{ فصل الأمر المطلق } عن قرينة العموم والتكرار وعدمها { عند البعض يوجب العموم والتكرار } عموم الفعل شموله إفراده وتكراره وقوعه مرة بعد أخرى ويفترقان في مثل تلقى نفسك لجواز أن يقصد العموم دون التكرار { لأن أفعل مختصر من اطلب منك الفعل وهو اسم جنس يفيد العموم } هذا بيان إيجابه العموم وأما إيجابه إيجابه التكرار فبيانه بما ذكر بعده فتمام التعليل بمجموعهما لا بكل منهما فلذلك لم يفصل بينهما بإعادة أداة التعليل { وسؤال السائل } في الحج بقوله { ألعامنا هذا أم للأبد } فهم التكرار من الأمر وقد علم أن لا حرج في الدين فأشكل عليه فسأل وفهمه حجة لأنه من أهل اللسان { قلنا } سكت عن الجواب بمنع الجزء الأول من البيان المذكور اكتفاء بانفهامه مما سيأتي من تقرير حجة الشافعي وأجاب بمنع جزئه الثاني بقوله { دلالته } أي دلالة السؤال المذكور { على الاحتمال أظهر } لأن الاستفسار عن أحد المعنيين إنما يحسن إذا اعتملها الكلام فالاستدلاله به حق القائل بالاحتمال دون القائل بالإيجاب { وعند زفر والشافعي يحتملها } لم يقل يحتمله لما عرفت أن العموم يفارق التكرار في محل الخلاف الآتي ذكره { لأنه لطلب الحقيقة } يعني مدلول الأمر طلب حقيقة الفعل والخصوص والعموم والمرة والتكرار بالنسبة إلى الحقيقة أمر خارجي فيجب أن يحصل الامتثال بها مع أيهما يحصل ولا يتقيد بأحد المتقابلين دون الآخر { قلنا لا ينفي } ما ذكر { الذلالة } عليهما { بالصيغة } يعني ما ذكر إنما يدل على أ،ه لا يدل عليهما بالمادة ولا يلزم منه أن لا يدل عليهما بالصيغة { وعند بعض علمائنا لا يحتمل العموم أصلا ولا التكرار إلا إذا علق بشرط } كما في قوله تعالى { وإنكنتم جنبا فاطهروا { أو خص بوصف } كما في قوله تعالى { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما } { فح يوجبه } أي يوجب التكرار حتى لا ينتفي إلا بدليل { لأن الاستقراء دل على ذلك يعني أن استقراء أو أمر الشرع من الجنسين المذكورين دل على أنه فهم التكرار من نفس اتعليق والتخصيص { قلنا ممنوع } يعني لا ثم دلالة الاستقراء عليه { والتكرار الازم إنما لزم من تجدد السبب المقتضى لتجدد المسبب لا من التعليق والتخصيص وموجبه } أي موجب هذا القول { أي يثبت التكرار في أن دخلت الدار فطلقي نفسك } إلا أنه لم ينقل هذا الجواب عن أصحاب القول المذكور فلذلك لم يذكر في معرض الثمرة له { وعند عامة علمائنا لا يتمل واحد منهما أصلا لا، المصدر فرد فلا يقع إلا على الواحد حقيقة وهو الراجح } حتى لا يتوقف على قرينة ولا على نية بخلاف قرينة الآتي ذكره { أو حكما } وهو ل الأفراد لأنه جنس واحد فإن الطلاق جنس من أجناس التصرفات وكثرة الأجزاء والجزئيات لا يمنع هذا النوع من الوحدة { وإذا مرجوح فلا يثبت إلا بالنية } ولا يذهب عليك أن تقرير حجة الشافعي قد تضمن الجواب عن استدلال العامة ثم أن قولهم المصدر لا يقع على العدد المحض على خلاف ما صرح به العلامة الزمخشري في تفسير قوله تعالى { كانتا رتقا ففتقناهما } بقوله الرتق صالح بأن يقع موضع مرتوقين لأنه مصدر { ففي طلقي نفسك يتعين الثلاث } لم يقل يوجب لأن الإيجاب من خصائص أوامر الشرع { على المذهب الأول ويحتلم الاثنين والثلاث على } المذهب { الثاني ويقع على الواحد ويصح نية الثلاث فقط } أي لاحتمال الاثنين لما مر { على } المذهب { الرابع } وأما المذهب الثالث فلا دخل له في هذه المسألة { وقوله تعالى { فاقطعوا أيديهما } لا يراد به كل الأفراد } أي كل أفراد القاطع { إجماعا فيراد الواحد } أي يتعين إرادة القطع الواحد بحكم أن مصدر الأمر لا يحتمل العدد فلم يدل على قطع اليسار لقائل أن يقول نعم لا دلالة فيه على قطع اليسار عبارة لكن فيه دلالة عليه دلاله بناء على تكرر السبب ولامدفع لذلك إلا بأن يقال دل قرأة ابن مسعود رضي الله عنه على أن المراد من الأيدي الأيمان وفيه أنه ح يضيع التمسك بالأصل الذي تقدم ذكره .
Page 149