واقتلوهم حيث ثقفتموهم} وجدتموهم، والثقف: وجود على وجه الأخذ والغلبة، {وأخرجوهم من حيث أخرجوكم} من مكة وغيرها، {والفتنة أشد من القتل} والفتنة هاهنا: فعل معصية الله ظاهرا بين ظهراني الإسلام، مع القدرة على تغييرها وإنكارها، وهي أشد من قتال فاعليها، لأن ذلك يرجى انكشافها (¬1) ، ويطاع الله ولايعصى إلا سريرة، فإن ذلك لايضر إلا فاعلها. {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه} أي ولا تبدأوا بقتالهم في الحرم حتى يبتدئوا. {فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين(191)}.
{فإن انتهوا} عن معاصي الله، {فإن الله غفور} لما سلف من ذنوبهم {رحيم(192)} بقبول توبتهم.
{وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} معصية يجب إنكارها، {ويكون الدين لله} خالصا، ليس للشيطان نصيب، أي لا يعبد دونه شيء ظاهرا: هوى ولا شيطان ولا نفس ولا دنيا، {فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين(193)} أنفسهم بحب الأدنى.
{الشهر الحرام بالشهر الحرام} أي: وهذا الشهر بذاك الشهر وهتكه بهتكه، يعني تهتكون حرمته عليهم كما هتكوا حرمته عليكم، {والحرمات قصاص} أي: كل حرمة يجزي يجزي (¬2) فيها القصاص، من هتك حرمة أي حرمة كانت اقتص منه بأن تهتك له حرمة (¬3) ، فحين هتكوا حرمة شهركم فافعلوا بهم [46] نحو ذلك؛ وأكد ذلك بقوله: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} أي: بعقوبة مماثلة لعداواتهم. {واتقوا الله} في ما حده وفرضه وبينه، {واعلموا أن الله مع المتقين(194)} بالنصر والتوفيق.
{
¬__________
(¬1) - ... في الأصل: «انكشفافهاها».
(¬2) - ... كذا في الأصل: والصواب - «يجزي».
(¬3) - ... يمكن أن نقرأ: «حرمه».
Page 98