه نظر لأن جواز وجودها بدون كل واحد من الأربعة لا يستلزم جواز وجودها بدون المجموع فيجوز أن يكون أعم من الأولين باعتبار أ، يوجد في الآخرين وبالعكس فمجرد ذلك لا يلزم أن يوجد بدون التأثير { لا يكون حجة عندنا ويسمى غريبا أيضا } لعدم تأثيره وهو على نوعين أحدهما مقبول وهو الوصف الذي اعتبر نوعه في نوع الحكم على ما سبق من أن البعض يسمى أول الأربعة غريبا والثاني مردودتا وهو الوصف الذي يوجد جنسه أو نوعه في نوع ذلك الحكم لكن لا نعلم أن الشارع اعتبر هذا الوصف أو لا فإنه مردود إذا لم يكن ملايما أما إذا كان ملايما فيقبل { وإنما اعتبرنا التأثير } في العلة لوجوب العمل بالقياس { لأنه } أي لأن القياس { أمر شرعي فيعتبر فيه } أي في القياس { اعتبار الشارع } وهو أن يكون القياس بوصف اعتبره الشارع أو اعتبر جنسه وفيه نظر لأن كون القياس أمرا شرعيا لا يقتضي الا أن يكون له أصل في الشرع وأما لزوم أن يثبت بنص أو إجماع اعتبار الشارع نوع الوصف أو جنسه القريب في نوع الحكم أو جنسه القريب على ما سبق في تفسير التأثير فمم ولم لا يكفي حصول الظن بوجوه آخر من مسالك العلة { ولأن العلل المنقولة } عن الرسول عم وأصحابه رضيهم { ليست إلا مؤثرة } وفيه أيضا نظر لان التأثير المستفاد من العلل المنقولة إنما يدل على أن الاقيسة المنقولة كلها منية على علل معقولة مناسبة ولا نزاع في ذلك وإنما النزاع في التأثير بالتفسير المذكور ولا شك أن في كثير من الاقيسة المنقولة قد اعتبرت الاجناس البعيدة ولم يثبت اعتبار الوصف بنص أو إجماع بل بوجوه آخر والظاهر أن مرادهم في هذا ال مقام ما يقابل الطرد فمعناه أن يكون الوصف مناسبا ملايما لاضافة الحكم إليه سواء كان مؤثرا بالمعنى المذكور أو لا يتم الاستدلال { كقوله عم إنها من الطوافين وقوله عم في المستحاضة أنه دم انفجرت ولانفجار الدم من العرق وهو النجاسة تأثير في وجوب الطهارة في عدم كونه حيضا وفي كونه مرضا لازما فيكون له تأثير في التخفيف وكقوله عم أرأيت لو تمضمضت بماء الحديث وغيرها من اقيسة الرسول عم والصحابة رضيهم وعلى هذا قلنا مسح فلا يسن تثليثه كمسح الخف لأن كونها مسحا مؤثر في التخفيف حتى لا يستوعب محله وأما قوله ركن فيسن تثليثه كما في سائر الاكانات فغير معقول وكذا جعلنا الصغر علة للولاية بخلاف البكارة وأيضا قلنا صوم رمضان متعين فلا يجب التعيين وقد ظهر أثره { أي تأثير المتعين في عدم التعيين } وفي الودائع والمعصوب { وأن رد الوديعة والمنصوب عليه واجب ولا يجب عليه رد غيرها ولما كان هذا الرد متعينا لا يجب عليه تعيينه بأن يقول هذا الرد هو رد الوديعة فإن ردها مطلقا ينصرف إلى الواجب عليه وهو رد الوديعة } وفي النفل فإنه إذا نوى في غير رمضان صوما مطلقا ينصرف إلى النفل لتعينه ففي رمضان ينصرف إليه لتعينه { فإن فرض رمضان فيه } أي في رمضان { كالنفل في غيره } في التعيين { وبعض العلماء احتجوا } أي على العلية في القياس { بالتقسيم } والسير { وهو أن يقول العلة أما هذا أو هذا أو هذا والأخيران باطلان فتعين الول فإنه لم يكن حاصرا لا يقبل وإن كان حاصرا بأن يثبت عدم علية