23

Tafsir Quran

تفسير السمعاني

Investigator

ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم

Publisher

دار الوطن

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨هـ- ١٩٩٧م

Publisher Location

الرياض - السعودية

﴿حوله ذهب الله بنورهم وتركهم فِي ظلمات لَا يبصرون (١٧) صم بكم عمي فهم لَا يرجعُونَ (١٨) أَو كصيب من السَّمَاء فِيهِ ظلمات ورعد﴾ يكن دَاخِلا فِي صلته. بِمَعْنى: أَنَّك حرمتني صلتك، كَذَلِك قَوْله تَعَالَى: ﴿ذهب الله بنورهم﴾ أَي: حرمهم ذَلِك النُّور. (وتركهم فِي ظلمات) أَي: شَدَائِد ﴿لَا يبصرون﴾ الْحق.
قَوْله: (صم بكم عمي فهم لَا يرجعُونَ) فالصم: جمع الْأَصَم، وَهُوَ الَّذِي لَا يسمع، والبكم: جمع الأبكم، وَهُوَ الَّذِي لَا ينْطق، وَولد على الخرس. والعمي: جمع الْأَعْمَى، وَهُوَ الَّذِي لَا يبصر؛ فَمَعْنَاه أَنهم صم لَا يبصرون الْحق، وَلَا يعرفونه كَأَنَّهُمْ لم يسمعوا؛ وَهُوَ مثل قَول الشَّاعِر: (أَصمّ عَمَّا سَاءَهُ سميع ...) أَي: لَا يسمع مَا سَاءَهُ مَعَ كَونه سميعا. ﴿بكم﴾ يَعْنِي: أَنهم لما أبطنوا خلاف مَا أظهرُوا؛ فكأنهم لم ينطقوا بِالْحَقِّ. ﴿عمي﴾ أَي: لَا بصائر لَهُم، وَمن لَا بَصِيرَة لَهُ كمن لَا بصر لَهُ. ﴿فهم لَا يرجعُونَ﴾ عَمَّا هم عَلَيْهِ من الضَّلَالَة.
قَوْله تَعَالَى ﴿أَو كصيب من السَّمَاء فِيهِ ظلمات ورعد وبرق﴾ الْآيَة. فالصيب: الْمَطَر، وكل مَا نزل من الْأَعْلَى إِلَى الْأَسْفَل فَهُوَ صيب، من قَوْلهم: صاب يصوب، إِذا نزل. وَقيل: الْأَهْل مُضْمر فِيهِ، أَي: كَأَهل الصيب؛ كَقَوْلِه ﴿واسأل الْقرْيَة﴾ أَي: أهل الْقرْيَة. ﴿من السَّمَاء﴾ كل مَا علا فَهُوَ سَمَاء. فالسقف سَمَاء، والسحاب سَمَاء، وَمَا فَوْقه سَمَاء، وَأَرَادَ بِهِ السَّحَاب هَهُنَا. ﴿فِيهِ ظلمات﴾ يعْنى: فِي السَّحَاب؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَن ظلمَة، أَلا ترَاهُ يغشى وَجه

1 / 53