264

Tafsīr al-Qurʾān al-Karīm (Ibn al-Qayyim)

تفسير القرآن الكريم (ابن القيم)

Editor

مكتب الدراسات والبحوث العربية والإسلامية بإشراف الشيخ إبراهيم رمضان

Publisher

دار ومكتبة الهلال

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٠ هـ

Publisher Location

بيروت

فهذا الاعتراض على هذا المسلك.
فصل
المسلك الثاني: أن قريبا في الآية من باب تأويل المؤنث بمذكر موافق له في المعنى كقول الشاعر:
أري رجلا منهم أسيفا كأنما ... يضم إلى كشحيه كفا مخضبا
فكف مؤنث ولكن تأويله بمعنى عضو وطرف فذكر صفته فكذلك تؤوّل الرحمة وهي مؤنثة بالإحسان فيذكر خبرها.
قالوا وتأويل الرحمة بالإحسان أولى من تأويل الكف بعضو لوجهين أحدهما: أن الرحمة معنى قائم بالراحم والإحسان هو بر المرحوم ومعنى القرب في البر من الحسنين أظهر منه في الرحمة.
الثاني: أن ملاحظة الإحسان بالرحمة الموصوفة بالقرب من المحسنين هو مقابلة للإحسان الذي صدر منهم باعتبار المقابلة ازداد المعنى قوة واللفظ جزالة حتى كأنه قال إن إحسان الله قريب من أهل الإحسان، كما قال تعالى: ٥٥: ٦٠ هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ فذكر قريبا ليفهم منه أنه صفة المذكر وهو الإحسان فيفهم المقابلة المطلوبة.
قالوا: ومن تأويل بمذكر ما أنشده الفراء:
وقائع في مضر تسعة ... وفي وائل كانت العاشرة
فتأول الوقائع وهو مؤنثة بأيام الحرب المذكرة فأنث العدد الجاري عليها فقال «تسعة» ولولا هذا التأويل لقال تسع لأن الوقائع مؤنثة.
قالوا: وإذا جاز تأويل المذكر بمؤنث في قول من قال: جاءته كتابي أي صحيفتي. وفي قول الشاعر:
يا أيها الراكب المربى مطيته ... سائل بني أسد ما هذه الصوت

1 / 271