الغير } أي غير الأوصاف التي ردد فيها { بالاجماع مثلا } في عبارة مثلا اشارة إلى انه كما يجوز إثبات عدم علية الغير بالاجماع يجوز بالنص { بعد ما ثبت تعليل هذا النص يقبل كاجماعهم على أن علة الولاية أما الصفر أو البكارة فهذا إجماع على نفي ما عدهما وبتنقيح المناط } أي ما علق الشارع الحكم به وهو عطف على قوله بالاجماع { وهو أن يبين عدم علية الفارق } وهو الوصف الذي يوجد في الأصل دون الفرع { ليثبت علية المشترك وعلماؤنا } المتمسكون بالتقسيم { لم يتعرضوا بهذين } أي بإثبات التعليل في كل نص وإثبات الحصر بالاجماع أو النص { فإن على تقدير قبولهما يكون مرجعهما إلى النص أو الاجماع أو المناسبة وبالدوران } أي بدوران الحكم مع الوصف { وهو باطل عندنا ففسره بعضهم بأنه وجود الحكم في كل صور وجود الوصف ويسمى هذا طردا { وزاد بعضهم العدم } أي عدم الحكم { عند العدم } ويسمى طردا وعكسا { وشرط بعضهم قيام النص في الحالين } أي في حال وجود الوصف وحال عدمه { والحال أنه لا حكم له } أي للنص { مثاله قول عم لا يقضي القاضي وهو غضبان فإنه يحل له القضاء وهو غضبان عند فراغ القلب } يعني أن النص قائم في حال الغضب بدون شعل القلب مع عدم حكمه الذي هو حرمة القضاء { ولا يحل عند شغله بغير الغضب } نحو جوع وعطشمع عدم حكمه الذي هو إباحة القضاء عند عدم الغضب أما بطريق المفهوم أو بالاباحة الأصلية أو النصوص المطلقة في القضاء ويجعل من حكم النص المذكور مجازا لهم أي للقائشلين بثبوت العلية بالدوران { إن علل الشرع إمارات فلا حاجة إلى معنى يعقل قلنا نعم في حقه تعالى أما في حق العباد فإنم مبتلون بنسبة الأحكام إلى العلل كنسبة الملك إلى البيع والقصاص إلى القتل فإنه يجب القصاص مع أن المقتول ميت بأجله فلا بج من التمييز بين العلل والشرط } المساوية { والوجود عند الوجود } والعدم عند العدم { لا يدل على العلية لأنه قد يقع اتفاقا وقد يقع في العلامة ولا يشترط } الوجود عند الوجود { لها } أي للعلية { أيضا لأن التخلف } أي تخلف الحكم عن العلة { لا يقدح فيها } أي في العلية لأن تخلف الحكم عن العلة لمانع سايغ شائع { ثم العلة غين ذلك الوصف عند القائل بتخصيصها وذلك الوصف مع عدم المانع عند من لا يقول به } فحينئذ يكون الوصف جزء العلة ويكون معنى عدم قدح التخلف المذكور فيها عدم قدحه في عليتها مع عدم المانع { ولا يشترط } للعلية { العدم عند العدم لأنه قد يوجد الحكم بعلة أخرى } كالحدث يثبت بخروج النجاسة والنوم وغير ذلك ثم أشار إلى بطلان كلام الفريق الثالث بقوله { وقيام النص في الحالين ولا حكم له أمر لا يوجد إلا نادرا } ولا عبرة بالنادر في أحكام الشرع فكيف يجعل أصلا في باب القياس الذي هو أحد الأركان { وأيضا هو غير مسلم في حديث القضاء لأن الغضب لا يوجد بدون شغل القلب ولا يحل القضاء إلا بعد سكونه } أي لا نم انتفاء حكم النص وهو حرمة القضاء مع وجود الغضب وإنما يصح ذلك لو وجد الغضب بدون شغل القلب وهو مم وبهذا القدر يتم المقصود وهو منع قيام النص في الحالين مع عدم حكمه لأن الكل ينتفي بانتفاء بعضه { فصل } { لا يجوز التعليل