كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم} جميع ما كلفه الله العباد تأباه نفوسهم ومكروه في طباعهم وهو مناط صلاحهم، وسبب فلاحهم. {وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم} وهو جميع ما نهوا عنه، فالنفس تحبه وتهواه وهو يفضي بها إلى الردى وإنما قال: «عسى» لأن النفس إذا ارتاضت تنعكس لأمر عليها[كذا]، {والله يعلم} ما فيه صلاحكم {وأنتم لا تعلمون(216)} ذلك فبادروا إلى ما يأمركم به وإن شق عليكم.
{يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله} أي: منع المشركين [له] وأصحابه عن البيت، {وكفر به} أي بالله، {والمسجد الحرام} عطف على سبيل الله، {وإخراج أهله} أي أهل المسجد الحرام، {منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل، ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم} إخبار عن دوام معاداة المشركين للمسلمين، وأنهم لا ينفكون عنها حتى يردوهم عن دينهم. {إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون(217)} سموا أصحابها لأنها خلقت لهم وخلقوا لها.
{إن الذين آمنوا والذين هاجروا} جميع حظوظ النفس، {وجاهدوا في سبيل الله} جهاد الظاهر والباطن، {أولئك يرجون رحمة الله} معناه أولئك يستحقون أن يرجوا (¬1) رحمة الله، لأن من رجا طلب، ومن خاف هرب. {والله غفور رحيم(218)}.
{
¬__________
(¬1) - ... في الأصل: «أن يرجون»، وهو خطأ.
Page 110