Tafsir Muyassar

Sacid Kindi d. 1207 AH
107

Tafsir Muyassar

التفسير الميسر لسعيد الكندي

Genres

كان الناس أمة واحدة} قال أبو سعيد: «فجاء في التأويل أنهم كانوا أمة واحدة في معرفته تبارك وتعالى، يعبدونه بمعرفته ولم يكن لهم غير ذلك قبل أن يبعث الله الرسل، ولم يكن لهم في مخالفة ذلك ولا الشك فيه ولا في شيء منه إلا بالاعتراف له بآياته وشواهد فضله وعدله وقدرته وحكمته وما أظهر من آياته، ولم يكونوا قبل ذلك ليبلغوا إلى ما لم يأتهم به الرسل من الأمر والنهي الذي يتعبدهم الله به، ولا بالكتب التي ينزلها الله عليهم، ولا بالرسل التي يرسلها الله إليهم، وإنما كانت العبادة له قبل الرسل له تبارك وتعالى، بصحة المعرفة له وإخلاص الطاعة له، والعبادة بالاستسلام له والإيمان به وبآياته. قال الله تبارك تعالى: {كان الناس أمة واحدة} على هذا فاختلفوا في عبادته قبل أن يرسل إليهم الرسل، منهم الشاك ومنهم الجاحد ومنهم المعطل ومنهم العابد معه غيره. قال: {فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} فجاءت الرسل والكتب عن الله مبشرة لمن أطاعه وعبده، وشاهدة له بالصواب والثواب؛ ومنذرة لمن عصاه وشاهدة عليه بباطله ومخالفته، وبالعقاب على ذلك. {فبعث الله النبيين مبشرين} المؤمنين بالثواب، {ومنذرين} الكافرين بالعقاب، {وأنزل معهم الكتاب} مع كل واحد كتابه، {بالحق ليحكم} الله أو الكتاب أوالنبيء المنزل عليهم. {بين الناس فيما اختلفوا فيه} في دين الإسلام، {وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه} أي الكتاب المنزل لإزالة الاختلاف، أي [ما] ازدادوا إلا اختلافا لما أنزل عليهم الكتاب. {من بعد ما جاءتهم البينات} الواضحات على صدقه، {بغيا بينهم} حسدا بينهم وظلما، لحرصهم على الدنيا وقلة الإنصاف منهم.

Page 107