لاثبات العلة كإحداث تصرف موجب للملك } أي يكون علة لثبوت الملك ولما اتجه أن يقال إنكم اثبتم بالقياس علية مجرد الجنس لحرمة الربا وعلية الأكل والشرب لوجوب الكفارة وعلية القتل بالمثقل لوجوب القصاص عند أبي يوسف ومحمج رحمهما أجاب عن الأول بقوله { وقولنا الجنس بانفراده أي من غير الكيل والزن } يحرم النساء بالنص وهو ما روى أنه عم نهى عن الربا والريبة { والمراد بالريبة شبيهة الربا وهي ثابتة فيما إذا كان الجنس بإفراده موجودا وقد باع نسبة لأن للنقد مزية على النسبة وأجاب عن الاخرين بقوله } وكون الأكل والشرب موجبا للكفارة بدلالة النص الوارد في الواقع { وكذا القصاص في القتل بالمنقل عندهما } ثابت بدلالة النص وهو قوله عم لا قود إلا بالسيف لا بالقياس المستنبط فلا يرد إشكالا علىما ذكر { وصفتها بالجر } أي لا يجوز التعليل لاثبات صفة العلة { كاثبات السوم في الأنعام ولاثبات الشرط أو صفته كالشهود في النكاح } هذا مثال اثبات الشرط { وككونهم رجالا أو مختلطة } مثال اثبات صفة الشرط ولاثبات الحكم أو صفته كصوم بعض اليوم } مثال اثبات الحكم { وكصفته الوتر } مثال اثبات صفة الحكم { لأن فيه } أي فيما ذكر { نصب الشرع بالرأي } ففي اثبات سبب أو صفة اثبات للشرع بالرأي وفي اثبات شرط لحكم شرعي أو صفة بحيث لا يثبت الحكم بدونه إبطال الحكم الشرعي ونسخ بالرأي وفي إثبات شرط لتحكم شرعي أو صفة بحيث لا يثبت الحكم بدونه ابطال الحكم الشرعي ونسخ الرأي وفي اثبات حكم أو صفته ابتداء نصب لاحكام الشرع بالرأي { فلا يجوز ابتداء شيء } من ذلك { وأما إذا كان له أصل فيصح كاشتراط التقابض في بيع الطعام بالطعام } عند الشافعي { فإن له أصلا وهو الصرف ولجوازه } أي لجواز البيع { بدونه } أي بدون التقابض عندنا { أصلا وهو بيع سائر السلع فالتعليل لا يصح إلا للتعدية هذا ما قاله فخر الاسلام } وكلامه في هذا المقام مضطرب فإنه قال في آخر الباب وإنما أنكرنا هذه الجملة إذا لم يوجد في الشريعة أصل يصح تعليه فإما إذا وجد فلا بأس به فلا مساغ لأن يكون مراده مما تقدم أن القياس لا يجري في هذه الأمور أصلا وعلى تقدير أن يكون مراد لا يصح التعليل في هذه الأمور إلا إذا كان لها أصل لا منعنى لتخصيص هذه الأمور بالحكم المذكور ولا فائدة في تفصيلها بل يكفيه أن يقول لا يصح القياس إلا إذا كان له أصل على أن هذا المعنى معلوم من تعريف القياس فإنه تعدية الحكم من الصل إلى الفرع بعلة متحدة { والحق في إثبات العلة أنه ان يثبت ان عليتها لمعنى اخر يصلح للتعليل } لتعليل ذلك الحكم به بأن يكون مؤثرا أو ملايما { فكل شيء يوجد فيه ذلك المعنى يحكم بعليته } لذلك الحكم { لكن هذا لا يكون إثبات العلة بالقياس لأن العلة بالحقيقة ذلك المعنى } المشترك { وان لم يثبت ذلك فلا لأنه يكون تعليلا بالمرسل } تلأنه لم يثبت تاثير ذلك المعنى المناسب ولا ملايمته { وهذا هو ال مختلف فيه } من إثبات العلة بالقياس { فصل } { القياس جلي وخفي فالخفي ما يطلق عليه الاستحسان وهو دليل نصا كان أو اجماعا أو قياسا خفيا وقع في مقابله قياس جلي الذي سبق إليه الافهام } فلا يطلق