حق تقاته
[آل عمران: 102].
{ ويحذركم الله نفسه } قال ابن عباس: بطشه.
{ وإلى الله المصير } أي الصيرورة والمرجع فيجازيكم ان ارتكبتم موالاتهم بعد النهي.
[3.29-31]
{ قل إن تخفوا } الآية تقدم تفسير نظيرها في البقرة، والمعنى: أنه تعالى مطلع على خفايا الأمور وجلاياها ومرتب عليها الثواب والعقاب.
{ ويعلم ما في السموت } ذكر عموما بعد خصوص وختمها بسعة قدرته تعالى.
{ يوم تجد } ويضعف نصبه بقوله: ويحذركم لطول الفصل هذا من جهة اللفظ، أما من جهة المعنى فلأن التحذير موجود، واليوم موعود فلا يصح له العمل فيه ويضعف انتصابه بالمصير للفصل بين المصدر ومعموله، ويضعف نصبه بقدير لأن قدرته على كل شيء لا تختص بيوم دون يوم بل هو تعالى متصف بالقدرة دائما وأما نصبه بإضمار فعل فالإضمار على خلاف الأصل وهذه أقوال للمعربين. وقال الزمخشري: يوم تجد منصوب بتود، والضمير في بيته أي يوم القيامة حين تجد كل نفس خيرها وشرها حاضر بين تتمنى. { لو أن بينها } وبين ذلك اليوم وهو له.
{ أمدا بعيدا } انتهى. وهذا التخريج. والظاهر في بادىء النظر حسنه وترجيحه إذ يظهر أنه ليس فيه شيء من مضعفات الأقوال السابقة لكن في جواز هذه المسألة ونظائرها خلاف مذكور في النحو. وأجاز الزمخشري وابن عطية أن تكون ما موصولة مبتدأة وخبرها تود بدأ بذلك أبو البقاء واتفقا على أنه لا يجوز أن يكون وما عملت من سوء شرطا. قال الزمخشري: لارتفاع تود. وقال ابن عطية: لأن الفعل مستقبل مرفوع يقتضي جزمه اللهم إلا أن يقدر في الكلام محذوف أي نهي تود وفي ذلك ضعف. انتهى. وظهر من كلاميهما امتناع الشرط لأجل رفع تود وهو في الكلام جائز مسموع من العرب لكن امتناعه هنا لغير ذلك وهو ان ارتفاعه على مذهب سيبويه من أن النية بالمرفوع التقديم ويكون إذ ذاك دليلا على الجواب لا نفس الجواب فنقول إذا كان تود منويا به التقديم أدى إلى تقدم المضمر على ظاهره. في غير الأبواب المستثناة في العربية، ألا ترى أن الضمير في قوله: وبينه، عائد على اسم الشرط الذي هو ما فيصير التقدير تود كل نفس لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ما عملت من سوء فيلزم من هذا التقرير تقدم المضمر على الظاهر وذلك لا يجوز. (فإن قلت): لم لا يجوز ذلك والضمير قد تأخر عن اسم الشرط فإن كانت نيته التقديم فقد حصل عدد الضمير على الإسم الظاهر قبله وذلك نظير ضرب زيدا غلامه فالفاعل رتبته التقديم ووجب تأخيره لصحة عود الضمير. (فالجواب): أن اشتمال الدليل على ضمير اسم الشرط يوجب تأخيره عنه لعود الضمير فيلزم من ذلك اقتضاء جملة الشرط لجملة الدليل وجملة الشرط إنما تقتضي جملة الجزاء لا جملة دليله ألا ترى أنها ليست بعاملة في جملة الدليل بل انها تعمل في جملة الجزاء وجملة الدليل لا موضع لها من الإعراب وإذا كان هذا تدافع الأمر لأنها من حيث هي جملة دليل لا يقتضيها فعل الشرط ومن حيث عدد الضمير على اسم الشريط اقتضتها فتدافعا، وهذا بخلاف: ضرب زيدا غلامه، وهي جملة واحدة، والفعل عامل في الفاعل والمفعول معا فكل واحد منهما يقتضي صاحبه ولذلك جاز عند بعضهم: ضرب غلامها هندا، لاشتراك الفاعل المضاف للضمير والمفعول الذي عاد عليه الضمير في العامل وامتنع ضرب غلامها جار هند لعدم الإشتراك في العامل فهذا فرق ما بين المسألتين ولا يحفظ من لسان العرب أود لو أني أكرمه أيا ضربت هند لأنه يلزم منه تقديم المضمر على مفسره في غير المواضع التي ذكرها النحويون فلذلك لا يجوز تأخيره.
وقرىء من سوء ودت فعلى هذا يجوز أن تكون ما شرطية مفعولة بعملت ومبتدأه على مذهب الفراء والضمير العائد محذوف أي عملته لأنه يجيز ذلك في فصيح الكلام وفي الكلام حذف تقديره محضرا تسربه ومن سوء محضرا حذف تسربه من الأول ومحضرا من الثاني. والمعنى من سوء محضرا تكرهه وعبر عن فرط الكراهة بقوله: تود أن بينها وبينه أمدا بعيدا ولو على قول الجمهور حرف لما كان سيقع لوقوع غيره وجوابها محذوف تقديره كسر به ومفعول تود محذوف تقديره تود تباعد ما بينهما ومن ذهب إلى أن لو مصدرية بمعنى أن فيبعد لأن أن ومعموليها في تقدير مصدر فيكون حرف مصدري دخل على حرف مصدري. وقوله: أمدا بعيدا أي غاية طويلة.
Unknown page