وإذ قال موسى لقومه}: عباد العجل، {يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل} معبودا، {فتوبوا إلى بارئكم} خالقكم الذي خلق الخلق أبرياء من التفاوت؛ وفيه تقريع لما كان منهم من ترك عبادة العالم الحكيم الذي برأهم أبرياء من التفاوت إلى عبادة البقر الذي هو مثل في الغباوة والبلادة، {فاقتلوا أنفسكم} فرض عليهم قتل أنفسهم إذ ظلموا أنفسهم باتخاذهم العجل، وكان ذلك توبة لهم، إذ قال: {فتبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم}، فلما قتلوا أنفسهم كان ذلك توبة الله عليهم، وكانت تلك طاعة عليهم؛ يبتلي الله خلقه بما يشاء، {ذلكم خير لكم عند بارئكم} (¬1) ، {فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم(54)} يغفر الذنوب وإن كثرت.
{وإذ قلتم: يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة} عيانا، {فأخذتكم الصاعقة} أي الموت؛ قيل: هي نار نزلت من السماء فأحرقتهم. روي أن السبعين الذين اختارهم موسى، وكانوا معه عند الانطلاق إلى الجبل، فقالوا له: نحن لم نعبد العجل كما عبده هؤلاء فأرنا الله جهرة، فقال موسى: سألته عن ذلك فأباه علي، قالوا: إنك رأيت الله، فلن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فبعث الله عليهم صاعقة فأحرقتهم.
{وأنتم تنظرون(55)} إليها حين نزلت، {ثم بعثناكم} أحييناكم، {من بعد موتكم لعلكم تشكرون(56)} فيما بقي من العمر، قيل: هو (¬2) الشكر، هو الطاعة بجميع الجوارح في السر والعلانية؛ وقيل: شكر كل نعمة أن لا نعصي الله بعد تلك النعمة؛ وقيل: حقيقة الشكر: العجز عن الشكر.
{
¬__________
(¬1) - ... هذه الآية غير مفسرة في المتن.
(¬2) - ... كذا في الأصل، والصواب: - «هو»، أي: «قيل: الشكر هو الطاعة».
Page 44