على نفس الدليل من غير مقابله ثم أنه غلب في اصطلاح أهل الأصول على القياس الخفي خاصة كما غلب اسم القياس على القياس الجلي تمييزا بين القياسين وأما في الفروغ فاطلاق الاستحسان على النص والاجماع عند وقوعهما في مقابلة القياس الجلي شائع { وهو حجة لأن ثبوته بالدلائل التي هي حجة إجماعا } وبعض الناس أنكروه ومرجع إنكارهم إلى الجهل بالمراد لانا لا نعني به إلا دليلا من الأدلة المتفق عليها يقع في مقابلة القياس الجلي ويعمل به إذا كان أقوى من القياس الجلي فلا معنى لانكاره من حيث المعنى وأما التسمية فلا تصلح مرجعا للانكار إذ لا مشاحة في الاصطلاح { لأنه أما بالأثر كالسلم والاجارة وبقاء الصوم في النسيان وأما بالاجماع كالاستصناع وأما الضرورة كطهارة الحياض والابار وأما بالقياس الخفي وذكرو اله } أي للقياس الخفي { قسمين } الأول { ما قوي أثره } أي تأثيره { و} الثاني { ما ظهر صحته } بالنسبة إلى فساده الخفي وهو لا ينافي خفائها بالنسبة إلى ما يقابله من القياس الجلي { وخفي فساده } أي إذا نظر إليه يرى صحته في بادي الراي ثم إذا تؤمل حق التامل علم أنه فاسد { وللجلي } أي ذكر وللقياس الجلي { قسمين ما ضعف أثره وما ظهر فساده وخفي صحته } بأن ينضم على وجه القياس معنى دقيق يورثه قوة ورجحانا على وجه الاستحسان { فإول ذلك } أي القسم الأول من الاستحسان وهو ما قوي اثره { راجح على أول هذا } أي على القسم الأول من القياس وهو ضعف أثره لأن المعتبر هو الأثر لا الظهور { وثاني هذا } أي القسم الثاني من القياس الجلي وهو ما ظهر فساده وخفي صحته { راجح على ثاني ذلك } أي القسم الثاني من الاستحسان وهو ما ظهر صحته وخفي فساده { فالأول } وهو أن يقع القسم الأول من الاستحسان في مقابلة القسم الأول من القياس { كسؤر سباع الطير فإنه نجس قياسا على سؤر سباع البهايم طاهر استحسانا لأنها تشرب بمنقارها وهو عظم طاهر والثاني } وهو أن يقع القسم الثاني من الاستحسان في مقابلة القسم الثاني من القياس { كسجدة التلاوة تؤدي بالركوع قياسا لأنه تعالى جعل الركوع مقام السجدة في قوله تعالى وخر راكعا } أي سقط ساجدا { لا استحسانا لأن الشرع أمر بالسجود فلا يؤدي بالركوع كسجود الصلاة } فإنه لا يتأدى بالركوع { فعملنا بالصحة الباطنة الخفية في القياس وهي أن السجود غير مقصود هنا { أي في التلاوة { وإنما الغفرض ما يصلح تواضعا مخالفة للمتكبرين وكما اختلفا في ذراع المسلم فيه ففي القياس يتخالفان لأنهما اختلفا في المستحق بعقد السلم فيوجب التخالف كما في البيع وهذا قياس جلي يسبق إلى الافهام { وفي الاستحسان } لا يتخافان { لأنهما ما اختلفا في أصل المبيع بل في وصفه } لأن الذراع وصف لأن زيادة الذراع توجب جودة في الثوب بخلاف الكيل والوزن { وذا لا يوجب التخالف } وهذا المعنى أخفى من الأول فيكون هذا استحسانا والأول قياسا { لكن عملنا بالصحة الباطنة للقياس وهي أن الاختلاف في الوصف هنا يوجب الاختلاف في الأصل } ولما لم يكن دليل على انحصار القياس فالاستحسان في هذين القسمين وعلى انحصار التعارض بينهما في هذين الوجهين أورد الأقسام الممكنة عقلا