260

Tafsir Muwatta

تفسير الموطأ للقنازعي

Investigator

الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري

Publisher

دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

Publisher Location

قطر

Genres

لأَنَّ اللهَ إنَّمَا أَمَرَ بأَخْذِهَا في كِتَابهِ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ (١). وحُجَّةُ أَهْلِ المَدِينَةِ أَخْذُ النبيِّ ﷺ الجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ البَحْرَيْنِ ثُمَّ الخُلَفَاءُ بَعْدَهُ، وهَؤُلاَءِ هُمُ العُلَمَاءُ بِتَأْوِيلِ كِتَابِ اللهِ ﷿. * ومَعْنَى قَوْلِ النبيِّ ﷺ في المَجُوسِ: "سُنُّوا بِهم سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ " [٩٦٨]، يعنِي: في أَخَذِ الجِزْيةِ خَاصَّةً، لا في مُنَاكَحَةِ نِسَائِهِم، ولا في أَكْلِ ذِبَائِهِم، قالَ اللهُ ﷿: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ [البقرة:٢٢١] وهُنَّ [المَجُوسِيَّاتِ] (٢) والوَثَنِيَّاتِ مِمَّن لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، وقالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١٢١] يَعْنِي: لا تَأْكُلُوا مَا ذَبَحَهُ غيْرُ أَهْلِ الكِتَابِ مِنَ المَجُوسِ وعَبَدَةِ الأَوْثَانِ، وأَبَاحَ اللهُ تَعَالَى نِكَاحَ حَرَائِرِ أَهْلِ الكِتَابِ وأَكْلِ ذَبَائِحِهم، فقالَ: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾، وقال: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾ [المائدة: ٥]، والمَجُوسُ بِخِلاَفِ هذا كُلِّه، إلَّا في أَخْذِ الجِزْيةِ كما تُؤخَذُ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، لِقَولِ النبيِّ ﷺ: "سُنُّوا بِهم سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ". قالَ عبدُ المَلِكِ بنُ حَبِيبٍ: أَوَّلُ مَا فَرَضَ اللهُ الجِزْيةَ على أَهْلِ الذِّمَّةِ وبَيَّنَ كَيْفَ تُؤْخَذُ مِنْهُم عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، وذَلِكَ أَنَّهُ لمَّا وَجَّه عَمْرو بنُ العَاصِي إلى مَصْرَ فَافْتَتَحَها كَتَبَ إلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُهُ في أَنْ يُقْسِمَ الأَرْضَ على الذينِ افْتَتَحُوهَا كمَا يُقْسِمَ عليهِم سَائِرَ الغَنِيمَةِ، فَكَتَبَ إليه عُمَرُ أن يُقْسِمَ مَا سَوَى الأَرْضِ ويُبْقِيهَا بِعُمَّالِهَا ولا يَقْسِمْهَا، وتَأوَّلَ قَوْلَ اللهِ ﷿: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ [الحشر: ١٠]، فأَبْقَى الأَرْضَ لِمَنْ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِم مِنَ المُسْلِمينَ بعدَ الذينَ افْتَتَحُوهَا، ثُمَّ جَعَلَ على كُلِّ عِلْجٍ مِنْهُم أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ في العَامِ، وجَعَلَ على الأَرْضِ خَرَاجًا على حِدَة، وتَرَكَهُم عُمَّالًا لها، ولَمْ يَعْرِضْ على نِسَائِهِم،

(١) هذا قول جماعة من أهل الحجاز وأهل العراق، وإليه ذهب الشافعي، ينظر: الكافي لإبن عبد البر ١/ ٢٠٨. (٢) جاء في الأصل: (المجسيات)، وهو خطأ.

1 / 273