366

[البقرة: 217]. وليس مختلا من حيث اللفظ لأنا قد استدللنا على جواز ذلك ولا من حيث المعنى كما زعم الزمخشري بل المعنى عليه ويكون على تقدير حذف أي يفتيكم في متلوهن وفيما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء. وحذف لدلالة قوله: وما يتلى عليكم في الكتاب. وإضافة متلو إلى ضميرهن سائغة إذ الإضافة تكون بأدنى ملابسة لما كان متلوا فيهن صحت الاضافة إليهن، كما جاء:

بل مكر اليل والنهار

[سبأ: 33]، لما كان المكر يقع فيهما صحت الإضافة إليهما. ومن ذلك قول الشاعر:

إذا كوكب الخرقاء لاح بسمرة

وأما قول الزمخشري: لاختلاله في اللفظ والمعنى فهو قول الزجاج بعينه. قال الزجاج: وهذا بعيد بالنسبة إلى اللفظ وإلى المعنى، أما اللفظ فإنه يقتضي عطف المظهر على المضمر وذلك غير جائز كما لم يجز في قوله:

تسآءلون به والأرحام

[النساء: 1]، وأما المعنى فإنه تعالى أفتى في تلك المسائل وتقدير العطف على الضمير يقتضي أنه أفتى فيما يتلى عليكم في الكتاب. ومعلوم أنه ليس المراد ذلك، وإنما المراد أنه تعالى يفتي فيما سألوه من المسائل. " انتهى كلامه ".

وقد بينا صحة المعنى على تقديره ذلك المحذوف والرفع على العطف على الله أو على ضميره يخرجه عن التأسيس وعلى الابتداء تخرج الجملة بأسرها عن التأسيس وكذلك الجر على القسم، والنصب بإضمار فعل، والعطف على الضمير يجعله تأسيسا، وإذا دار الأمر بين التأسيس والتأكيد كان حمله على التأسيس أولى ولا يذهب إلى التأكيد إلا عند إتضاح عدم التأسيس.

قال الزمخشري: فإن قلت: بم تعلق قوله: في يتامى النساء؟ قلت: في الوجه الأول هو صلة يتلى عليكم في معناهن ويجوز أن يكون في يتامى الناس بدلا من فيهن، وإما في الوجهين الأخيرين فبدل لا غير. " انتهى كلامه ".

ويعني بقوله: في الوجه الأول أن يكون وما يتلى في موضع رفع فاما ما أجازه في هذا الوجه من أنه يكون صلة يتلى، فلا يتصور إلا إن كان في يتامى بدلا من في الكتاب، أو تكون في للسبب لئلا يتعلق حرفا جر بمعنى واحد بفعل واحد، وهو لا يجوز إلا إن كان على طريقة البدل أو بالعطف. واما ما أجازه في هذا الوجه أيضا من أن في يتامى النساء بدل من فيهن فالظاهر أنه لا يجوز للفصل بين البدل والمبدل منه بالعطف. ونظير هذا التركيب: زيد يقيم في الدار، وعمرو في كسر منها، ففصلت بين في الدار وبين في كسر منها بالعطف والتركيب المعتود زيد يقيم في الدار في كسر منها وعمرو.

Unknown page