فقال { بالتقسيم العقلي ينقسم كل من القياس والاستحسان إلى ضعيف الاثر وقيوه وعند التعارض } وهو صور أربع { لا يرجح الاستحسان إلا في صورة واحدة } وهي أن يكون الاستحسان قويالأثر والقياس ضعيف الأثر وأما الصور الثلاث الباقية فلا رجحان للاستحسان على القياس أما إذا كان القياس قوي الأثر والاستحسان ضعيف الأثر فظاهر وأما إذا كانا قويين فالقياس يرجح لظهوره وأما إذا كانا ضعيفين فيسقطان أو يعمل بالقياس لظهوره { وإلى صحيح الظاهر والباطن وفسدهما وصحيح الظاهر وفاسد الباطن وبالعكس فالأول من القياس يرجح على كل استحسان وثانيه مردود بقي الأخيران وعكسه فالأول من الاستحسان } أي صحيح الظاهر والباطن { يرجح عليهما } أي على قياس صحيح الظاهر فاسد الباطن وعكسه { وثانيه } أي ثاني الاستحسان وهو فاسد الظاهر والباطن { مردود بقي الأخيران } أي من الاستحسان وهما صحيح الظاهر فاسد الباطن وعكسه { فالتعارض بينهما وبين اخيري القياس أن وقع مع اختلاف النوع } وذلك في صورتين أحديهما أن يعارض صحيح الظاهر فاسد الباطن ومن الاستحسان فاسد الظاهر صحيح الباطن من القياس والثانية من أن يعارض فاسد الظاهر صحيح الباطن من الاستحسان صحيح الظاهر فاسد الباطن من القياس { فما ظهر فساده } في هاتين الصورتين { بادي النظر لكن إذا تؤمل تبين صحة أقوى مما كان على العكس } سواء كان قياسا او استحسانا { ومع اتحاده } أي اتحاد النوع سمي اتفاق القياس والاستحسان في صحة الظاهر وفساد الباطن باتحاد النوع { إن أمكن التعارض فالقياس أولى } كما إذا تعارض استحسان صحيح الظاهر فاسد الباطن قياسا كذلك أو تعارض استحسان فاسد الظاهر صحيح الاطن قياسا كذلك وإنما قال إن أمكن لأنه لم يوجد تعارض القياس الاستحسان على هذه الصفة والظاهر أنه إذا كان الاستحسان على صفة كان القياس على خلاف تلك الصفة لأن القياس لا يكون صحيحا في نفس الأمر الا وقد جعل الشرع وصفا من الأوصاف علة لحكم بمعنى أنه كلما وجد ذلك الوصف بلا مانع يوجد ذلك الحكم لكنه وجد ذلك في الوصف بإحدى الصفتين المذكورتين في الفرع فيوجد الحكم فإن كان القياس بهذه الصفة لا يعارضه قياس صحيح سواء كان جليا أو خفيا لأنه لا يمكن أن يجعل الشرع وصفا آخر علة لنقيض ذلك الحكم المذكور أي بمعنى أنه كلما وجد ذلك الوصف مطلقا أو بلا مانع يوجد ذلك الحكم ثم يوجد هذا الوصف في الفرع إذ لو كان كذلك يلزم حكم الشرع بالتناقض وهو محال على الشارع تعالى وتقدس فعلم أن تعارض قياسين صحيحين في الواقع ممتنع وإنما يقع التعارض لجهلنا بالصحيح والفاسد فالتعارض لا يقع بين قياس قوي الأثر واستحسان كذلك وكذا لا يقع بين قياس صحسح الظاهر والباطن وبين استحسان كذلك وكذا لا يقع بين قياس فاسد ال ظاهر الباطل وصحيح الباطن وبين استحسان كذلك وكذا بين قياس صحيح الظاهر فاسد الباطن وبين استحسان كذلك { قيل وما ذكر من حيث القوة والضعف فعند التحقيق داخل في هذا التفصيل أيضا } لأنه لا يخلوا إما أن يكون صحيح الباطن والفاسد الباطن وعلى كل من التقديرين لا يخلوا من أنه إذا تؤمل حق التأمل يتبين صحته أو يتبين فساده وإذا كان القسمة منحصرة