قال الحسن ﵁: إن كان النبي ﷺ عن مشاورتهم لغنيًا، ولكنه أراد أن يستن بذلك الحكام بعده، ولا يشاور إذ نزل به المشكل إلا عالمًا، بالكتاب والسنة، والآثار، وأقاويل الناس، والقياس، وإن العرب، ولا يقبل وإن كان أعلم منه
حتى يعلم كعلمه أن ذلك لازم له، من حيث لم تختلف الرواية فيه، أو بدلالة
عليه، أو أنه لا يحتمل وجهًا أظهر منه.
* * *
قال الله ﷿: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (١٦٤)
الرسالة: باب (ما نزل عامًا دلت السنة خاصة على أنه يراد به الخاص):
قال الشَّافِعِي ﵀: قال المئه تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ) الآية.
وذكر غيرها من الآيات التي وردت في معناها
ثم قال: فذكر الله الكتاب: وهو القرآن، وذكر الحكمة، فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: الحكمة: سنة رسول الله ﷺ.
وهذا ما يشبه ما قال - والله أعلم -؛ لأن القرآن ذُكِرَ وأتبِعَثهُ الحكمة.
ودكَرَ الله مَنَّهُ على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة، فلم يجز - والله أعلم - أن يقال الحكمة ها هنا إلا سنة رسول الله ﷺ، لما وصفنا، من أن الله جعل الإيمان برسوله مقرونًا بالإيمان به.
وسنة رسوله مبينة عن الله معنى ما أراد، دليلًا على خاصهِ وعامهِ.
ثم قرن الحكمة بها بكتابه فأتبعها إياه، ولم يجعل هذا لأحد من خَلقه غير رسوله ﷺ.