Taghr Bassam
الثغر البسام في ذكر من ولى قضاة الشام
Genres
[83]
الخطابة بالجامع الأموي، فقدم في ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين. ثم لما قدم السلطان في سنة ثلاث وتسعين ولاه القضاء في ذي الحجة، فباشر بعفة ومهابة زائدة وتصميم في الأمور مع نفوذ كلمة. وكان يكاتب السلطان بما يريد فيرجع الجواب بما يختاره. وانضبطت الأوقاف في أيامه وحصل للفقهاء معاليم كثيرة.
ودرس الفقه والتفسير في مدارس القضاء وغيرها، ودرس بالشامية الجوانية والركنية في ربيع الآخر سنة اثنتين وثمان مئة عوضا عن ابن سري الدين بولاية النائب تنبك، وولي مشيخة الشيوخ، انتزعها من كاتب السر ابن أبي الطيب في شهر ربيع الأول سنة أربع وتسعين. ثم وقعت له أمور أوجبت تغير خاطر السلطان عليه، منها انه طلب منه أن يقرضه من مال الأيتام شيئا فامتنع، فعزله بعد ما باشر سنتين ونصف في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين. وكشف عليه وعقدت له المجالس، وحصل في حقه تعصب، ولفقت عليه قضايا باطلة اظهر الله تعالى براءته فيها. ولم يسمع عنه مع كثرة أعدائه انه ارتشى في حكم من الأحكام، ولا أخذ شيئا من قضاء البر، كما فعل من بعده من القضاء. ثم ولي خطابة القدس مدة طويلة، ثم خطابة دمشق ومشيخة الشيوخ غير مرة. ثم ولاه الناصر القضاء في صفر سنة اثنتي عشرة وثمان مئة، فلم يمكنه إجراء الأمور على ما كان عليه أولا. لتغير الأحوال واختلاف الدولة. ثم صرفه الأمير شيخ عند استيلائه على دمشق في جمادى الآخرة من السنة. وفي فتنة الناصر ولي قضاء الديار المصرية مدة الحصار، ثم انتفض. وكان خطيبا بليغا له اليد الطولى في النظم والنثر مع السرعة في ذلك. وكان من أعظم أنصار الحق وأعوانه، ظاهر الديانة، كثير البكاء. وكتب بخطه الكثير، وجمع أشياء. توفي يوم الخميس خامس المحرم سنة ست عشرة وثمان مئة. وكانت جنازته مشهورة ودفن بالسفح بحوش زاوية أبي بكر بن داود.
Page 128