في هذه الأقسام فقوي الأثر وضعيفه لا يخلوا من أحد هذه الأقسام قطعا وفيه نظر لانا لا نم أنه قوي الأثر لا يخلو من أحج هذه الاقسام لكن باعتبار آخر غير داخل فيها وتداخل الاقسام ضروري فيما إذا قسم الشيء تقسيمات متعددة باعتبارات مختلفة كما يقال الاسم إما ثلاثي أو رباعي أو خماسي وباعتبار آخر إما منصرف أو غير منصرف وباعتبار آخر إما معرب أو مبني { والمستحسن بالقياس الخفي يعدى } إلى صورة أخرى { لا المستحسن بغير من الأثر والاجماع والضرورة لأنه معدول عن سنن القياس } مثاله أن فيالاختلاف في الثمن قبل قبض المبيع واليمين على المشتري فقط قياسا لأنه المنكر وحده { لأنه لا يدعي شيئا حتى يكون البائع أيضا منكرا فهذا قياس جلي على سائر التصرفات } وعليهما قياسا خفيا لأن البائع ينكر وجوب تسليم المبيع { بما أقر به المشتري من الثمن كما أن المشتري ينكر وجوب زيادة الثمن وإنما لم يذكر في المتن لانفهامه مما تقدم { فتعدى } حكم التخالف { إلى الوارثين } أي إلى وارثي العاقدين إذا اختلفا في الثمن بعد موتها { وإلىالمؤجر والمستأجر } فإنهما إذا اختلفا في مقدار الأجرة قبل العمل تخالفا لأن كلا منهما يصلح مدعيا ومنكرا والإجارة تحتمل الفسخ { وأما بعد القبض فثبوته } أي ثبوت التخالف { بقوله عم إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة تخالفا وترادا فلا يعدى } إلى الوارث { ولا إلى حال هلاك السلعة } لأنه غير معقول المعنى إذ البائع لا ينكر شيئا والمراد بالرد رد الماخوذ أو رد العقد { والاستحسان ليس من تخصيص العلة على ما يأتي } في تخصيص العلة إن ترك القياس بدليل أقوى لا يكون تخصيصا { فصل } { في دفع العلل المؤثرة } أي الاعتراضات الواردة على العلل المؤثرة { منه النقض وهو وجود العلة في صورة مع تخلف الحكم ودفعه } أي الجواب عنه يكون { باربع طرق الأول منع وجود العلة في صورة النقض نحو خرج النجاسة علة لانتقاض فنوقض بالقليل } الذي لم يسل من رأس الجرح { فنمنع الخروج فيه } لأنه الانتقال من مكان إلى مكان ولا يوجد ذلك الى عند السيلان { وكذا ملك بدل المغصوب يوجب ملكه } أي ملك المغصوب لئلا يجتمع البدل والمبدل في ملك شخص واحد { فنوقض بالمدبر } لأن الحكم مختلف في غصب المدبر لأنه غير قابل للانتقال من ملك إلى ملك عندكم { فنمنع ملك بدله } أي بدل المغصوب { فإن ضمان المدبر ليس بدلا عن العين بل عن اليد الفائتة والثاني منع معنى العلة في صورة النقض } أي المعنى الذي صار العلة علة لأجله { وهو بالنسبة إلى العلة كالثابت بدلالة النص بالنسبة إلى المنصوص } بمعنى أن الوصف بواسطة معناه اللغوي يدل على معنى آخر هو مؤثر في الحكم فإن كون المسح تطهيرا حكميا غير معقول المعنى ثابت باسم المسح لغة لأنه الاصابة وهي تنبىء عن التخفيف دون التطهير الحقيقي { نتحو مسح فلا يسن فيه التثليث كمسح الخف فنوقض بالاستنجاء فنمنع في الاستنجاء المعنى الذي في المسح وهو أنه تطهير حكمي غير معقول لاجله } أي لأجل أنه تطهير حكمي غير معقول { لا يسن في المسح التثليث لأنه لتوكيد التطهير المعقول فلا يفيد التثليث في المسح كما في