222

قال الزمخشري: (فإن قلت): إنما لم يحركوا لالتقاء الساكنين في ميم لأنهم أرادوا الوقف وأمكنهم النطق بساكنين فإذا جاء ساكن ثالث لم يكن إلا التحريك فحركوا (قلت): الدليل على أن الحركة ليست لملاقاة الساكن انهم كان يمكنهم أن يقولوا واحد اثنان بسكون الدال مع طرح الهمزة فجمعوا بين ساكنين كما قالوا اصيم تصغيرا ومذيق، فلما حركوا الدال علم أن حركتها هي حركة الهمزة الساقطة لا غير وليست لالتقاء الساكنين. " انتهى ". وفي سؤاله تعمية في قوله: فإن قلت إنما لم يحركوا لالتقاء الساكنين ويعني بالساكن الياء والميم في ميم، وحينئذ يجيء التعليل بقوله: لأنهم أرادوا الوقف وأمكنهم النطق بساكنين يعني الياء والميم، ثم قال: فإذا جاء ساكن ثالث يعني لام التعريف لم يمكن إلا التحريك يعني في الميم فحركوا يعني الميم لالتقائها ساكنة مع لام التعريف إذ لو لم يحركوا لاجتمع ثلاث سواكن وهو لا يمكن، هذا شرح سؤاله. وأما الجواب عن سؤاله فلا يطابق لأنه استدل على أن الحركة ليست لملاقاة ساكن بإمكانية الجمع بين ساكنين في قولهم واحد اثنان بأن يسكنوا الدال والثاء ساكنة وتسقط الهمزة فعولوا عن هذا الامكان إلى نقل حركة الهمزة إلى الدال وهذه مكابرة في المحسوس إذ لا يمكن ذلك أصلا، ولا هو في قدرة البشر أن يجمعوا في النطق بين سكون الدال وسكون الثاء وطرح الهمزة. وأما قوله: فجمعوا بين ساكنين، فلا يمكن الجمع كما قلناه، وأما قوله: كما قالوا أصيم ومذيق فهذا ممكن كما هو في واد وصال لأنه في ذلك التقاء الساكنين على حدهما المشروط في النحو فأمكن النطق به، وليس مثل واحد اثنان لأن الساكن الأول ليس حرف علة ولا الثاني مدغم فلا يمكن الجمع بينهما وأما قوله فلما حركوا الدال علم أن حركتها هي حركة الهمزة الساقطة لا غير وليست لالتقاء الساكنين لما بين على أن الجمع بين الساكنين في واحد اثنان ممكن، وحركة التقاء الساكنين إنما هي في باب ما لا يمكن أن يجتمعا فيه في اللفظ أدعى أن حركة الدال هي حركة الهمزة الساقطة لا لإلتقاء الساكنين، وقد ذكرنا عدم إمكان ذلك. فإن صح كسر الدال كما نقل هذا الرجل فتكون حركتها لالتقاء الساكنين لا للنقل. وقد رد قول الفراء واختيار الزمخشري إياه بأن قيل: لا يجوز أن تكون حركة الميم حركة الهمزة ألقيت عليها لما في ذلك من الفساد والتدافع وذلك أن سكون آخر الميم إنما هو على نية الوقف عليها وإلقاء حركة الهمزة عليها إنما هو على نية الوصل ونية الوصل توجب حذف الهمزة ونية الوقف على ما قبلها موجب ثباتها وثباتها وقطعها متناقض وهو رد صحيح.

والذي تحرر في هذه الكلمات أن العرب إذا سردت أسماء من غير تركيب ما كانت تلك الأسماء مسكنة الآخر وصلا ووقفا، فلو التقى آخر مسكن منها بساكن آخر حرك لالتقاء الساكنين فهذه الحركة التي في الم الله هي حركة التقاء الساكنين.

{ الله لا إله إلا هو الحي القيوم } كلا مبتدأ جملة راده على نصارى نجران فالجلالة مبتدأ خبره ما بعده. وقرىء القيام والقيم.

{ نزل عليك الكتب } خاطب المنزل عليه تشريفا له ولم يذكر المنزل عليه التوراة والإنجيل. والباء في بالحق للسبب أو للحال.

{ مصدقا لما بين يديه } أي من الكتب الإلهية ونزل استئناف إخبار. ومن أجاز تعداد الأخبار أجاز أن يكون خبرا بعد خبر. ومصدقا حال مؤكدة لازمة وما بين يديه المتقدم في الزمان، يقال: هو بين يديه إذا كان قدامه غير بعيد.

{ وأنزل التوراة والإنجيل } قال الزمخشري: التوراة والإنجيل اسمان أعجميان وتكلف استشقاقهما من الورى والبخل ووزنهما بتفعلة وافعيل إنما يصح بعد كونهما عربيين. " انتهى ". ونقول: إنهما اسمان عبرانيان فلا يدخلهما اشتقاق عربي بنص النحاة، ثم تكلموا فيهما على تقدير أنهما عربيات ، فالتوراة فوعلة والتاء بدل من واو أو تفعلة بكسر عين الكلمة قلبت الياء ألفا وانفتح ما قبلها كالناصاة في الناصية أو تفعلة بفتح العين أقوال واشتقاقها من مصدر وروي الزند أو مصدر وريت والإنجيل افعيل من البخل وهو الماء الذي ينز من الأرض أو من البخل وهو الولد أو من البخل وهو الأصل أقوال ونزل وأنزل بمعنى واحد.

{ من قبل } أي من قبل إنزال الكتاب عليك.

و { هدى } مصدر في موضع الحال أو مفعول من أجله ولا يلزم وقوع الهداية بالفعل لجميع الناس.

{ وأنزل الفرقان } جنس الكتب السماوية لأنها تفرق بين الحق والباطل أو القرآن. بما فيه من الوصف تعظيما لشأنه وهو مصدر في الأصل، والظاهر أنه أريد به الفارق ويجوز أن يراد به المفروق. كما قال وقرآنا مزقناه، ولما ذكر إنزال الكتب الإلهية توعد من كفر بها.

{ لهم عذاب شديد } في الدنيا بالقتل والأسر والغلبة وفي الآخرة بالنار والذين كفروا عام يدخل فيه من نزلت الآيات بسببه وغيره.

Unknown page