188

Tafsir Quran

تفسير السمعاني

Investigator

ياسر بن إبراهيم وغنيم بن عباس بن غنيم

Publisher

دار الوطن

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨هـ- ١٩٩٧م

Publisher Location

الرياض - السعودية

(﴿٢١٨) يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر قل فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس وإثمهما أكبر من﴾ وَلِأَنَّهُ رُبمَا يرتكب فِي الْمُسْتَقْبل مَا يسْتَوْجب بِهِ الْعقَاب. ﴿وَالله غَفُور رَحِيم﴾ فالغفور: الستور. والرحيم: العطوف.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر﴾ فالخمر: كل شراب مُسكر، وسمى الْمُسكر: خمرًا؛ لِأَنَّهُ يخَامر الْعقل ويستره. وأصل الْخمر: السّتْر والتغطية. وَمِنْه الْخمار؛ لِأَنَّهُ يستر الرَّأْس. وَيُقَال: دخل فلَان فِي خمار النَّاس، أَي تستر فيهم. وَقَالَ عمر ﵁: الْخمر مَا خامر الْعقل. وَهُوَ حجَّة أَصْحَاب الحَدِيث على أَن كل مُسكر خمر، وَمِنْه يُقَال للسكران من أَي شراب: كَانَ مخمورا. وَالْميسر: الْقمَار. وَقَالَ ابْن مَسْعُود: دعوا الكعاب فَإِنَّهُ من الميسر. وَقَالَ ابْن سِيرِين: كل مَا يعلب بِهِ فَهُوَ ميسر، حَتَّى الْجَوْز الَّذِي يلْعَب بِهِ الصّبيان. ثمَّ اخْتلفُوا فِي تَحْرِيم الْخمر أَنه بِأَيّ آيَة كَانَ؟ . قَالَ بَعضهم: هُوَ بِهَذِهِ الْآيَة، فَإِنَّهُ قَالَ: (قل فيهمَا إِثْم كَبِير) " وَلَفظ الْإِثْم " يدل على التَّحْرِيم؛ فَإِنَّهُ حرم الْخمر بِلَفْظ الْإِثْم فِي آيَة أُخْرَى، حَيْثُ قَالَ: ﴿قل إِنَّمَا حرم رَبِّي الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وَالْإِثْم﴾ وَأَرَادَ بِهِ: الْخمر. وَمِنْه قَول الشَّاعِر: (شربت الْإِثْم حَتَّى ضل عَقْلِي ... كَذَاك الْإِثْم يذهب بالعقول) وَقَالَ ابْن عَبَّاس، وَأكْثر الْمُفَسّرين: إِن تَحْرِيم الْخمر بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة. بِأَنَّهُ لما نزلت هَذِه الْآيَة: ﴿قل فيهمَا إِثْم كَبِير﴾ فَانْتهى بَعضهم، وَلم ينْتَه الْبَعْض. فَنزل قَوْله: ﴿لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾ فَكَانُوا يتحينون للشُّرْب حَتَّى كَانَ

1 / 218