وجاء هنا { معدودات } بالجمع وهناك معدودة بالصفة التي تصلح للواحدة من المؤنث وهما فصيحان.
{ ما كانوا يفترون } أي ما كانوا يختلقون من الكذب كقولهم هذا وقولهم نحن أبناء الله وأحباؤه وغير ذلك فكيف يجوز أن يكون في موضع نصب التقدير فكيف يصنعون وفي موضع رفع خبر المبتدأ محذوف التقدير فكيف حالهم وإذا معمول لذلك المحذوف.
{ ليوم لا ريب فيه } وهو يوم القيامة أي لجزاء يوم.
{ قل اللهم مالك الملك } الآية سبب نزولها ما أخبر عليه السلام من ظهور ملك أمته على قصور العجم وعلى قصور الروم وقصور اليمن من الضربات التي ضربها على الصخرة يوم الخندق فبرقت ثلاث مرات، أي عليه السلام تلك القصور فعيره المنافقون بأنه يحفر الخندق ويضرب بالمعول ويخبر أن ملك أمته يكون بالمواضع المذكورة، واللهم منادى والميم زائدة ولا يجمع بينهما وبين حرف النداء في مذهب البصريين. (قال) ابن عطية:
أجمعوا على أنها يعني اللهم مضمومة الهاء مشددة الميم المفتوحة وانها منادى. " انتهى " ما ذكره من الإجماع على تشديد الميم فقد نقل الفراء تخفيفها في بعض اللغات قال وأنشدني بعضهم:
كحلفة من أبي رباح يسمعها اللهم الكبار
قال: الراد عليه تخفيف الميم خطأ فاحش خصوصا عند الفراء ولأن عنده أن الميم هي التي في أمنا إذ لا يحتمل التخفيف أن تكون الميم فيه بقية. امنا. (قال): والرواية الصحيحة يسمعها لاه الكبار. " انتهى ". وإن صح هذا البيت الذي أنشده الفراء عن العرب كان فيه شذوذ آخر من حيث استعماله في غير النداء ألا ترى أنه جعله في هذا البيت فاعلا بالفعل الذي قبله. ومالك الملك: منصوب على أنه منادى ثان ولا يجوز عند سيبويه نصبه على أن يكون صفة لقوله: اللهم. ومعنى مالك الملك أي يتصرف فيه كما يريد ولذلك جاء تبيين التصرف بعد في قوله:
{ تؤتي الملك من تشآء } الآية وجاء فيها مقابلة الإيتاء بالنزع والإذلال بالاعزاز ثم ختم بقدرته العامة الناشىء عنها ما ذكر. وقوله:
{ بيدك الخير } اقتصر عليه لأن الآية في معنى المدح وإن كان عز وجل بيده الخير والشر على مذهب أهل السنة، قال الزمخشري: (فإن قلت): كيف قال: بيدك الخير فذكر الخير دون الشر. (قلت): لأن الكلام إنما وقع في الخير الذي يسوقه إلى المؤمنين وهو الذي أنكرته الكفرة.
فقال: بيدك الخير تؤتيه أولياءك على رغم من أعدائك ولأن كل أفعال الله من نافع وضار صادر عن الحكمة والمصلحة فهو خير كله. انتهى كلامه. وهذا يدافع آخره أوله لأنه ذكر السؤال ثم اقتصر على ذكر الخير دون الشر وأجاب بالجواب الأول وذلك يدل على أن بيده تعالى الخير والشر وإنما كان الاقتصار على الخير لأن الكلام إنما وقع فيما يسوقه تعالى من الخير للمؤمنين فناسب الاقتصار على ذكر الخير فقط، وأجاب بالجواب الثاني. وذلك يدل على أن جميع أفعاله خير ليس فيها شر وهذا الجواب يناقض الأول لأن الآية في معنى المدح، وإن كان سبحانه بيده الخير والشر على مذهب أهل السنة.
Unknown page