{ وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم} أي لا يفعل ذلك بعضكم ببعض؛ وقيل: لا تسيئوا جوار من جاوركم فتلجئوهم إلى الخروج بسوء جواركم. {ثم أقررتم} بالميثاق واعترفتم بلزومه، {وأنتم تشهدون(84)} [23] عليها، كما يقول فلان مقر (¬1) على نفسه بكذا شاهدا عليها.
{ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم} غير مراقبين ميثاق الله. {تظاهرون} أي تتعاونون، {عليهم بالإثم والعدوان} بالمعصية والظلم، {وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب} بفداء الأسارى، {وتكفرون ببعض} بالقتل والإجلاء، قيل: أخذ الله عليهم أربعة عهود: ترك القتل وترك الإخراج وترك المظاهرة وفداء الأسير، فأعرضوا عن كل ما أمروا به إلا الفداء. {فما جزاء من يفعل ذلك منكم} هو إشارة إلى الإيمان ببعض والكفر ببعض، {إلا خزي} فضيحة وهوان لأن الخزي والهوان والعذاب في الدنيا حال بكل من عبد الشيطان عند من تحقق أمرهم ولم تغره ظواهر الأمور، {في الحياة الدنيا} ما دام حيا إلا أن يتوب، {ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب} وهو الذي لا روح فيه ولا فرج، أو إلى أشد من عذاب الدنيا، {وما الله بغافل عما تعملون(85)}.
{أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة} اختاروها على الآخرة اختيار المشتري، {فلا يخفف عنهم} يهون {العذاب ولا هم ينصرون(86)}.
{ولقد آتينا موسى الكتاب } التوراة، {وقفينا} أتبعنا من القفا، {من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات} المعجزات الواضحات، {وأيدناه بروح القدس} قيل: بجبريل، لأنه يأتي بما فيه حياة القلوب، {أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم} تعظمتم عن قبوله، {ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون(87)}.
{
¬__________
(¬1) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: «مقرا».
Page 56