31

Tafsir Quran

تفسير السمعاني

Investigator

ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم

Publisher

دار الوطن

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨هـ- ١٩٩٧م

Publisher Location

الرياض - السعودية

﴿متشابها وَلَهُم فِيهَا أَزوَاج مطهرة وهم فِيهَا خَالدُونَ (٢٥) إِن الله لَا يستحيي أَن يضْرب مثلا مَا بعوضة فَمَا فَوْقهَا فَأَما الَّذين آمنُوا فيعلمون أَنه﴾ لَا نعْبد إِلَهًا يذكر الذُّبَاب وَالْعَنْكَبُوت، فَنزل قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الله لَا يستحيي﴾ أَي: لَا يمْتَنع وَلَا يتْرك ﴿أَن يضْرب مثلا﴾ أَي: يذكر مثلا ﴿مَا بعوضة﴾ (مَا) للصلة هَاهُنَا، أَي: مثلا بالبعوضة. قَالَ الشَّاعِر: (قَالَت أَلا ليتما هَذَا الْحمام لنا ... إِلَى حمامتنا أَو نصفه فقد) مَعْنَاهُ أَي: لَيْت هَذَا الْحمام لنا. والبعوض: صغَار البق، سميت بعوضة لِأَنَّهَا بعض البق. ﴿فَمَا فَوْقهَا﴾ مَعْنَاهُ: فَمَا دونهَا؛ كَمَا يُقَال: فلَان جَاهِل، فَيُقَال: وَفَوق ذَلِك. يَعْنِي: أَجْهَل من ذَلِك، فَكَذَلِك قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَا فَوْقهَا﴾ يَعْنِي: فِي الصغر، وأصغر من ذَلِك، وَقيل: فَمَا فَوْقهَا على الْحَقِيقَة؛ لِأَنَّهُ ضرب الْمثل بالذباب، وَالْعَنْكَبُوت. قَالَ الرّبيع بن أنس: مثل الْبَعُوضَة مثل صَاحب الدُّنْيَا؛ لِأَن دأب الْبَعُوضَة أَنَّهَا إِذا شبعت هَلَكت، وَإِذا جاعت عاشت؛ كَذَلِك صَاحب الدُّنْيَا إِذا استكثر من الدُّنْيَا هلك، وَإِذا اسْتَقل مِنْهَا فَازَ وَنَجَا. وَقيل: إِن حكم الله تَعَالَى فِي صغَار خلقه أَكثر من حكمه فِي كبار خلقه. قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأَما الَّذين آمنُوا فيعلمون أَنه الْحق من رَبهم﴾ يَعْنِي: أَنه الصدْق من رَبهم. ﴿وَأما الَّذين كفرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ الله بِهَذَا مثلا﴾ أَي شَيْء أَرَادَ الله بِهَذَا الْمثل؟ يَقُول الله تَعَالَى: ﴿يضل بِهِ كثيرا وَيهْدِي بِهِ كثيرا﴾ أَي: أَرَادَ هَذَا، والإضلال: هُوَ الصّرْف عَن الْحق إِلَى الْبَاطِل. وَقيل: الإضلال هُوَ الإهلاك؛ يُقَال: ضل اللَّبن فِي المَاء أَي: هلك. ﴿وَيهْدِي بِهِ كثيرا﴾ أَي: ويرشد بِهِ كثيرا. ﴿وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين﴾ يَعْنِي: الْكَافرين. وَالْفِسْق: هُوَ الْخُرُوج عَن طَاعَة الرب؛ يُقَال: فسقت (الرّطبَة) إِذا خرجت

1 / 61