التيمم ويشفيد في الاستنجاء } لأن التطهير فيه معقول { الثالث قلوا هو الدفع بالحكم } وهو أن يمنع تخلف الحكم عن العلة في صورة النقض { وذكر فخر الاسلام له أمثلة خروج النجاسة علة لانتقاض وملك بدل المغصوب علة لملك المغصوب وحل الاتلاف لاحياء المهجة لا ينافي عصمة المال كما في المخمصة فيضمن الجمل الصائل } يعني أنه لا يسقط عصمة الجمل الصائل بإباحة قتله لابقاء روح المصول عليه { فنوقض بالمستحاضة } فإن خروج النجاسة موجود فيها بدون الانتقاض { والمدبر } فإنه لا يكون ملك بدل المغصوب علة في المدبر { ومال الباغي } فإن العادل إ ... ذا أتلف مال الباغيحال القتال لاحياء المهجة لا يجب الضمان فعلم ان نحل الاتلاف لاحياء المهجة تنافي العصمة { فأجاب فخر الاسلام في الأولين بالمانع } أي إنما تخلف الحكم فيهما بالمانع { لكن هذا تخصيص العلة ونحن لا نقول به وفي الثالث بأنا لانم أن حل الاتلاف ينافي العصمة في مال الباغي } فإن عصمة مال الباغي لم ينتف بحل الاتلاف { بل إنما انتفت } العصمة { للبغي والضابط المتنزع من هذه الصورة وهي صورة أن الحم المدعى وجوب الضمان والعلة حل الاتلاف والأصل صورة المخمصة والفرع صورة الجمل الصائل والنقض مال الباغي } إن المعلل ادعى حكما أصليا لا يرتفع إلا بالعرض كالعصمة هنا { لأن الأصل في أموال المسلمين العصمة { وليس في المتنازع } وهو الجمل الصائل { إلا عارض واحد } وهو حل الاتلاف { وأثبت بالقياس } على المخمصة { أن هذا العارض لا يرفعه } أي الحكم الأصل وهو العصمة { كما في المخمصة } فبقي العصمة في الجمل الصائل فيجب الضمان { فنوقض بصورة كمال الباغي } تفإن حل الاتلاف رافع للعصمة في ماله { فأجاب } فخر الاسلام { بان الرافع } للعصمة في مال الباغي { شيء آخر } وهو البغي لاحل الاتلاف { فهذا بيان أن علة الحكم في صورة النقض شيء آخر } فلا يكون ذلك من صور الدفع بالحكم والظاهر أنه لا جهة لمنع انتفاء الحم فيه إذ لا نزاع في عدم وجوب الضمان فيه وأيضا حل الاتلاف لا يلائم وجوب الضمان فضلا عن التأثير { والمثال الصحيح للدفع بالحكم هو القصد إلى الصلاة مع خروج النجاسة علة لوجوب الوضوء فيجب في غير السبيلين فنوقض بالتيمم } في صورة عدم القدرة على الماء فإنه يوجد القصد إلى الصلاة مع خروج النجاسة ومع ذلك لا يجب الوضوء { فنمنع عدم وجوب الوضوء فيه بل الوضوء واجب لكن التيمم خلف عنه الرابع الدفع بالغرض } وهو أن يقول الغرض التسوية بين الأصل والفرع فكما أن العلة موجودة في الصورتين فكذا الحكم وكما أن ظهور الحكم قد يتأخر عن الفرع فكذا في الأصل فاتلسوية تحاصلة بكل حال { نحو الدم خارج نجس } فيكون ناقضا { فنوقض باستحاضة فنقول الغرض التسوية بين السبيلين وغيرهما فإنه } أي فإن الخارج النجس { حدث ثمة } أي في السبيلين { لكن اذا استمر يصير عفوا } ويسقط حكم الحدث في تلك الحالة ضرورة توجه الخطاب بإداء الصلاة { فكذا هنا } أي في غير السبيلين أيضا يكون حدنا ويصير عفوا عند الاستمرار كما في الرعاف الدائم { ثم اعلم أنه إن تيسر الدفع } أي دفع النقض { بهذا الطرق فبها وإلا فإن لم يوج
Page 266