352

Tafsīr al-Muwaṭṭaʾ liʾl-Qanāzaʿī

تفسير الموطأ للقنازعي

Editor

الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري

Publisher

دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

Publisher Location

قطر

Genres

ابنِ عبَّاسٍ في رَجُلٍ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ في يَدِهَا، فَطَلَّقَتْهُ ثَلاَثًا، فقالَ ابنُ عبَّاسٍ: (خَطّأَ اللهُ نَوْءَهَا) يَعْنِي: دَعَا عَلَيْهَا أنْ لا يُصِيبَ المَطَرُ بِلاَدَهَا، ثُمَّ قَالَ: (أَلاَ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلاَثًا) (١)، يُرِيدُ ابنُ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا لَمَّا طَلَّقَتْهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلاَقًا حتَّى تُطَلِّقَ نَفْسَهَا، فهَذا هُوَ الإخْتِلاَفُ الذي سَمِعَهُ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ في هَذِه المَسْأَلةِ.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: الإيْلاَءُ هُوَ اليَمِينُ والإمْتِنَاعُ مِنْ فِعْلِ الشَّيءِ، يُقَالُ: آلى فُلاَنٌ أنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا وكَذَا، إذا حَلَفَ أنْ لا يَفْعَلْهُ.
قالَ مَالِكٌ: ولَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُولِيًا حتَّى يَحْلِفَ أنْ لا يَطَأَ امْرَأَتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فإذا زَادَ على ذَلِكَ كَانَ قَاصِدًَا إلى الضَّرَرِ، فَيُمْنَعُ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يُوقِفَهُ السُّلْطَانُ على الفَيْئَةِ إلى الوَطءِ، والتَمَادِي فِيمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فإنْ أَبَى أَنْ يَرْجِعَ إلى الوَطْءِ طَلَّقَ عَلَيْهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً، ولَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ مَا دَامَتْ في العِدَّةِ.
* وقالَ مَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ وسَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ: أنْ [بانْقِضَاءِ] (٢) الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ يَقَعُ على المُولي الطَّلَاقُ [٢٠٤٧ و٢٠٤٨].
* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: الصَّحِيحُ في هَذا مَا قَالَهُ عَليٌّ وابنُ عُمَرَ أَنَّهُ يُوقَفُ بَعْدَ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ، فإمَّا أَنْ يَفِيءَ، وإمَّا أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ، وبهِ قَالَ مَالِكٌ [٢٠٤٥ و٢٠٤٦]، لأَنَّ اللهَ ﵎ قالَ: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾ [البقرة: ٢٢٦]، فَهَذا حِلٌّ لا يُمْنَعُ المُولِي مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: ﴿فَإِنْ فَاءُوا﴾ فَفَيْئَتُهُ لَا تُعْرَفُ إلَّا بأنْ يُوقَفَ هَلْ يَفِيءَ أَمْ لَا يَفِيءَ، ولَيْسَ تُعْرَفُ فَيْئَتُهُ بانْقِضَاءِ الأَشْهُرِ دُونَ تَوْقِيفٍ.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إذا قَالَ المُولِى عِنْدَ تَوْقِيفِ الحُكْمِ لَهُ: أَنا أَفِيءُ، ثُمَّ مَنَعَهُ مِنْ الوَطْءِ عُذْرٌ بمنٌ كانَ ارْتجَاعُهُ إيَّاهَا ثَابِتًَا عَلَيْهَا في العِدَّةِ، فإذا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وبَانَتْ مِنْهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَمْ يُصِبْهَا حتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ تَزَوَّجَهَا، وُقِفَ أَيْضًا، فإنْ لَمْ يَفِيءَ دَخَلَ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ بالإيْلاَءِ الأَوَّلِ، ولَمْ تَكُنْ له عَلَيْهَا رَجْعَةٌ،

(١) رواه عبد الرزاق ٦/ ٥٢٠، وابن أبي شيبة ٥/ ٥٧، والطبراني في المعجم الكبير ٩/ ٣٣٣، والبيهقي في السنن ٧/ ٣٤٩.
(٢) جاء في الأصل: مالاقضاء، وما وضعته هو المناسب للسياق.

1 / 365