Tafsir Muwatta
تفسير الموطأ للقنازعي
Investigator
الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري
Publisher
دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Publisher Location
قطر
Genres
قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: لَيْسَ يُحْتَجُّ في إسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ بِمِثْلِ قَوْلِ عَائِشَةَ: (أَنَّهُ لا زَكَاةَ فيه) (١)، وذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ صَاحِبَةُ حُلِيٍّ، ولَمْ يُحْفَظْ عَنْهَا أنَّ النبيَّ ﷺ أَمَرَهَا بِزَكَاتهِ، وبهذَا قالَ ابنُ مَسْعُودٍ، وابنُ عُمَرَ، وأنسُ بنُ مَالِكٍ، وجَابِرُ بنُ عبدِ الله وغُيْرُهم مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ.
ولَمْ يَكُنْ في اللُّؤْلُؤِ، ولَا المِسْكِ، ولَا العَنْبَرِ زَكَاةٌ، لأَنَّ ذَلِكَ ليسَ بِعَيْنٍ، وإنَّمَا هُوَ عَرَضٌ، وقَالَ ابنُ عبَّاس: (لَيْسَ في العَنْبرِ زَكَاةٌ، لأنَّهُ شَيءٌ دَسَرَهُ البَحْرُ) (٢)، يعنِي: رَمَى بهِ البَحْرُ.
* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: أَوْجَبَ عُمَرُ، وعَلَيٌّ، وعَائِشَةُ وغَيْرُهُم الزَّكَاةَ في أَمْوَالِ اليَتَامَى مِنْ أَجْلِ أَنَّ الزَّكَاةَ في الأَمْوَالِ لَا علَى الأَبْدَانِ، لِقَوْلهِ تعالَى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: ١٠٣] يعنِي: الزَّكَاةَ، وقَدْ أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ علَى أنَ على اليَتَامَى زَكَاةَ الفِطْرِ، فَكَذَلِكَ تَجِبُ عَلَيْهِم زَكَاةُ الأَمْوَالِ، وقالَ عُمَرُ: (اتَّجِرُوا بأَمْوَالِ اليَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزكَاة) [٨٦٣].
قالىَ عِيسَى: تَفْسِيرُهُ أَنْ يَتَّجِرَ وَلِيُّ اليَتِيمِ بِمَالهِ، وتَكُونَ زَكَاتُهُ مِنْ رِبْحِه، ويَجُوزُ للوَليِّ أَنْ يَدْفَعَ مَالَ اليَتِيمِ قِرَاضًَا إلى أَهْلِ الأمَانَةِ والثِّقَةِ، ولَا ضَمَانَ عليهِ إنْ تَلِفَ المَالُ، فإنْ دَفَعَهُ إلى غَيْرِ ثِقَةٍ وتَلِفَ المَالُ ضَمِنَهُ الوَليُّ لِتَعَدِّيهِ.
* [قالَ أَبو المُطَرِّفِ]: قَوْلُ مَالِكٍ: (إذا هَلَكَ الرَّجُلُ ولمْ يُؤَدِّ زَكَاةَ مَالهِ أَنّهَا تُبَدَّاَ على الوَصَايَا، وأنَّهَا بمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ) [٨٦٩]، يُرِيدُ مَالِكٌ بهذَا القَوْلِ: أَنَّهُ لمَّا كَانَ الدَّيْنُ مُبَدَّاَ على المِيرَاثِ كَذَلِكَ تَكُونُ الزَّكَاةُ المُفَرَّطُ فِيها مُبَدَّاَةٌ في الثُّلُثِ على جَمِيعِ الوَصَايَا، وإنَّمَا هذَا إذا أَوْصَى بِها المَيِّتُ أَنْ تُخْرَجَ، وقَدْ يُبَدَّاَ عَلَيْهَا المُدَبَّرُ في الصِّحَةِ (٣)، وإنَّما بُدِّأ المُدَبَّرُ على الزَّكَاةِ مِنْ أَجْلِ أَنَ مَنْ دَبَّرَ عَبْدَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ
(١) رواه عبد الرزاق ٤/ ٨٢، وابن أبي شيبة ٣/ ١٥٤. (٢) رواه ابن أبي شيبة ٣/ ١٤٢، والبيهقي في السنن ٤/ ١٤٦. (٣) المدبَّر هو الذي عُلّق عتقه بموت سيِّده، سمي بذلك لأن الموت دبر الحياة، أو لأن فاعله دبّر أمر دنياه وآخرته، أما دنياه فبإستمراره على الإنتفاع بخدمة عبده، وأما آخرته =
1 / 253